الثلاثاء 9 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء الطاقة: الدولة نجحت فى التحول إلى مركز إقليمى للطاقة

بداية حقيقية لتعزيز مفهوم أمن الطاقة المصرى

أكد عدد كبير من خبراء الطاقة، أن الدولة المصرية نجحت خلال السنوات الماضية فى تحقيق طفرة كبيرة فى قطاع الطاقة، وذلك عبر العديد من المشروعات الكبيرة، التى وضعت مصر على خارطة أسواق الطاقة العالمية، حيث قال دكتور جمال القليوبى أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية، إن قطاع البترول استحوذ خلال الخمس سنوات الماضية، على نحو40% من الاستثمارات الأجنبية فى مصر بمعدلات سنوية ما بين 6.5 و7.5 مليار دولار، مؤكدًا أن التجربة المصرية تحولت من دور إمدادات الطاقة والكهرباء لخطوات ذات فكر وتوجه جديد للاكتفاء من الغاز وزيادة فى إنتاج الكهرباء.



وأضاف القليوبى أن أسباب نقص إنتاج الغاز الطبيعى فى مصر يرجع إلى أن كل خزانات البترول والغاز فى العالم أعمارها تناقصية، وليس هناك حقول أو آبار تعيش للأبد وهناك حقول تستمر فى الإنتاج لـ50 سنة، لكن ليست بنفس القدرة الإنتاجية الأولى، مؤكدًا أن قطاع البترول يعتمد على عملية التحول الطاقى من الوقود الأحفورى إلى الطاقة الخضراء، ومواجهة التحديات التى تعوق القارة الإفريقية من الاستفادة من مصادر الطاقة والتمويل، بالإضافة إلى إعطاء نوع من الدعم والظهور لأى مبادرات ناجحة خاصة من أفكار جديدة للشباب للحصول على أقل انبعاثات.

ونوه بأن خطة مصر الاستراتيجية كان بها توجهات تتماشى مع مستويات مرونة الاقتصاد المصرى للتعامل مع الصدمات من ضمنها أن الاقتصاديات العالمية عندما يكون لديها نوع من الاستدامة ومصادر للحصول على الطاقة، يستمر هذا الاقتصاد ويكون لديه قدرة على استيعاب أى صدمات على المستوى المحلى أو العالمى.

فيما أكد دكتور أحمد سلطان رئيس لجنة الطاقة بنقابة المهندسين، أن ثورة 30 يونيو بداية حقيقية لتعزيز مفهوم أمن الطاقة المصرى بشكل عام، حيث تُشكل الطاقة أحد أهم المقومات الأساسية لممارسة النشاط الاقتصادى وغيره من الأنشطة الضرورية للبشرية، كما أنها تُعد بعدًا استراتيجيًا فى تحقيق الأمن الاقتصادى والسياسى والاجتماعى للدولة. 

وتابع: «يؤثر غياب أو قصور فى معادلة الطاقة أو عدم وصولها لكل المناطق والفئات على اتجاهات بعض المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعليه فقد أضحى ملف الطاقة قضية محورية وتحقيق أمن الطاقة فى مصر يُشكل أمرًا حيويًا لحماية الأمن القومى لها، وفى وقت تعيش فيه الدولة تحديين رئيسيين، الأول، الارتفاع المتزايد فى الطلب على الطاقة وتذبذب أسعارها، والثانى هو تزايد عدد السكان بشكل كبير».

ولفت سلطان إلى أن الدولة المصرية حققت فى قطاع الطاقة العديد من النجاحات على جميع الأصعدة خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال الاستفادة من الموقع الاستراتيجى والأصول والبنية التحتية، وبفضل استراتيجية الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، ليصبح من أكثر القطاعات التى شهدت نهضة لا مثيل لها محليًا وعالميًا، وذلك ما أكدته نتائج الإنجازات التى تمت على أرض الواقع خلال السنوات الماضية؛ فقد نجحت الدولة المصرية فى التحول بخطى متسارعة إلى مركز إقليمى للطاقة، ولعب العديد من العوامل دورًا كبيرًا فى تعزيز دور مصر بسوق الغاز العالمية، ومن بينها تعديل التشريعات، وتعيين وترسيم الحدود، وسداد المتأخرات، والاستفادة من الموارد الغنية التى لم تكتشف بعد، مثل ثروات البحر الأحمر.

واستطرد: «يُعد ملف الطاقة أحد أهم الملفات التى توليها مصر عناية كبرى بمختلف قطاعاتها سواء على المستوى الاقتصادى أو الاستراتيجى»، مشيرا إلى أن مصر شهدت منذ عام 2014، حراكًا واسعًا ومكثفًا وذلك من أجل تحقيق أهدافها والتى كان من ضمن أولوياتها الوصول إلى معادلة طاقة متزنة وتنويع مصادر الطاقة، وذلك فى ظل تنامى الطلب على الطاقة مع التوسع الضخم على المستويات كافة».

وخلال السنوات العشر الماضية (2014-2024) حققت الدولة العديد من الإنجازات فى هذا الملف، التى كان من ضمنها تنويع مصادر الطاقة حيث ترى القيادة السياسية فى ذلك أحد الروافد الاستراتيجية والتى ساهمت بشكل كبير فى تعزيز مفهوم أمن الطاقة، علاوة على سعى مصر إلى تنمية واستغلال ما لديها من ثروات طبيعية، والتحول من بلد يكافح لتدبير نفقات استيراد الطاقة إلى بلد مصدر بل وربما إلى لاعب أساسى مؤثر فى أسواق الطاقة العالمية. 

وتمضى الدولة المصرية قدمًا نحو بناء جمهوريتها الجديدة، حيث تولى اهتمامًا بالغًا وكبيرًا بقطاع الطاقة، إيمانًا منها وإدراكًا لدوره الحيوى والفعال كمحرك أساسى ومؤشر للنمو الاقتصادى، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك تعتمد رحلة مصر لتصبح لاعبًا بارزًا فى مجال الطاقة على تنفيذها الناجح لمجموعة من السياسات الاستراتيجية القادرة على إطلاق العنان لإمكاناتها الهائلة.

وعلى النقيض من الحكومات المصرية السابقة، التى لم يكن دعمها لإنتاج الطاقة الخضراء كافيًا، حيث تبنت إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسى استراتيجية طموحة متعددة الأوجه للوفاء بالتزامات الدولة المناخية وتعزيز النمو الاقتصادى، وبالأخص صناعة الهيدروجين الأخضر.

كما عكفت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، على رسم خارطة طريق تمكنها من بناء وتطوير قدراتها وبنيتها التحتية فى قطاع الطاقة، وذلك فى إطار مساعيها المستمرة بهدف تلبية الاحتياجات الداخلية، والعمل على تحقيق الهدف الرئيسى وهو التحول من حالة العجز وتفاقم أزمة الطاقة عبر سنوات مضت إلى الوصول لحالة الاكتفاء الذاتى والتصدير، والتى تحققت فى عام 2018، وصولًا إلى الهدف الأكبر وهو تعزيز مكانتها كمركز إقليمى ولاعب أساسي ومؤثر فى سوق الطاقة العالمية وبالأخص فى قطاع الغاز الطبيعى، وذلك من خلال خطوات جادة، حيث ركزت الرؤية المصرية على الاستغلال الأمثل لمقومات الدولة الجغرافية، والتنوع فى مصادر الطاقة، والانخراط فى شراكات دولية وإقليمية مختلفة، وذلك بهدف تحقيق مستقبل آمن ومستدام للطاقة، والعمل على توفير بيئة جاذبة للاستثمار فى مشروعات الاستكشاف والبحث عن الغاز الطبيعى، بالإضافة إلى العمل على ترشيد استخدام المصادر التقليدية، والمساهمة فى تلبية الطلب العالمى فى مجال الطاقة، خاصةً فى ظل المتغيرات العالمية والصراعات الجيوسياسية المترتبة على العديد من الأزمات المتتالية والتى من ضمنها تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى الحرب على غزة، لترسخ بذلك الدولة المصرية مكانتها الجيوسياسية على خريطة الطاقة العالمية.

واتخذت مصر خطوات فعالة تهدف فى المقام الأول إلى بناء تعاون إقليمى واسع النطاق مع الدول المنتجة للطاقة (جميع محاور الطاقة) فى منطقة شرق المتوسط وإقامة شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبى (بشكل خاص) فى مجال الطاقة للاستغلال الأمثل لجميع الإمكانيات الحالية والسعى نحو تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من ثروات الغاز الطبيعى المكتشفة والمتوقع اكتشافها مستقبلًا.