الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بلطجة إسرائيلية

كلمات نتنياهو تحولت إلى قنابل على رفح، فقد قتلت غارات جوية إسرائيلية ما لا يقل عن 28 فلسطينيًا بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه طلب من الجيش التخطيط لإجلاء مئات الآلاف من الأشخاص من المدينة الواقعة جنوب غزة قبل تصعيد الغزو البرى دون تقديم تفاصيل أو جدول زمني، لكن الإعلان أثار حالة من الذعر على نطاق واسع.



ويتكدس أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة فى رفح، بعد أن تم تهجير العديد منهم مرارًا وتكرارًا بموجب أوامر الإخلاء الإسرائيلية التى تغطى الآن ثلثى أراضى غزة، وليس من الواضح أين يمكنهم الفرار بعد ذلك.

 

جاءت أنباء خطط الغزو فى أعقاب أسبوع من الاحتكاك العلنى المتزايد بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، حيث  قال مسئولون أمريكيون: إن غزو رفح دون خطة للسكان المدنيين سيؤدى إلى كارثة.

وتنفذ إسرائيل غارات جوية فى رفح بشكل شبه يومي، حتى بعد أن طلبت من المدنيين فى الأسابيع الأخيرة البحث عن مأوى هناك هربا من القتال البرى فى مدينة خان يونس، إلى الشمال مباشرة.

وأدت ثلاث غارات جوية على منازل فى منطقة رفح إلى مقتل 28 شخصًا، وأدت كل غارة إلى مقتل عدة أفراد من ثلاث عائلات، بما فى ذلك 10 أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر 3 أشهر.

فى خان يونس، مركز القتال البرى الحالي، فتحت قوات إسرائيلية النار على مستشفى ناصر، وهو أكبر مستشفى فى المنطقة، مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة أعداد،  والطواقم الطبية لم تعد قادرة على التنقل بين مبانى المنشأة بسبب كثافة النيران. 

وأسهم ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين بشكل مطرد- الذى يبلغ الآن حوالى 28000 بعد 4 أشهر من الحرب، وفقًا لمسئولى الصحة فى غزة– فى الاحتكاك بين نتنياهو وواشنطن.

تحمل إسرائيل حماس مسئولية مقتل مدنيين لأنها تقاتل من داخل مناطق مدنية، لكن المسئولين الأمريكيين رفضوا ذلك، مطالبين بمزيد من الضربات الدقيقة. قال الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع: إن رد إسرائيل «مبالغ فيه».

قال مكتب نتنياهو الجمعة: «من المستحيل تحقيق هدف حرب القضاء على حماس من خلال إبقاء أربع كتائب تابعة لحماس فى رفح.. على العكس من ذلك، من الواضح أن النشاط المكثف فى رفح يتطلب إخلاء المدنيين من مناطق القتال».

لا يزال من غير الواضح إلى أين يمكن أن يذهب المدنيون. تسبب الهجوم الإسرائيلى فى دمار واسع النطاق، خاصة فى شمال غزة، كما أن مئات الآلاف من الأشخاص ليس لديهم منازل يعودون إليها.

بالإضافة إلى ذلك، حذرت مصر من أن أى تحرك للفلسطينيين عبر الحدود إلى مصر سيهدد معاهدة السلام المستمرة منذ أربعة عقود بين إسرائيل ومصر. يعتبر المعبر الحدودى بين غزة ومصر، وهو مغلق فى الغالب، بمثابة نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية.

كان عدد سكان رفح قبل الحرب حوالى 280 ألف نسمة، ووفقًا للأمم المتحدة، أصبح موطناً لنحو 1.4 مليون شخص إضافى يعيشون مع أقاربهم، فى ملاجئ أو مخيمات مترامية الأطراف بعد فرارهم من القتال فى أماكن أخرى فى غزة.

ونزح أكثر من مليون شخص إلى جنوبى قطاع غزة، وبالتحديد إلى أقصى الجنوب قرب الحدود مع مصر، بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وأصبحت خيام النازحين الفلسطينيين تقع مباشرة إلى جانب السياج الحدودى فى رفح.

من جانبها، أرسلت مصر نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، فى إطار تحركاتها لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة، وفق وكالة رويترز، موضحة أن الخطوة المصرية لا تهدف إلى التمهيد لاشتباك مع إسرائيل، بل فى الأساس لتأمين الحدود المصرية، فى ظل اعتبار مصر لمسألة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء خطًا أحمر يكون اجتيازه بمثابة تهديد للأمن القومي، وتصفية للقضية الفلسطينية».

من جهتها، قالت الولايات المتحدة، إنها «لن تؤيد أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح لا تضع فى الاعتبار محنة المدنيين»، فى وقت وصف فيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الرد العسكرى الإسرائيلى بأنه «جاوز الحد».

فيما قال المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك: إنه يتعين حماية المدنيين فى رفح «ويجب ألا يكون هناك أى تهجير قسرى جماعي».

من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا حذرت فيه من «التداعيات بالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح» من جانب القوات الإسرائيلية، معلنة «رفضها القاطع» أيضًا لأى عملية ترحيل قسرى للمدنيين.

وقالت: إن مدينة رفح الحدودية مع مصر تعد «الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلى الوحشى على النزوح»، حيث يحتشد أكثر من مليون نازح فروا من الدمار والمعارك فى باقى مناطق القطاع المحاصر.

أعلن المستشار الألمانى أولاف شولتس، أنهم سيبذلون كل ما فى وسعهم لتحقيق حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين.

ودعا المستشار الألمانى إسرائيل إلى الالتزام بالقانون الدولى فيما يتعلق بإصدار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أمرًا للجيش بمهاجمة منطقة رفح جنوب قطاع غزة.

خفضت وكالة موديز التصنيف الائتمانى لإسرائيل، مشيرة إلى مخاطر سياسية ومالية على البلاد جراء الحرب التى تخوضها مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وذكرت موديز، أن تأثير الصراع يثير مخاطر سياسية ويضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية فى إسرائيل وقوتها المالية فى المستقبل المنظور.

وتم خفض التصنيف الائتمانى لإسرائيل إلى «A2»، هو أعلى بخمس درجات من الدرجة الاستثمارية، فى حين أبقت موديز على توقعاتها الائتمانية عند سلبية، مما يعنى إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى، وفق «رويترز». وكشف موقع «أكسيوس»، أن الرئيس الأمريكى جو بايدن يخطط لإرسال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز خلال الأسبوع الجارى إلى مصر للمساعدة فى التوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة واتفاق إعادة الرهائن مع حماس. من جهته، حذر أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية من التبعات الخطيرة لقيام الاحتلال الإسرائيلى باستهداف منطقة رفح بقطاع غزة، مُشددًا على أن نوايا الاحتلال بفرض واقع النزوح على مئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين لجأوا إلى رفح كملاذٍ أخير من الهجمات العشوائية على المدنيين، خطة مكشوفة ومرفوضة على طول الخط وتنطوى على تهديدات خطيرة للاستقرار الإقليمي.

وكشف مسئول إسرائيلى لشبكة سى إن إن  الأمريكية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أبلغ مجلس الحرب أن عملية القوات الإسرائيلية فى رفح يجب أن تكتمل بحلول بداية شهر رمضان فى 10 مارس2024.

على الصعيد نفسه، سعى البيت الأبيض إلى التقليل من أهمية الانتقادات الحادة التى وجهها الرئيس جو بايدن ومسئول بارز فى الأمن القومى إلى إسرائيل بشأن الطريقة التى أدارت بها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أربعة أشهر، والتى تهدف إلى استئصال مقاتلى حماس من غزة.

وصف بايدن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة بأنها «مبالغ فيها»، وقال: إن معاناة الأبرياء «يجب أن تتوقف»، فى حين أعرب بايدن فى السابق عن قلقه بشأن تزايد الخسائر فى صفوف المدنيين الفلسطينيين، إلا أن انتقاداته المباشرة للإسرائيليين كانت خافتة.

فى السياق نفسه، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أنها حصلت على تسجيل أعرب فيه نائب مستشار الأمن القومى للرئيس، جون فاينر، عن «عدم الثقة» فى حكومة نتنياهو اليمينية، وذلك خلال اجتماع مع زعماء الأقلية المسلمة والعربية فى الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وأكد مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض أن تعليقات فاينر، كما ذكرت صحيفة التايمز، «كانت دقيقة». فى السياق ذاته، قال مسئول فى الإدارة الأمريكية: إن فاينر كان يتحدث على وجه التحديد عن التزام حكومة نتنياهو بالسعى إلى حل الدولتين، بمجرد انتهاء الحرب.

وتحدث فاينر فى التسجيل أيضًا عن «الأخطاء» التى ارتكبتها إدارة بايدن، وأعرب عن أسفه لأن الإدارة ربما تركت «انطباعًا ضارًا للغاية» فى وقت مبكر من الحرب من خلال «المحاسبة العامة غير الكافية على الإطلاق لمدى تقدير الرئيس والإدارة والدولة لحياة الفلسطينيين».

يبدو أن هذه التعليقات تعكس الإحباط المتزايد فى البيت الأبيض بشأن الصراع الذى اندلع فى 7 أكتوبر.

وذهب نشطاء مجتمعيون آخرون إلى أبعد من ذلك فى الضغط بشأن عدم موافقتهم على تعامل الرئيس مع الحرب، وشكّلوا مجموعة تسمى «التخلى عن بايدن»، وهى حركة تثنى الناخبين عن دعم الرئيس فى انتخابات نوفمبر.

ويوجد فى ميشيجان أكبر تجمع للأمريكيين العرب فى البلاد وأكثر من 310 آلاف مقيم من أصول شرق أوسطية أو شمال إفريقية، وما يقرب من نصف سكان ديربورن البالغ عددهم حوالى 110 آلاف نسمة من أصل عربي.

وبعد فوز دونالد ترامب بولاية ميشيجان بفارق أقل من 11 ألف صوت فى عام 2016، ساعدت مقاطعة واين والأقليات المسلمة الكبيرة فيها بايدن على استعادة الولاية لصالح الديمقراطيين عام 2020 بفارق 154 ألف صوت تقريبًا.