الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حوار هادئ  مع نقيب الصحفيين

حوار هادئ مع نقيب الصحفيين

لا يختلف اثنان على أن جلسات الحوار الوطنى، التى دعا لها الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد أتاحت فرصًا عادلة لجميع المشاركين من التيارات والقوى السياسية بمختلف انتماءاتها واتجاهاتها السياسية والفكرية، لطرح الآراء والأفكار والمقترحات فى كافة القضايا الوطنية، دون قيود أو شروط أو خطوط حمراء، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية تمتلك الإرادة السياسية الكاملة للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، المعارضة قبل المؤيدة، وإنجاح جلسات الحوار وتنفيذ مخرجاته، ما دامت تحقق آمال وطموحات الشعب المصرى فى الجمهورية الجديدة.



لذلك فإن النقاشات الموضوعية وحالة السجال التى شهدتها جلسة الحوار الوطنى الخاصة بقضية حرية الرأى والتعبير، و«التى عرض خلالها الزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين، مطالب الجمعية العمومية»، تتيح لنا إمكانية إجراء حوار هادئ مع السيد نقيب الصحفيين، بشأن مشاكل الصحافة والصحفيين، التى تبحث عن حلول جذرية، خصوصا أن نقيب الصحفيين تتسم شخصيته بالهدوء والرصانة وسعة الصدر، وأن قلبه قبل مكتبه مفتوح دائمًا للاستماع للآراء المختلفة المعارضة قبل المؤيدة.

■ ■ ■

من المعروف أن الزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين، هو أحد أبناء «روزاليوسف»، تلك المؤسسة الصحفية الوطنية العريقة، «التى أشرف بالانتماء إليها»، ساهمت فى الدفع بعشرات الكوادر المتميزة التى قادت منظومة العمل العام فى مجال الصحافة والإعلام وحققت فيها نجاحات ملموسة، ثم بعد فترة ليست بالقصيرة، ترك «البلشى» العمل بمؤسسة روزاليوسف من أجل تنفيذ عدد من تجاربه الصحفية الورقية والالكترونية، ما جعله على معرفة ودراية  كاملة بمشاكل وهموم صحفيى الصحف الخاصة والحزبية.

خلال كلمته اعتقد عدد غير قليل من زملاء المهنة أن الزميل خالد البلشى تجاهل مشاكل الصحف الحزبية والخاصة التى يعمل بها نحو 57% من أعضاء الجمعية العمومية، وهى الكتلة الانتخابية الكبرى التى أثرت بشكل كبير فى مسار الانتخابات الماضية، رغم تشابه التحديات التى تواجه الصحافة الورقية بمختلف أنواع ملكيتها «قومية.. حزبية.. خاصة»، ليس فى مصر فقط، بل فى مختلف دول العالم.

لا يختلف أحد على أن الزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين، يقع على عاتقه تحقيق مصالح جميع أعضاء الجمعية العمومية، وليس فئة دون غيرها، ولذلك عليه أن يجيب على السؤال المهم. هل نحن فى حاجة إلى رد الاعتبار إلى الصحافة القومية فقط، أم وضع استراتيجية شاملة للنهوض بالصحافة الورقية «قومية .. حزبية.. وخاصة»؟،  والحفاظ على مستقبلها فى ظل الإعلام الرقمى وتأثيرات وسائل السوشيال ميديا، لما تمثله الصحافة الورقية من قوة فاعلة فى المجتمع، فالصحافة الورقية كانت وستظل إحدي أذرع القوة الناعمة للدولة المصرية، لما تتمتع به من مصداقية وموضوعية، وانحياز لاهتمامات المواطنين، ولمؤسسات الدولة الوطنية، كما تصدت وبكل قوة إلى ماكينة الشائعات الزائفة والأخبار الكاذبة التى دأبت على إطلاقها الميليشيات الالكترونية للجماعة الإرهابية، بهدف زعزعة ثقة المصريين فى أنفسهم وفى مؤسساتهم الوطنية.

■ ■ ■

نعلم جميعًا أن فترة الـ 6 أشهر منذ انتخاب نقيب الصحفيين، مدة زمنية غير كافية لحل جميع مشاكل الجماعة الصحفية، ولكن أعتقد أنها مدة كافية لوضع استراتيجية واضحة الملامح، وآليات قابلة للتنفيذ لحل تلك المشاكل، وهنا أتساءل لماذا تأخرت الدعوة لانعقاد مؤتمر عام يضع حلولًا لمشاكل مهنة الصحافة، ومستقبل الصحافة الورقية فى ظل التحديات الكبيرة التى طرأت عليها فى السنوات الأخيرة؟.

نعم.. على مدار الأشهر القليلة الماضية.. انتاب أعضاء الجمعية العمومية حالة من البهجة والسرور من التغيرات التى شهدها مبنى نقابة الصحفيين، بوضع كراسى مريحة بكافة أدوار النقابة ووضع ضوابط ميسرة لدخول المبنى لكافة الزملاء العاملين بمهنة الصحافة سواء من يحملون كارنية النقابة، أو الصحفيين تحت التمرين، ولكن مازالت النقابة لم تفتح أبوابها بعد لمناقشة قضايا الصحف المتوقفة والزملاء المفصولين تعسفيا، فما شاهدناه وتابعناه مجرد سجالات وبيانات مضادة بين أعضاء مجلس النقابة، دون تقديم خدمات ملموسة تلبى طموحات أعضاء الجمعية العمومية، فملف الرعاية الصحية على سبيل المثال لم يشهد تطويرا وما زال يعانى من مشاكل جسيمة خصوصا أن عددا من المستشفيات والأطباء تم إلغاء تعاقداتها مع النقابة، بسبب «عدم/ تأخر» دفع مستحقاتهم، دون إخطار أعضاء الجمعية العمومية بأسماء تلك المستشفيات أو الأطباء مما يضعهم فى حرج شديد، ويرفع من تكلفة العلاج، فهذا الملف يحتاج إلى تدخل سريع وعاجل، فى ظل الارتفاع الكبير لأسعار الأدوية، وخصوصا أنها الخدمة الوحيدة التى يشعر فيها الصحفى بدور وأهمية نقابة الصحفيين.

■ ■ ■

زميلى خالد البلشى نقيب الصحفيين، مازلت عند ثقة قطاع عريض من أعضاء الجمعية العمومية، ممن حظيت أو لم تحظ بأصواتهم لكى تصبح النقابة بيتا للصحفيين، وإنجاز خطوات ملموسة وواضحة فى جميع الملفات التى تشغل اهتمامات الجماعة الصحفية، ولكن عدم الحديث عن مشاكل الصحف الحزبية والخاصة أمام جلسات الحوار الوطنى قد يؤثر تأثيرًا سلبيا، وخصوصا أن مشاكل الصحفيين بتلك الصحف مزمنة وفشلت جميع المحاولات السابقة لحلها على مدار السنوات الماضية، وفى مقدمتها مطالب الصحفيين المتعطلين الذين توقفت صحفهم عن الصدور، وهم يمثلون كتلة انتخابية عريضة، وضعوا آمالا كبيرة على نقيب الصحفيين لحل مشاكلهم بعدما توقفت المرتبات والتأمينات والمعاشات، فضلًا عن الشكاوى المتعددة من أن مكتب التأمينات الذى تم افتتاحه بمقر النقابة لم يسهم فى حل مشاكل هؤلاء الصحفيين، بعدما تم وضع شروط اعتبروها تعجيزية، خاصة أن بعض تلك الصحف «حزبية أو خاصة» توقفت عن الصدور منذ عام  2004، ولا يوجد لها ملف تأمينى، وبالتالى فإن أصحاب المعاشات بتلك الصحف ليس من حقهم صرف معاشات؛ نظرا لتوقف تأميناتهم على مدار السنوات الماضية. 

زميلى خالد البلشى نقيب الصحفيين.. كانت له تجارب صحفية بعدد من الصحف الخاصة والحزبية، وهو يدرك حجم مشاكلها جيدًا، ويعلم كافة الأساليب لاستغلال الصحفيين تحت التمرين، وبالتالى فإن عليه التدخل باعتباره نقيبا للصحفيين لوقف هذا الاستغلال ورد الاعتبار لهؤلاء الصحفيين، وخصوصًا أن غالبيتهم يعملون دون مقابل مادى، يعينهم على مصاعب الحياة ويمنحهم الشعور بالأمان والاستقرار، فضلا عن أن غالبيتهم يعملون تحت ضغوط نفسية بالغة القسوة، ومعاملة سيئة، وتهديد بالطرد بعد سنوات طويلة من العمل فى تلك الصحف.

■ ■ ■

 كما يعلم نقيب الصحفيين أن غالبية تلك الصحف ترفض تحرير عقود  للصحفيين قبل التوقيع على استمارة «6» وهى استمارة الفصل من العمل، وإلزام الصحفى بدفع قيمة تأميناته وتأمينات المؤسسة الصحفية، مما يجعل هؤلاء الصحفيين بلا حقوق حال الاستغناء عنهم، وهذا أمر متعارف عليه ويعلمه جميع من يعملون فى الوسط الصحفى، وهى تمثل عقود إذعان يرفضها القانون، ما يضطر الصحفى للرضوخ لتلك الضغوط لكى يحصل على «كارنيه» نقابة الصحفيين، فضلًا عن مشاكل الفصل التعسفى، الذى عانى منه عدد ليس بالقليل من الزملاء الصحفيين بالصحف الحزبية والخاصة، وقطعًا هناك أساليب أخرى وصلت بها شكاوى إلى نقابة الصحفيين، وهو الأمر الذى يدعو إلى سرعة تفعيل الدور النقابى لحل تلك الأزمات وإحياء دور لجنة التحقيق والتأديب فى حال حدوث أى تجاوز فى حقوق أى من الزملاء الصحفيين.