الإثنين 2 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أميَّة تحليل البيانات

أميَّة تحليل البيانات

انتقلت البشرية فى تعريف الأمية من أمية القراءة والكتابة إلى أمية استخدام الحاسب الآلى والتى تتفرع إلى عدد من التصنيفات آخرها أمية التطبيقات بمعنى عدم القدرة على تشغيل تطبيقات بعينها وهو ما يجعل صاحب هذا النوع من الأمية يحتاج إلى شخص آخر متمرس ليقوم بتشغيل تلك التطبيقات له والحصول منها على النتيجة المطلوبة.



وفى خضم هذا العالم الذى يعج بالكثير من مصادر البيانات والمعلومات والأخبار والدراسات والأبحاث والرسوم البيانية جنبًا إلى جنب مع البيانات التى تصدرها الأجهزة المختلفة المتصلة بشبكات المعلومات وخاصة شبكة الإنترنت فيما يعرف بإنترنت الأشياء والذى يكفى أن نعرف أن عدد تلك الأجهزة هذا العام قد تعدى حاجز الـ 16 مليار جهاز مع التوقع بوصول هذا العدد إلى 30 مليار جهاز بحلول عام 2030، فإن القضية الأهم من الأنواع المختلفة من الأمية السابق الإشارة إليها، هى أمية تحليل البيانات، هذا الكم المهول من البيانات لا يتم الاستفادة منه بالقدر المطلوب، حتى فى أهم وأكبر المؤسسات والتى تعتمد على نتائج تلك التحليلات لاتخاذ قرارات مهمة فإن نسبة الاستفادة من تلك البيانات لا يتعدى 40% على أقصى تقدير.

الأمر يشير وبوضوح إلى أن علوم تحليل البيانات لا تزال تحبو وتحتاج إلى الكثير من الوعى والاهتمام والتطبيق، فتحليل البيانات الكبيرة Big data Analysis لم تتم الاستفادة منه حتى الآن بالقدر الكافى، ولهذا القصور أسباب كثيرة قد يكون منها أن المؤسسات المختلفة قد لا ترى أهمية لذلك أو قد لا ترى أهمية لتضمين كل عناصر البيانات الموجودة لديها فى التحليلات أو لنقص الوعى أو التدريب أو الإحساس بالأهمية والحقيقة أن الناتج من تحليل 40% فقط من تلك البيانات ربما يكون كافيًا أو حتى مبهرًا للإنسان العادى وقد تنتج عنه مقترحات وبدائل لاتخاذ القرار تبدو براقة ولكن بالقليل من المنطق نستطيع أن نكتشف أن الحال سيكون مختلفا تمامًا إذا تضاعفت تلك النسبة أى أصبحت 80%، لن أكون مثاليًا و أقول ماذا سيكون الحال إذا تم تحليل 100% من البيانات، فالكمال أمر لا يمكن الوصول إليه ولكن لابد من أن تزيد تلك النسبة بأى صورة وبأى وسيلة، فالنتائج ستكون مبهرة، فاعلية و كفاءة أكثر ونسبة فقد أقل.

الكثير من الكتب والأبحاث والدراسات تشير إلى أهمية النظر إلى أكبر قدر ممكن من البيانات وتعطى أمثلة واقعية عن النتائج فى حالة النظر إلى بعض البيانات دون البعض الآخر و مقارنة ذلك بمن يستطيع أن يرفع نسبة الشمول.

أتمنى أن يتم النظر إلى انعدام تلك المهارة على أنها أحد أهم أشكال الأمية والتى يجب أن تتضافر الجهود لمحوها، جهود تبدأ فى المدرسة والجامعة ومؤسسات الأعمال و شركات التكنولوجيا، فالتميز و التفرد فى المستقبل لن يعتمد على البنية الفنية أو الأجهزة و الشبكات و البرمجيات بقدر الاعتماد على القدرة على تحليل أكبر قدر ممكن من البيانات تحليلًا متعمقًا و شاملًا.