الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فضل الإطعام فى رمضان.. مغفرة للذنوب وعتق من النار

يقدم الشعب المصرى صورة مُشرفة من التلاحم والتآخى خلال شهر رمضان من خلال إطعام الطعام فى رمضان للفقراء والمحتاجين وحتى الأهل والأقارب، وذلك من خلال إقامة موائد الرحمن وتوزيع الوجبات على الأسر المتعففة، أو منحهم «شنط رمضان» أو ما يعرف بـ»كارت الخير» لاستبداله ببضائع من السلاسل التجارية، فكلها صور تعكس مدى حرص الشعب المصرى على تطبيق النموذج النبوى الموروث فيما يخص إطعام الطعام.



من جانبه قال الأستاذ الدكتور شوقى علَّام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم: هناك علاقة وثيقة بين الإيثار والسعى فى مصالح الناس وقضاء حوائجهم، فالإيثار هو دافع الأفراد للسعى فى مصالح الناس وقضاء حوائجهم، وهو خلق من أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم، كان يربى عليه أصحابه، وقد ظهر هذا منذ بدايات ظهور الإسلام، وبعد الهجرة فقد ضرب الأنصار أروع الأمثلة فى الإيثار والكرم عند تعاملهم مع المهاجرين».

وأضاف المفتى أن حب المجتمع المسلم خاصة المصرى للكرم والإيثار والعطاء يعكس مدى حضور النموذج النبوى الموروث من رسولنا الكريم، فنجد طوائف كثيرة من المجتمع المصرى تجود بما تملك لتنفع به غيرها فى شهر رمضان وغيره.

وأشار المفتى إلى أن إطعام الطعام للنفس وللأهل وللغير من الأمور المحببة فى الشرع الشريف خاصة فى هذا الشهر الفضيل، ولكن بلا إسراف أو تبذير؛ لأنه سلوك سلبى لا يليق بنا نحن المسلمين، فالأولى لمن يسرف ويبذر فى هذا الشهر أن ينظر إلى جيرانه وأقاربه وباقى الناس المحتاجين.

وأشار مفتى الجمهورية إلى أن أبواب الخير فى رمضان كثيرة، ولعل من أعظمها تعوُّد الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين خاصة الفقراء منهم والمساكين، فمن خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر المواساة، يتكافل فيه كافة أفراد المجتمع، وتَعمُر فيه البيوت والطرقات بموائد الطعام التى يجهزها المقتدرون لإطعام الطعام ليحوزوا الفضل الذى بشَّر به النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- فى حديثه الشريف: ((من فطَّر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطِّر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعطى الله هذا الثواب لمن فطَّر صائمًا على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضى شربةً لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة))، وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: ((من فَطَّرَ صائمًا، كان له أو كتب له مثل أجر الصائم، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا)).

وأردف قائلًا: ولأهمية إطعام الطعام وعظيم أجر هذه العبادة جعل الله سبحانه وتعالى الإطعام فى الكفارات والفدية، فالمريض والشيخ الفانى يطعم مسكينًا عن كل يوم، والوطء فى نهار رمضان كفارته «إطعام ستين مسكينًا» إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين، وكذلك من كفارة اليمين «إطعام عشرة مساكين»، وفى القتل والظهار «إطعام ستين مسكينًا» إذا لم يقدر على صوم شهرين متتابعين، كما شُرع الإطعام فى نهاية رمضان كما فى زكاة الفطر.

وأشار المفتى إلى أن الشرع الشريف لم يكتفِ بفرض الزكاة، وإنما وسَّع وجوه الإنفاق ونوَّع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبر، فحث على التبرعات ورغَّب فى الهدايا والصلات والصدقات، حتى يتمَّ الاكتفاء المجتمعى وتوفير صور الدعم والعون فى الأزمات؛ تحقيقًا للتوجيه النبوى بأن يكون المؤمنون جميعًا كالجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقى الأعضاء بالسهر والحُمَّى.

كما شرح الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، معنى الحديث الشريف «من فطر صائمًا صلت عليه الملائكة فى ساعات شهر رمضان، وصلى عليه جبرائيل ليلة القدر»، وفى رواية أخرى «صافحه جبرائيل ليلة القدر، ومن صافحه جبرائيل يرق قلبه وتكثر دموعه».

وقال جمعة: إن الرسول الكريم يبين لنا جزاء الإحسان والأجر العظيم والفضل والبركة الكبيرة لمن أفطر صائمًا، مشيرًا إلى أن الملائكة تستغفر لكل من ساهم فى إفطار الصائم.

وذكر جمعة أن إفطار الصائم نراه بمصر فى مظاهر التكافل الاجتماعي، من خلال موائد الرحمن وإفطار المسافر على الطريق وغير ذلك من عادات يريد بها العباد ابتغاء الثواب، فتحولت البشرى النبوية إلى برنامج عملى يومى يستطيع فيه الإنسان تحصيل رضا الله واستغفار الملائكة.

وعن استغفار جبرائيل، قال جمعة: «فإذا كان جبرائيل يهتم فى ليلة القدر التى ثوابها معلوم بأن يطلب الغفران لمن أفطر صائمًا، فهذا العمل يحمل بركة كبيرة».