السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التصعيد الإسرائيلى يشعل الصراع فى المنطقة

وسط مخاوف من تنامى واتساع رقعة الحرب وفق معادلة» الرد والرد المضاد» بين أذرع إيران فى المنطقة وإسرائيل، حيث لم يكن قد مر 12 ساعة على اغتيال القائد العسكرى فى حزب الله اللبنانى فؤاد شكر، إلا وأعلنت حركة حماس عن اغتيال قائد مكتبها السياسى إسماعيل هنية فى طهران صباح الأربعاء بعد مشاركته فى حفل تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان.



وتستعد إسرائيل لسيناريوهات عدة فى أعقاب تنفيذها عمليتى الاغتيال، فقررت رفع حالة التأهب داخليا وفى سفاراتها  الدبلوماسية حول العالم، وسط ترقب عالمى لرد الفعل من طهران وحزب الله.

 

فى ظل التصعيد الإسرائيلى عبر سياسة الاغتيالات، فإن الرد المتوقع يثير ترقب عالمى. 

وأعلنت حركة حماس اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران قبل فجر أمس، بعد ساعات من مشاركته فى حفل تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد، مسعود بزشكيان، فى قلب العاصمة، الأمر الذى يمثل انتهاكات صارخا لسيادة الدول، خاصة أن البعض يرون أنه رسالة تهديد للرئيس الجديد.

وعقب هجوم 7 أكتوبر، تم استهداف قادة من كلا الطرفين حماس وحزب الله، إلا أن الاغتيالين الأخيرين جاء مختلفين من حيث التوقيت المتوتر للغاية والمستوى القيادى.

وسائل إعلام تابعة لحركة حماس، نقلت عن مصادر إيرانية قولها إن اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة.

وعلق عضو المكتب السياسى لحركة حماس موسى أبومرزوق على اغتيال هنية بالقول إن اغتيال القائد إسماعيل هنية عمل جبان ولن يمر سدى.

وحسبما ذكر الحرس الثورى فى بيان فإن هنية قتل مع أحد حراسه الشخصيين، وهو ما أكدته وكالة الأنباء الإيرانية التى قالت إن هنية قضى وأحد حراسه إثر استهداف مقر إقامتهم فى طهران.

وقبل 12 ساعة تقريبا من استهداف هنية، أعلن الجيش الإسرائيلى فى وقت متأخر من يوم الثلاثاء إن طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلى قتلت أكبر قائد عسكرى فى حزب الله فؤاد شكر، المعروف أيضا باسم سيد محسن، فى منطقة الضاحية الجنوبية ببيروت.

ووصف بيان الجيش الإسرائيلى شكر الذى قتل فى غارة إسرائيلية نفذت بناء على معلومات استخباراتية، بأنه كان يعتبر اليد اليمنى لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ومستشاره لشئون التخطيط وإدارة الحرب.

ودعا عباس جماهير الشعب الفلسطينى وقواه إلى الوحدة والصبر والصمود، فى وجه الاحتلال الإسرائيلى، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أمس الأربعاء.

وفى أول تعليق رسمى له، قال الرئيس الإيرانى إن بلاده ستجعل المحتلين الإرهابيين نادمين على اغتيال الشهيد الشجاع –حسب تصريحاته.. وكشفت تقارير إيرانية عن انعقاد مجلس الأمن الإيرانى صباح الأربعاء فى جلسة طارئة عقب عملية اغتيال إسماعيل هنية، والذى حسب مصادر سيحدد استراتيجية طهران للرد، ووفقا لمصادر إيرانية، فقد عقد الاجتماع فى مقر إقامة المرشد الأعلى لإيران، آية الله على خمانئى، وبمشاركة قائد فيلق القدس بالحرس الثورى، إسماعيل قانى.

سيناريو المواجهة

ولفتت إلى أنه يتعين على إسرائيل الاستعداد لـحرب كبرى، وحسب السيناريو المتوقع، فستكون الجبهة الداخلية الإسرائيلية هى المسرح الرئيسى للهجمات المرتقبة.

ووفقا للتصور الإسرائيلى، فستكون هناك هجمات صاروخية بمختلف الأنواع، إضافة إلى إطلاق المئات من الطائرات المسيرة الانتحارية باتجاه الأهداف الإسرائيلية، ليس فقط من لبنان، ولكن أيضا من اليمن وسوريا والعراق، وإيران أيضا.

كما تخشى إسرائيل- بحسب يديعونوت -من سيناريو نقل عناصر من جماعة الحوثى إلى الحدود الشمالية الإسرائيلية، على الحدود مع لبنان وسوريا، إضافة إلى تصعيد مرتقب من حزب الله فى الجنوب اللبنانى.

جمود المباحثات

من جانبه قال، استاذ العلوم السياسية وحل النزاعات فى الجامعة العربية الأمريكية، أيمن يوسف، إن اغتيال هنية سيؤدى إلى مزيد من التعقد والجمود فى مباحثات الصفقة بين إسرائيل وحماس، مما يعطل الإفراج عن الرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر، بل سيؤدى إلى إشعال النار فى المنطقة بأكملها مثل سكب مزيد من الزيت على النار المشتعلة بالمنطقة.. وتابع أستاذ العلوم السياسية فى تصريحات خاصة لـ”روزاليوسف” إلى أن الرد على عملية الاغتيال سيكون محدودا سواء من حماس ذاتها، أو من إيران عبر وكلائها فى المنطقة، خصوصا أنها عملية دقيقة ومنظمة فيها العديد من الدروس، والعديد من العبر ستنعكس تداعياتها بشكل واضح على المعركة داخل قطاع غزة، وستذهب إسرائيل إلى الخيارات العسكرية الميدانية وتعطيل مسار المفاوضات وصفقة تبادلتها الأسرى، خصوصاً أن الشهيد اسماعيل هنية كان عنصرًا فاعل فى هذه المفاوضات، وبالتالى اسماعيل هنية كان الجسر الذى يربط ما بين الوسطاء وبالتحديد الجانب المصرى والقطرى ويحيى السنوار والجناح العسكرى، داخل حركة حماس.

وتابع أستاذ العلوم السياسية، تعطيل مسار المفاوضات من مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلى، والجميع يدرك هذا الوضع خصوصا بعد خطاب الدم داخل الكونجرس وأنه لا نية لدى نتنياهو للموافقة على التهدئة أو عملية تبادل الأسرى، وأضاف أيمن أن الخيارات الفلسطينية فى هذه المرحلة تكاد تكون منعدمة ولكن الأهم هي الوحدة الفلسطينية، والتصعيد الميدانى فى قطاع غزة والجبهات المحيطة وأهمها لبنان.

وفيما يتعلق بالرد الإيرانى، قال استاذ العلوم السياسية أن الرد الإيرانى سيأخد وقتا وبالتالى ردة الفعل ستكون من خلال جبهات الاسناد، من سوريا أو العراق أو اليمن، خصوصا أن ايران لديها الكثير من المصالح والارتباطات داخل المنطقة، لن تضحى بكل هذا من أجل هذا الحادث، التى كشفت مدى هشاشة المنظومة الأمنية فى إيران وقدرة إسرائيل على الاختراق، الأكيد أن هناك فجوة تقنية هائلة بين إسرائيل وإيران، وبالتالى سيستغل نتنياهو هذه الفجوة للترويج للداخل الإسرائيلى أنه قادر على أن يحدث هذا الاختراق، وأن إسرائيل قادرة عسكرياً للوصول إلى قيادات حماس سواء داخل غزة أو خارجها.

إيران لن تدخل المعركة

أما بالنسبة لموقف المفاوضات، قال القيادى بحركة فتح أيمن الرقب، إن ملف الصفقة أغلق الآن ولن يفتح فى المستقبل القريب، مرجحا ألا تصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق قبل إعلان الفائز بالانتخابات الأمريكية، أى أوائل العام المقبل على الأقل، مضيفا: أن هذا ما يرغب فيه نتنياهو.

وعما يمكن أن تفعله إيران، يعتقد الرقب أنه لن يكون هناك رد مباشر من طهران على الحادث، ولو حدث على وقع الضغوط الداخلية سيكون عبر إحدي أذرعها وهو حزب الله.

وتابع: هذه ليست المرة الأولى التى تقع فيها اغتيالات بقلب طهران. إيران لن تدخل المعركة وهذا يتضح من رد الحرس الثورى الذى أعلن أنه يدرس تفاصيل هذه العملية وسيرد ببيان توضيحى، وبالتالى لا توجد رسائل حاسمة وسريعة من إيران.

بضوء أمريكى

من جهته، قال الدكتور هانى سليمان، مدير المركز العربى للبحوث والدراسات، إن اغتيال إسماعيل هنية فى الداخل الإيرانى هو تصعيد خطير، يحمل رسالة استهانة وتحد للنظام الإيرانى وعد الاكتراث بردود الفعل الإيرانية، خاصة توقيت الاستهداف الذى يأتى على هامش تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان فى ظل مشاركة العديد من الفصائل المدعومة إيرانيا أرادت تل أبيب أن ترسل رسالة ردع وتهديد، باغتيال هنية ومن قبله اغتيال فؤاد شكر فى الضاحية الجنوبية بيروت، مشيرا إلى أن كل هذه الضربات الموجعة تزيد من تعقيد المشهد وتنسف فرص توقف إطلاق النار.

وأوضح سليمان فى تصريح خاص لـ”روزاليوسف “أن استهداف هنية داخل طهران يحمل رسالة من تل أبيب أنها قادرة على الوصول إلى قادة الميليشياتى أو القادة الإيرانيين أنفسهم فى غرف نومهم، مشيرا إلى أن العملية تؤكد ضعف القدرات الأمنية الإيرانية على عكس ما يتم الترويج له سياسيًا فى السنوات السابقة، مؤكدًا أن اختلاف هنية يختلف عن اغتيال قاسم سليمانى لأن الأخير تم استهدافه فى العراق بينما استهداف هنية داخل طهران يفقد ثقة الميليشيات المدعومة إيرانيا فى الدولة الإيرانية والنظام الإيرانى وقدرتهم على حمايتهم، وهذا سيظل مرهونا بحجم الرد الإيرانى وطبيعته.