الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النظر من الداخل

النظر من الداخل

يختلف أسلوب رؤية الأشياء من شخص لشخص وعادة ما يكون عامل المعرفة والجهل هما المؤثران على ذلك، فمقولة «إن الإنسان عدو ما يجهل» هى مقولة صحيحة فى الكثير من الحالات، ببساطة لأن الإنسان لايرغب فى أن يبدو بمظهر الجاهل كما أنه يخجل من أن يوضع فى موقف يظهر فيه هذا الجهل ولذلك فإنه يناصب ما يجهل العداء الشديد لتجنب تلك المواقف ولتجنب استخدام ما يجهل خشية أن يؤدى ذلك به إلى كوارث.



من العوامل الأخرى المهمة فى تحديد هذا المنظور هو عامل الدراسة، فالمهندس يختلف فى نظرته للأجهزة والمعدات عن نظرة المحاسب أو المحامى ولا أقول إن أحدهم أفضل من الآخر ولكن عندما يتعلق الأمر بالأجهزة فإن المهندس يكون أقل توترًا وأقل رهبة وأقل انبهارًا بما يراه، ببساطة لأنه يعرف إلى حد ما كيف تعمل تلك الأجهزة وما هى المكونات الفرعية التى تكامل بعضها مع البعض الآخر لإخراج المنتج فى صورته النهائية.

قد يؤدى هذا الاختلاف أحيانًا إلى إصابة المتخصص بالدهشة من كم الخوف أو العداء الذى يناصبه غير المتخصص لجهاز المنظومة ما لا يعرف نظرية عملها ولا أسلوب العمل وهو أمر الحظة كثيرًا عند الحديث عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأدوات التحول الرقمى والتقنيات والمفاهيم الحديثة المرتبطة به مثل الذكاء الاصطناعى و الأمن السيبرانى وغيرهما الكثير.

والحقيقة أن الفجوة بين المتخصصين وغير المتخصصين فى هذا الفهم قد تقلصت كثيرًا عن العقود الماضية والتى كانت فيها فرصة استخدام تلك الأجهزة مقصورًا على المتخصصين فقط وهو ما تغير كثيرًا خلال تلك السنوات نتيجة التطور الكبير والانتشار الواسع للاستخدام ولكن ومع هذا التطور ما تزال هناك بعض الفجوات كما سبق الإشارة.

ولذلك فإن النظر من الداخل أراه من الأمور شديدة الأهمية إن لم أقل إنها أكثر أهمية من النظرة الخارجية لغير المتخصصين، هذه النظرة الداخلية تجعلنى وتجعل من يعمل فى هذا المجال يستطيع وببساطة أن يعترف بأنه لا يوجد نظام معقد ولا يوجد جهاز به إعجاز، الأمر ببساطة يعتمد على التأمل والإدارة الجيدة لعدد كبير من الأنظمة الفرعية والتى تصل من خلال التناغم إلى الصورة النهائية التى تبهر الآخرين.

ينطبق هذا المفهوم على كل شىء، الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد والأمن السيبرانى وعلوم تحليل البيانات و قواعد البيانات والأنظمة الفنية العاملة عليها كما ينطبق على الأجهزة الالكترونية المنزلية والحواسب الآلية والهواتف الذكية والشاشات فائقة الجودة و خلافه.

الغرض من المقال ببساطة هو محاولة تشجيع الجميع على عدم الخوف وتقليل إحساس الرهبة غير المبرر عند التعامل مع ما لا تعرف.