القاهرة تلبـى نداء الصومـال
أحمد إمبابى
تأكيداً على الدعم المصري، للأشقاء فى الصومال، وتنويع مجالات التعاون، لبّت مصر، نداء الصومال، حينما طلب الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، من الرئيس عبدالفتاح السيسى، دعم بلاده أمنيًا، ودعم قدرات الصومال العسكرية بما يمكنها من مواجهة التحديات المختلفة التى تواجهها، وعلى رأسها خطر الإرهاب، ومخاطر التدخل الأجنبى من بعض الأطراف الإقليمية، التى تستهدف تقسيم الصومال.
ولا يقف الدعم المصرى عند خطوة التعاون الأمني، بل يمتد للمشاركة فى قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى فى الصومال، وفقًا لما أعلنه السفير الصومالى بالقاهرة، إضافة إلى تنويع مجالات التعاون، لتشمل المجال الاقتصادى والتجارى والاستثماري، وهو ما تم التأكيد عليه، خلال زيارة رئيس وزراء الصومال هذا الأسبوع للقاهرة، وإجرائه مباحثات مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، لبحث دفع الاستثمارات المصرية فى الصومال، وتلبية احتياجات الصومال من السلع.
تأتى تلك الخطوات، كثمار لمسار التعاون والشراكة المصرية مع الصومال، والتى تجسدت فى زيارة الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، للقاهرة مرتين هذا العام، الأولى كانت فى شهر يناير الماضي، والثانية فى منتصف شهر أغسطس الماضي، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءاته مع نظيره الصومالى على موقف مصر الثابت، «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأى تدخل فى شئونه الداخلية».
قوات حفظ السلام
خلال زيارة الرئيس الصومالى الأخيرة للقاهرة (14 أغسطس الماضى)، شهد الرئيسان المصرى والصومالي، مراسم التوقيع على بروتوكول التعاون العسكرى بين البلدين، وخلال المؤتمر الصحفى المشترك، قال السيسى: إن «مصر ستتقدم باعتبارها عضوًا فى الاتحاد الإفريقي، لطلب المشاركة فى بعثة الاتحاد الإفريقى لحفظ السلام فى الصومال، والتى سيتم إرسالها بداية العام المقبل»، وقال: إن «مصر سترأس مجلس السلم والأمن الإفريقى أكتوبر المقبل»، وأوضح أن «فرصة للعمل على دعم الامن والاستقرار بالصومال ودعمها فى مواجهة خطر الإرهاب».
وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، فى يونيو الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم فى الصومال باسم “بعثة الاتحاد الإفريقى لدعم الاستقرار فى الصومال”، اعتبارًا من يناير 2025.
وفى المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الصومالي، خلال زيارته لمصر فى يناير الماضي، أكد الرئيس السيسى أن «مصر تدعم الصومال وترفض التدخل فى شئونه والمساس بسيادته»، وشدد على دعم مصر للصومال فى محاربته الإرهاب، والعمل على تطوير العلاقات، وقال: إن «الصومال دولة عربية ولها حقوق طبقًا لميثاق الجامعة العربية فى الدفاع المشترك أمام أى تهديد تتعرض له»ـ وأكد أن «مصر لن تسمح بتهديد الأشقاء إذا طلبوا منها التدخل».
فى هذا الصدد، أعلن السفير الصومالى بمصر، على عبدى أوارى عن بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشيو، تمهيدًا لمشاركة مصر فى قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى فى الصومال (AUSSOM)، والتى من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الإفريقى الانتقالية الحالية فى الصومال بحلول يناير 2025.
وأشاد السفير الصومالي، فى بيان له، بهذه الخطوة المهمة والتى تعد أولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التى عقدت بالقاهرة مؤخرًا، وأكد السفير الصومالى أن مصر لم تتوان يومًا عن دعم الأشقاء وخاصة الصومال، موضحًا أن مصر بذلك ستكون أولى الدول التى تنشر قوات لدعم الجيش الصومالى بعد انسحاب قوات الاتحاد الإفريقى الحالية.
دعم عسكرى
وفى إطار الدعم العسكرى، أعلن السفير تميم خلاف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، وصول إلى العاصمة الصومالية «مقديشيو» شحنة من المساعدات العسكرية المصرية للجيش الصومالى بهدف دعم وبناء قدراته.
وقال ان المساعدات تأتى فى إطار تنفيذ التزامات مصر بموجب بروتوكول التعاون العسكرى الموقع مؤخرا مع الصومال، وتأكيدا على مواصلة الدور المصرى المحورى فى دعم الجهود الصومالية نحو امتلاك القدرات والإمكانات الوطنية لتحقيق تطلعات الشعب الصومالى الشقيق فى الأمن والاستقرار والتنمية، ولدعم الصومال ولتحقيق الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب وصون سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.
دعم اقتصادى وتجارى
وفى إطار تنوع مسارات التعاون المشترك بين البلدين، استقبل رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، نظيره الصومالى حمزة عبدى بري، نهاية شهر أغسطس الماضي، وبحث معه إجراءات تنويع وزيادة الدعم المصرى للصومال، فى مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأكد مدبولي، خلال مباحثاته مع نظيره الصومالي «التزام وحرص بلاده على تقديم الدعم اللازم للصومال فى كل المجالات»، وقال: إن «القاهرة تتحرك بقوة نحو دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع مقديشيو»، مشيرًا إلى «العمل على تسهيل التمويلات للأعمال التجارية والاستثمارية بين البلدين، وتشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة فى الصومال»، وأعرب عن تطلّعه لرعاية نظيره الصومالى قريبًا لمنتدى أعمال فى الصومال بحضور رجال الأعمال من البلدين.
وأشار رئيس الوزراء المصري، إلى «جاهزية بلاده لتصدير أى سلع أو بضائع يحتاجها الصومال، وتيسير نفاذها»، وأشار إلى خطوات لتعزيز التقارب بين القاهرة ومقديشيو، منها «تشغيل خط الطيران المباشر، وافتتاح السفارة المصرية بالصومال». وفى المقابل أشاد رئيس الوزراء الصومالي، بالموقف المصرى الداعم لبلاده، فى مواجهة ما أسماه «محاولات بعض القوى للعمل على تقسيم الصومال»، مشيرًا إلى أن «مصر دائمًا فى مقدمة الدول الداعمة لبلاده»، وقال: إن «التعاون بين البلدين متعدد الأوجه”، مضيفًا أنها تشمل “التعاون السياسى والتجارى والاستثماري، وفى ميادين الثقافة والتعليم».
وقدم برى «عددًا من المطالب المتعلقة بدعم العلاقات بين البلدين»، وأعرب عن تطلعه «لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال المصريين والصوماليين فى مجالات الزراعة»، ووعد بتقديم «التسهيلات اللازمة لأى استثمارات مصرية»، مشيرًا إلى أن «الصومال بلد غنى بالثروة الحيوانية والثروة السمكية، ومن الممكن أن تستفيد منها السوق المصرية»، وقال: إن «بلاده شهدت خلال العامين الماضيين تطورًا حقيقيًا على مختلف الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية».
التعاون فى مجال الزراعة والتجارة
وفى إطار تنوع مجالات التعاون بين البلدين، التقى وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور شريف فاروق، مع السفير الصومالى بالقاهرة على عبدى أواري، هذا الأسبوع، لبحث آليات التعاون فى مجال تحقيق الأمن الغذائى والتبادل السلعى والتجاري.
وأكد السفير الصومالي، أهمية تعزيز التعاون بين رجال الأعمال المصريين والصوماليين فى مجالات الزراعة والتجارة، مشيرًا إلى أن الصومال بلد غنى بالثروة الحيوانية والثروة السمكية، ومن الممكن أن تستفيد منها السوق المصرية، معربًا عن استعداد الصومال لتقديم كل التسهيلات اللازمة لأى استثمارات متبادلة بين مصر والصومال.
دعم استقرار الصومال
واعتبر أمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية، السفير على الحفنى، أن «تنويع مجالات الدعم المصرى للصومال، يستهدف العمل على استقرار الصومال»، وقال: إن «القاهرة تستهدف من دعمها للصومال، استعادة استقرارها، ودعم قدرات مؤسساتها الوطنية، حتى تستطيع تلبية التزاماتها تجاه الشعب الصومالي».
وقال الحفني: إن من أهداف الدعم المصرى للصومال اقتصاديًا «تحقيق الصومال الاكتفاء الذاتى فى المنتجات الغذائية، بما يمكنها من مواجهة مخاطر الجفاف والتغيرات المناخية التى تسبب المجاعة لمناطق عديدة»، وقال: إن «الصومال تمتلك قدرات استثمارية كبيرة، خصوصًا فى مجال الاستزراع السمكي، بسواحلها على البحر الأحمر»، مشيرًا إلى أن «مصر أصبح لديها تراكم خبرات كبير، فى تنويع مجالات التعاون مع الدول الإفريقية»، وقال: إن «القاهرة أصبحت تعتمد على مشاركة القطاع الخاص لفتح مجالات استثمار فى الدول الإفريقية».
وأرجع الحفني، الحرص المصرى لدعم المؤسسات الصومالية إلى «ارتباطها بمصالح استراتيجية، تتعلق بالأمن القومى المصرى فى منطقة البحر الأحمر»، وقال: إن «مصر تستهدف دعم استمرارية النظام الحالى فى الصومال، والمؤسسات الوطنية، فى مواجهة مخاطر وتحديات عديدة أبرزها خطر الإرهاب، الذى أضعف قدرات الدولة الصومالية»، وقال: إن «القاهرة تقوم بتأهيل وتدريب الجيش الصومالى لرفع كفاءته فى مواجهة تلك التحديات».
وارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والصومال إلى 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 31 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88 %، وحسب إفادة من الجهاز المركزى للإحصاء فى 14 أغسطس الماضى، سجلت الصادرات المصرية 57 مليون دولار فى تلك الفترة، بينما بلغ حجم الواردات 2 مليون دولار.
وافتتحت السفارة المصرية بالصومال، مقرها بالعاصمة مقديشيو خلال شهر أغسطس، فيما دشنت القاهرة، أول خط طيران مباشر، إلى العاصمة الصومالية، فى 12 يوليو الماضي، بحضور وزيرى الخارجية والطيران المدنى المصريين.