الأربعاء 2 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الكلمة.. والحرب.. والإرهاب

الكلمة.. والحرب.. والإرهاب

كهدف وبما أن هذه المجموعة كانت تعيش وتعايش أيام محنة يونيه وتعلم الكثير عن أهداف وشعارات المرحلة، فقد أقدمت على إعلاء هدف الدفاع عن الدين والوطن، وأزاحت هدف الدفاع عن المكتسبات الاشتراكية فالمواطن لا يبذل الروح من أجل مسكن أو ثلاجة، بل من أجل هدف أسمى، وكان درس ستالين قائد الاتحاد السوفيتى حاضرًا، فما إن بدأ الغزو الألمانى حتى عقد تحالفًا مع الكنيسة متجاهلًا ومتنكرًا لاقتناعه بالإلحاد، وبجانب الدين وضع الوطن وأطلق على الحرب، الحرب الوطنية العظمى، وألقى بالفكر الاشتراكى والأممية وراء ظهره، وأدارت المجموعة الصحفية ظهرها لأسلوب المبالغات الذى كان سائدًا، وأحلت محله الالتزام بالحقائق وحدها، وبذلك تجسدت مسيرة وتوجهات الإعلام وبدأ الرأى العام يتقبل هذا النهج الجديد.



وجاءت الأحداث لتدعم المسيرة الإعلامية الجديدة، فقد نشبت معركة رأس العش التى انتصرت فيها قوات محدودة من الصاعقة على طابور إسرائيلى مدرع كان يتقدم بمحاذاة القناة لاحتلال بورفؤاد فى بداية يوليو1967، أى بعد أيام النكبة بحوالى ثلاثة أسابيع بعدها أغارت القوات الجوية على مواقع للعدو فى سيناء فى منتصف شهر يوليو 1967، وكانت ذروة هذا النشاط الإيجابى، إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات يوم 21 أكتوبر 1967

وكانت مرحلة الصراع بين جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر قد وصلت لنهايتها بوفاة المشير، لذا بدأت السلطة تمارس دورها فى كل المجالات بما فى ذلك الإعلام.

وعلى نفس الطريق استمرت المسيرة الإعلامية طوال سنوات حرب الاستنزاف، وتأكد المواطنون من جدية المسيرة الجديدة.

وباقتدار تجاوز الرأى العام آلام الهزيمة، وبدأ التفاؤل، النغمة الجميلة السائدة بالشارع المصرى وارتفعت رايات الأمل.

وتحمل الدكتور عبدالقادر حاتم مسئولية رئاسة الوزارة بالنيابة عن الرئيس السادات الذى حل محل عبدالناصر بعد وفاته فى العمل على مواصلة إعداد الدولة للحرب، بعد أن قرر الرئيس الجديد التوجه لمعركة هجومية لتحرير مساحة من الأرض المحتلة، كما نشط لوضع استراتيجية إعلامية للمعركة، وخلال الفترة التى كانت تستعد فيها مصر للحرب كان الإعلام يتحدث عن الحلول السلمية والتركيز على حل مشاكل المواطنين، وكان ذلك يتم فى إطار خطة شاملة لتضليل العدو، الاستعداد للحرب بكل الجدية.

والحديث عن السلام أيضًا بكل الجدية مع مطالبة مجلس الأمن والأمم المتحدة وباقى المنظمات الدولية، العمل من أجل وضع القرار 242 لعام 1967 وضع التنفيذ.

وكانت القوى الإعلامية تتحمل مسئولياتها دون خروج على النص، التزام كامل بمواصلة رفع مستوى الوعى بغد أفضل وبنهاية لسنوات الأحزان.

واقترب موعد انطلاق الحرب وكانت القيادة العامة قد وضعت خطة لخداع العدو وتضليله تضم أكثر من 60 عنصرًا، وكان للإعلام وللصحافة دور فى هذه الخطة، لا حديث عن الحرب، بالرغم من كل الأصوات المصرية التى ارتفعت للمطالبة بالحرب، وكانت الصفحة المهمة نشر أخبار غير صحيحة منها فتح باب العمرة أمام القادة والضباط وكان ذلك فى بداية شهر أكتوبر1973، ولم يكن منطقيًا أن تفتح القيادة العامة مثل هذا الباب وهى تستعد للحرب، كما تم نشر خبر زيارة وزير دفاع رومانيا لمصر اعتبارًا من يوم 8 أكتوبر1973، أى أن وزير الحربية المصرى سيكون مشغولًا مع ضيفه، ولا وقت هناك إذن للحرب.

وبدأ الهجوم المصرى - السورى يوم 6 أكتوبر1973، وبما أن البيان العسكرى لا يروى ظمأ الرأى العام للمعرفة ومتابعة أخبار الحرب، نشط المراسلون الحربيون فى تغطية أخبار ما يجرى فى مسرح العمليات.

وتأكد الرأى العام بعد مرور اليوم الأول أن ما يقرأه فى الصحف أو يشاهده فى التليفزيون هو الحقيقة، والحقيقة فقط بلا مبالغات، هذا لاقتناع منحه من اللجوء لوسائل إعلامية أخرى، ونتيجة للإعلام المنضبط، ظهرت إيجابيات كثيرة فى سلوك المواطنين فلم تسجل أقسام الشرطة فى كل مصر جنحة أو جريمة طوال أيام الحرب، كما اختفت الطوابير من أمام أبواب الجمعيات الاستهلاكية والتى كانت تمتد أحيانًا مثل الحرب لمئات الأمتار.

وطوال أيام الحرب وبعدها نجح الإعلام فى تعزيز حالة التفاؤل والتحليق بآمال الناس إلى ذرى عالية مع الحرص على رفع مستويات الوعى بالعمل الإيجابى المتواصل.

مثل هذه الحالة تكررت ومصر تواجه شراسة إرهابية غير مسبوقة خاصة فى سيناء بعد انطواء صفحة حكم الإخوان 2012-2013.

وللتوضيح نقول إن هيلارى كلينتون وزيرة خارجية أمريكا خلال تلك الفترة قد ذكرت فى كتابها» خيارات صعبة« أنها زارت عدة دول لاقناعها بالاعتراف بولاية سيناء الإسلامية بعد إعلانها وكان من المقرر أن يتم ذلك خلال فترة حكم الإخوان الذين سمحوا بدخول عشرات الآلاف من الإرهابيين إلى سيناء.

هذه الآلاف حسمت بكل قواها للعمل ضد الأهداف الموجودة فى سيناء بصفة خاصة وباقى أنحاء مصر بصفة عامة.

وقررت مصر مواجهة هذه الموجة العدائية واتجهت القيادة لتشكيل قيادة عسكرية لسيناء ووضع الخطة العسكرية» شامل «موضع التنفيذ.

ولم يتأخر الإعلام فلم يتحدث عن العمليات الإرهابية فقط، بل ركز على المنفذين ومن يحركهم ويحولهم ويزودهم بالسلاح، وكان الجانب الأهم مناقشة الفكر الذى يؤمنون به ويتحركون على هديه ودحضه بالفكر والعلم والمنطق والحجة القوية الواضحة.

وكان التأثير الإعلامى واضحًا وقويًا فى الرأى العام، وكانت قوة الأداء والإصرار على مواصلة تحمل هذه المسئولية تستهدف حماية الرأى العام من المؤثرات السلبية الخارجية والداخلية مع العمل على رفع مستواه بإيجابية الأداء وحسن الفهم ووفرة المعلومات.