صديقك «العُقر»
فى الماضى كان أصدقاء الدراسة والجيران يتقابلون كثيرًا ويتبادلون الأفكار والمقترحات ويقومون بتجربة الأشياء الجديدة معًا، وكان فى كل مجموعة من الأصدقاء - الشلة - صديق أو أكثر يقوم بقيادة الباقين لأنه يعرف أكثر ولديه خبرات متعددة فى مختلف المجالات ويأتى دومًا بالجديد من الأخبار والخبرات، يلجأ إليه الجميع للتعرف على أماكن التنزه الجديدة أوأفضل محال لشراء الملابس أو أفضل الحلول لإخفاء آثار تدخين السجائر عن الأهل....إلخ.
هذا الصديق «العُقر» الذى يعرف من أين يؤكل الكتف ويتمتع بثبات انفعالى كبير أمام الأحداث والمواقف الجسام غالبًا ما يكون متعثرًا فى دراسته، فالمتفوق غالبًا ما يكون منطويًا وغير منفتح على تلك العوالم أو كما يقال: «من البيت للمدرسة ومن المدرسة للبيت ولذلك فإن الكثير من الأهل كان يحذر من هذا الصديق لأنه سوف يتلف أخلاق من يصاحبه بالرغم من محاولات إقناعهم بأنه «طيب وكويس».
فى عصر المعلومات وانتشار استخدام شبكة الإنترنت وتطبيقاتها المختلفة، لم يعد لهذا الصديق نفس الأهمية ولا التأثير، فما يحتاج إليه الأطفال من معلومات متاحة على الشبكة بصور مختلفة، مكتوبة ومسموعة ومرئية ولا يحتاج الأمر أكثر من ثوانٍ معدودة فى أى وقت من اليوم لكى يتم استدعاء المعلومات المطلوبة ومن مصادر متعددة محلية وإقليمية ودولية.
والحقيقة أننى لا أريد - عن عمد - أن استطرد فى سرد تلك المجالات المتاحة بصورة مجانية، فبعضها معروف والبعض الآخر مرعب لن يخطر على بال أى إنس أو جان ولكن هذا هو قدر الأجيال الجديدة التى ولدت فى هذا العصر والتى يجب أن تخضع لأساليب من التربية تتواءم مع تلك المستجدات فمن غير المعقول أن يحذر الأهل الأبناء من تلك التقنيات مثلما كانوا يقومون بفعل ذلك فى الماضى مع الصاحب العقر والذى كان يتطور الأمر أحيانا إلى القيام بشكوى رسمية ضده فى المدرسة أو التواصل مع أحد من أهله بصورة مباشرة لكى يبتعد عن أبنائهم.
وللأسف الشديد وبالرغم من العلم التام أوشبه التام بكل تلك المستجدات وكل تلك المخاطر إلا أن اقتراب المتخصصين منها ومحاولاتهم لطرح حلول للمواجهة ما تزال قليلة وليست بالفاعلية اللازمة بالرغم من كثرة الحديث عن هذا الأمر فى العديد من الدراسات والأبحاث والمؤتمرات والندوات وورش العمل واللقاءات الإعلامية والمقالات الصحفية ومنها هذا المقال أيضًا.