هل يقترب صراع الشرق الأوسط مـن الحـرب الشاملة
أسامة رمضان ونهى حجازى ومحمود محرم وأحمد زكريا
يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا خطيرًا مع احتدام الصراع “الإسرائيلى - الفلسطيني” وامتداد الهجمات الإسرائيلية مؤخرًا إلى جنوب لبنان، وتصاعد التوترات مع إيران، ما ينذر بكارثة إنسانية محتملة إذا استمرت إسرائيل فى هجماتها، كما يحدث فى غزة فى الأشهر الأخيرة.
وتعود جذور الصراع بين إسرائيل ولبنان إلى عقود مضت، وتحديدًا إلى النزاع الإسرائيلي -العربى الأوسع الذى بدأ فى منتصف القرن العشرين، إذ يمثل الصراع بين إسرائيل وحزب الله جزء من هذا النزاع الأكبر، مع التركيز على الصراعات الإقليمية التى تفاقمت بسبب تدخلات القوى الكبرى والصراعات الداخلية فى الدول المجاورة.
فى الأسابيع الأخيرة، شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على مواقع تابعة لحزب الله، مبررة ذلك بأنها رد على إطلاق صواريخ من الأراضى اللبنانية باتجاه إسرائيل، وجاء هذا التصعيد فى وقت حساس للغاية، حيث يعانى لبنان بالفعل من أزمة اقتصادية خانقة وأزمة سياسية عميقة، حيث أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن سقوط العديد من المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية، مما زاد من معاناة السكان المحليين.
الأزمة المستمرة فى غزة
فى غزة، استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية وسط تصعيد مستمر مع الفصائل الفلسطينية، إذ أدت الهجمات الجوية الإسرائيلية إلى سقوط ضحايا بين المدنيين وتدمير واسع للمنازل والمرافق الحيوية، مما زاد من معاناة السكان الذين يعيشون فى ظل حصار طويل الأمد، وردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق صواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية، مما أدى إلى زيادة حدة التوترات وتصعيد العنف.
تصاعد التوترات مع إيران
وتشهد المنطقة أيضًا تصاعدًا فى التوترات بين إسرائيل وإيران، خاصة أن طهران تُعتبر داعمًا رئيسيًا لحزب الله والفصائل الفلسطينية فى غزة، مما يزيد من تعقيد الوضع، علاوة على استمرار التصريحات العدائية المتبادلة بين إيران وإسرائيل، والتى تعكس احتمالية حدوث مواجهة أوسع فى المنطقة.
وأعلن حزب الله استهداف مستعمرة “أفيفيم” بالأسلحة المباشرة فى أولى عملياته، وذلك ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على البلدات اللبنانية، والتى كان آخرها استهداف دراجة نارية فى بلدة عبة فى القطاع الأوسط من الجنوب اللبناني.
وقال الدكتور عبدالمنعم سعيد المفكر السياسي، إن تصعيد إسرائيل للصراع فى المنطقة، وخاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية فى طهران وفؤاد شكر فى لبنان، يعكس نواياها المتصاعدة لاستفزاز إيران وحزب الله، وهذا التصعيد لا يهدد فقط استقرار المنطقة، بل قد يشعل فتيل حرب إقليمية شاملة ستكون لها آثار كارثية على العالم أجمع.
وأشار “سعيد” إلى أن تصاعد الأحداث بهذه الطريقة يزيد من احتمالات المواجهات المسلحة بين القوى الإقليمية الكبرى، ويزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية لأن إيران وحزب الله لن يقفا مكتوفى الأيدى أمام هذه الاستفزازات، مما يزيد من احتمالية الرد العسكرى الذى قد يمتد ليشمل مناطق أخرى فى المنطقة، موضحًا أن الحرب الإقليمية ستكون فرصة لنشاط المليشيات الإرهابية وستكون بداية لم شمل لهذه المنظمات، حيث تسعى إلى الرجوع الى دائرة الضوء مرة اخرى وستكون هذه فرصة مناسبة لها.
وأوضح، أن الحرب الإقليمية المحتملة لن تكون مجرد نزاع محلى، بل ستؤدى إلى زعزعة استقرار أسواق النفط والاقتصاد العالمي، وزيادة أعداد اللاجئين والمشردين وستكون الدول الكبرى مجبرة على التدخل، مما قد يؤدى إلى توسع نطاق الصراع ليشمل قوى عالمية، ويزيد من تعقيد الوضع الجيوسياسى العالمى ولهذا، من الضرورى أن تعمل الدول المعنية والقوى الدولية على تهدئة الأوضاع والسعى لحل النزاعات بطرق دبلوماسية لتفادى كارثة إنسانية وأمنية ستؤثر على الجميع دون استثناء.
التداعيات الإنسانية
تعد التداعيات الإنسانية للهجمات الإسرائيلية مأساوية بالنسبة لسكان جنوب لبنان وغزة، إذ دمرت الهجمات العديد من المنازل والمرافق الحيوية مثل المدارس والمستشفيات، وزاد من صعوبة حصول المدنيين على الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء..
ودفع الضحايا المدنيون، بما فى ذلك الأطفال والنساء وكبار السن، الثمن الأكبر فى هذا النزاع، فالأضرار التى لحقت بالبنية التحتية جعلت من الصعب على العديد من الأسر تأمين احتياجاتها اليومية، من الغذاء والرعاية الصحية، بالإضافة إلى النزوح القسرى للعديد من العائلات، ما يزيد من الضغط على المجتمعات المضيفة ويشكل عبئًا إضافيًا على الموارد المحدودة فى المنطقة.
وأشاد أحمد عبدالجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن وأمين التنظيم، بالدور البارز للقيادة السياسية المصرية فى تعزيز مكانة مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى من خلال دعم القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية.
وحذر رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، من أن تصعيد الصراع يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار السياسى والاقتصادى والأمنى على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن التصعيد قد يؤدى إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، ويزيد من تأثير الصراع على الاقتصاد العالمي، خصوصًا فى مجال الطاقة، ويرفع أعداداللاجئين.
وأكد حاتم حشمت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشيوخ، أن الدولة المصرية قادرة على الدفاع عن أمنها والرد على أى تهديد بفضل قواتها المسلحة، محذرًا من خطورة اتساع الصراع الإسرائيلى وتأثيره السلبى على استقرار المنطقة.. وأشار أحمد محسن قاسم، الخبير السياسي، إلى أن رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى تمديد الصراع هى السبب الرئيسى فى تفاقم الأوضاع فى المنطقة، محذرًا من أن استمرار الصراع دون التوصل إلى اتفاق هدنة سيؤدى إلى تفاقم المأساة الإنسانية بشكل كارثي.
ردود الفعل الدولية
الهجمات الإسرائيلية على لبنان وغزة، والتوترات المتصاعدة مع إيران، أثارت موجة من الغضب والإدانة الدولية، فالعديد من الدول عبرت عن قلقها من تصاعد العنف وطالبت بوقف فورى للأعمال العدائية، علاوة على أن الأمم المتحدة دعت جميع الأطراف إلى التهدئة والعودة إلى طاولة المفاوضات، محذرة من أن استمرار التصعيد قد يؤدى إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق.
مصر، بصفتها لاعبًا رئيسيًا فى السياسة الإقليمية، تلعب دورًا بارزًا فى معالجة الأزمات فى الشرق الأوسط، علاوة على أن القيادة السياسية المصرية أثبتت نجاحها فى تعزيز مكانة مصر على الصعيدين الإقليمى والدولي، من خلال دعم القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
الآفاق المستقبلية
وتتطلب الأزمة الحالية فى الشرق الأوسط جهودًا منسقة من جميع الأطراف للوصول إلى حلول دبلوماسية حقيقية، وتجنب المزيد من التصعيد الذى قد يهدد استقرار المنطقة ويزيد من معاناة المدنيين، ويجب على المجتمع الدولى أن يلعب دورًا أكبر فى تسوية النزاعات وتعزيز الاستقرار، مع التركيز على تقديم الدعم الإنسانى وتخفيف معاناة المدنيين المتضررين من النزاعات، خاصة أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان ليست مجرد تصعيد عسكري، بل هى مؤشر على أزمات أعمق تتطلب استجابة دولية منسقة وفعالة لتخفيف حدة النزاع وتحقيق السلام المستدام فى المنطقة.