مصر و الصين
شراكة تتجاوز حدود الجغرافيا
أحمد إمبابى
تصدرت العلاقات المصرية الصينية، مشهد التعاون الخارجى لمصر هذا الأسبوع، مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للعاصمة الصينية بكين، للمشاركة فى النسخة العاشرة لمنتدى التعاون الصينى العربي، الزيارة فى وقت تشهد فيه العلاقات المصرية الصينية ازدهارًا ملحوظًا على كل المستويات، خاصةً الاقتصادية والتجارية.
واكتسبت زيارة الرئيس السيسى لبكين، أهمية كبيرة، كونها تتزامن مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، الذى تم توقيعه فى عام 2014 بين البلدين.
ويربط مصر والصين تاريخ عريق، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت بجمهورية الصين الشعبية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا خلال العقود الماضية، خاصةً بعد إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014.
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بالرئيس الصينى «شى جينبينج»، فى العاصمة الصينية بكين، فى إطار زيارة الدولة التى يقوم بها الرئيس للصين.
وقال المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية المستشار د. أحمد فهمى، إن الرئيس الصينى استقبل الرئيس بقاعة الشعب الكبرى فى بكين، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف، وتلى ذلك عقد محادثات معمقة بين الرئيسين، تناولت كيفية تعزيز العلاقات الثنائية تزامنًا مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقد صدر فى هذا الإطار بيان مشترك يفصّل مجالات التعاون والتنسيق خلال المرحلة المقبلة، بما فى ذلك الإعلان عن عام «الشراكة المصرية الصينية»، الذى سيشهد العديد من فعاليات التعاون الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.
وأوضح المتحدث الرسمى، أن المباحثات تناولت رؤى البلدين بالنسبة للتطورات الدولية والإقليمية، حيث شدد الرئيس على ضرورة وقف الحرب فى غزة، مؤكدًا الخطورة البالغة للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية، على الأصعدة الإنسانية والأمنية والسياسية، وما تسفر عنه من مآسٍ إنسانية وسقوط ضحايا، وآخرها القصف المتعمد لمخيم للنازحين الذى نتجت عنه كارثة إنسانية مفجعة.
من جانبه، أشاد الرئيس الصينى فى هذا السياق بدور مصر المحورى وجهودها الدؤوبة للتهدئة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، واتفق الرئيسان على ضرورة وقف إطلاق النار فورًا، ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين خارج أراضيهم، مؤكدين أن تطبيق حل الدولتين هو الضامن الرئيسى لاستعادة الاستقرار وإرساء السلم والأمن الإقليميين.
كما ناقش الجانبان الأوضاع فى القارة الإفريقية، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين بما يدعم جهود القارة التنموية، حيث حرص الرئيس على تأكيد الأولوية القصوى لضمان الأمن المائى المصرى.
وقد شهد الرئيسان عقب ذلك مراسم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، من بينها خطة التطوير المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وتعزيز التعاون فى مجال الابتكار التكنولوجى وتكنولوجيا الاتصالات، وعدد من مجالات التعاون الأخرى.
وفى سياق متصل، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالعاصمة الصينية بكين، مع «تشاو له جى» رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى.
وشهد اللقاء تأكيد الزخم الكبير الذى تشهده العلاقات المصرية الصينية فى مجملها، والذى انعكس فى تفاهمات مشتركة تبلورت فى صورة مشروعات وبرامج تعاون مهمة بين البلدين، كما ثمن الجانبان العلاقات المتميزة بين برلمانى البلدين، والتى انعكست فى تشكيل مجموعة الصداقة البرلمانية المصرية الصينية.
وأضاف المتحدث الرسمى، أن اللقاء تناول سبل تعزيز التعاون على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية، بما يساعد على تبادل الخبرات التنموية بين الشعبين الصديقين، وفى هذا الإطار تم تثمين الجهود التى تقوم بها الشركات الصينية فى دعم المشروعات القومية فى مصر، وتأكيد أهمية تعزيز هذه الجهود، خاصة فى مجالات التكنولوجيا وبناء القدرات، وقطاعات الاتصالات والبنية التحتية والطاقة.
ومن جانبه؛ أكد «تشاو له جى»، اعتزاز بلاده بالعلاقات التاريخية مع مصر، مؤكدًا حرص الصين على ترسيخ التعاون بما يتفق مع كون البلدين من أقدم وأعرق حضارات العالم، ومثمنًا دور مصر المحورى دوليًا وإقليميًا، ولاسيما فى دفع جهود إرساء السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تقدمها المطرد على صعيد تحقيق التنمية الوطنية.
كما قام الرئيس السيسى بزيارة النصب التذكارى للجندى المجهول بميدان «تيانانمن» بالعاصمة الصينية بكين، حيث وضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى.
8 زيارات للصين
وتعد زيارة الرئيس المصرى لبكين، الثامنة خلال العشر سنوات الماضية، حيث سبقها سبع زيارات أخرى للصين، شهدت توقيع اتفاقيات تعاون مختلفة، فى مجالات الاقتصاد والتجارة والأمن، كان أبرزها اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حسب بيان الهيئة العامة للاستعلامات.
أولى هذه الزيارات كانت فى 22 ديسمبر 2014، حيث استقبله الرئيس الصينى، شى جين بينج، وخلال الزيارة، رحب الرئيس المصرى بمقترحات بكين لتطوير العلاقات، وتم توقيع وثيقة لإقامة علاقات شراكة استراتيجية، وتلى ذلك زيارة فى 1 سبتمبر 2015، حيث شارك السيسى فى احتفالات الشعب الصينى بعيد النصر الوطنى، والذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، وشهدت الزيارة مشاركة القوات المسلحة المصرية فى العرض العسكرى الذى أُقيم بهذه المناسبة.
وفى 3 سبتمبر 2016، شارك الرئيس المصرى كضيف خاص فى قمة مجموعة العشرين بالصين، بدعوة من الرئيس الصيني، شى جين بينج، وركز الرئيس المصرى خلال مشاركته فى القمة على الموضوعات التى تهم الدول النامية وأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها فى الاقتصاد العالمى.
وتواصلت الزيارات المتبادلة بزيارة السيسى للصين فى 4 سبتمبر 2017، للمشاركة فى قمة بريكس، حيث شارك فى حوار استراتيجى حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية، وفى 1 سبتمبر 2018، شارك الرئيس المصرى أيضًا فى قمة منتدى التعاون الصينى الإفريقى، ما يعكس الأهمية الكبيرة للعلاقات الصينية الإفريقية.
وفى 25 أبريل 2019، شارك السيسى فى قمة منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولى، حيث بحث مع الرئيس الصينى سُبل دعم وتفعيل المبادرة، وعقد لقاءات مع مسئولين ورجال أعمال صينيين.
وكانت آخر زيارة للرئيس المصرى إلى الصين فى 4 أبريل 2022، للمشاركة فى حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية الرابعة والعشرين فى العاصمة الصينية بكين، وتعكس الزيارات المتبادلة الرغبة المشتركة فى تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاستراتيجى.