الخميس 10 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النحاس لـ«روزاليوسف»:  لا يا ستى أنا مش راضى!

النحاس لـ«روزاليوسف»:  لا يا ستى أنا مش راضى!

منذ البداية كان مصطفى النحاس باشا زعيم الوفد متشككا فى إعلان «روزاليوسف» عن صدور جريدتها اليومية، وكما يقول فقد عينت لها طائفة من المحررين مشكوك فى وفديتهم!



وطلب النحاس باشا باستدعاء» روزاليوسف» لمقابلته فى بيت الأمة، ودارت بينهما مناقشة ساخنة وغاضبة بسبب هجوم المجلة على وزارة توفيق نسيم باشا التى أتى بها الانجليز، وهى التى تؤجل عودة الدستور.

وتقول» روزاليوسف» إن النحاس باشا قاطعها قائلًا: لا يا ستى أنا ما أحبش تناقشينى فى السياسة انتى يعنى عايزة محمد محمود وصدقى رؤساء حكومات قبل حكومة نسيم باشا يرجعوا «إحنا تعبنا”!!

وخرجت قبل أن يتم حديثه -الكلام لـروزاليوسف- وكلمة “إحنا تعبنا» التى أسمعها لأول مرة منه ترن فى أذنى ولا تزال إلى الآن -وقت كتابة الذكريات سنة1953 - وقد شعرت أن هناك شيئا يباعد بينى وبين الوفد وإن بقيت المجلة وفدية، وبقيت الخطة المقبلة للجريدة اليومية على تأييدها للوفد!

وهدأت أزمة العقاد وعزمى من الجهاد لتنشب أزمة أخرى، فقد كنت عازمة على أن تصدر الجريدة صباحية وكان هذا أيضا ما يسيء إلى الجهاد التى كانت تصدر صباحية وطلب مكرم عبيد أن تصدر الجريدة مسائية، ولكنى رفضت!

وكانت العادة قد جرت على أن يذهب كل من يريد أن يصدر جريدة أو مجلة وفدية إلى مصطفى النحاس بوصفه زعيما للوفد يستأذنه فى الصدور ويستمع إلى نصائحه وتوجيهاته ويتلقى تأييده الأدبى.

وعقدت العزم فى أول الأمر على ألا أذهب إليه متأثرة بمقابلته السابقة لى، ولكن الأستاذ العقاد أقنعنى بأن أنسى هذه المقابلة وأن أذهب لزيارته كالعادة.

وفعلًا ذهبت مع الدكتور عزمى بوصفه رئيسا للتحرير لمقابلته وما إن دخلنا عليه حتى قلت له: إن شاء الله تكون راضى يا باشا؟!

فأسرع يقول: لا يا ستى مش راضى!

قالها بطريقته البسيطة -بين المداعبة والجد -التى تنم عن قلب أبيض ونية خالصة، وهى طريقة يمكن أن يتقبلها أى إنسان بلا غضب، فضحكت، واستطرد قائلًا: انتو حتمشوا فيها زى المجلة؟!

فقلت: زى ما أنت عايز يا باشا!

فرضى قليلًا ثم قال: وحتطلعوا الصبح ليه؟!

فشرحت له الموقف وكيف أننا سنطبع الجريدة فى مطابع» البلاغ” ولما كانت البلاغ تصدر مسائية فلا بد أن تصدر “روزاليوسف» صباحية فبان عليه الاقتناع وإن بدأ أنه اقتناع غير كامل.

وتحدثنا بعد ذلك عن السياسة العامة طويلًا ثم صافحته وانصرفت ولم أكن أعلم أن هذه هى آخر مرة أقابل فيها مصطفى النحاس حتى كتابة هذه السطور على الأقل.

ومضت بنا دوامة الاستعداد لإصدار الجريدة وكنت مصممة على أن تولد من يومها الأول جريدة كبرى لا ينقصها شىء!

وحددنا يوم 25 مارس 1935 موعدا لصدورها وفى الأيام القليلة السابقة لموعد الصدور بدأت بوادر المضايقات من جبهات شتى!

رفضت بعض الصحف أن تنشر إعلانات عن صدور الجريدة!! وعين مكرم عبيد على بك سالم عضو الوفد المصرى مديرًا لسياسة» الجهاد «ليشعر الناس أن الجهاد هى جريدة الوفد لا روزاليوسف!

ورفض النحاس أن يرسل كلمة يصدر بها العدد الأول رغم أن كاتب الجريدة الأول هو كاتب الوفد الأول الاستاذ العقاد.. وأردنا أن نستعيض عن ذلك كله فأخذنا نبحث عن كلمة مأثورة نجعلها شعارا للجريدة وتعبنا فى البحث حقًا وأخيرًا ولاحظ العقاد أن النحاس على عكس سعد لم تشتهر عنه كلمات مأثورة وأخيرًا أخترنا قوله: “من كذب الأمة أو داخله فيها الشك فليس منها”.

وللذكريات بقية!