
رشاد كامل
.. وانتهى شهر العسل بين روزاليوسف والوفد!
استقل النحاس باشا ومكرم عبيد القطار من مدينة الإسكندرية عائدين إلى القاهرة لحضور الاجتماع غير العادى فى بيت الأمة.
وتسرد السيدة روزاليوسف ما جرى وقتها بقولها:
عقد الوفد اجتماعه فى بيت الأمة وكنا قد تأكدنا من القرار فأعددنا ملحقًا لكى يصدر بمجرد إذاعة قرار الفصل».
وكان الوفد على العكس من ذلك قد حرص على ألا يبلغنا القرار حتى ينشر القرار فى جميع الصحف ما عدا «روزاليوسف» ولكننا استطعنا تدبير وسيلة للحصول عليه!
واستمر اجتماع الوفد من الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، أربع ساعات ونصف اشتدت فيها المناقشات وأنجلت عن قرار هذا نصه.
“بيان قرار الوفد المصرى بجلسته المنعقدة اليوم فى بيت الأمة برياسة حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل «مصطفى النحاس باشا» أنه نظرا لأن جريدة «روزاليوسف» قد أجترأت على نشر مقالات تتضمن الطعن على الوفد ومكانته من الأمة فإن هذه الجريدة لا تمثل الوفد فى شىء ولا صلة لها به، «بيت الأمة فى 3 جمادى الثانية - 28 سبتمبر 1935».
وأوضح أن روزاليوسف حتى ذلك الوقت لم تكن قد نشرت كلمة واحدة تطعن فيها الوفد، إلا مقال «وليم الكداب» هذا الذى اتخذه الوفد حجة لهذا القرار.
وبعد ساعة من صدور هذا القرار كان ملحق «روزاليوسف» يباع فى الشوارع يحمل عنوانا رئيسيا ساخرا يقول:
«الوفد المصرى يحل القضية المصرية! جلسة خطيرة يحضر لها من الإسكندرية».
وكان النحاس ومكرم وسائر أعضاء الوفد فى محطة القاهرة ينتظرون قطار العودة إلى الإسكندرية حين دخل الباعة إلى المحطة ووزعوا عليهم ملحق روزاليوسف فقابلوه بالدهشة البالغة لهذه السرعة العجيبة ونشرنا من أدب القرآن الآية الكريمة التى اختارها الأستاذ «كامل الشناوى» وهى «وقد افترينا على الله كذبا إن عدنا فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا، وسع ربنا كل شىء علما».
ونشرنا تحتها كلمة «سعد زغلول» الصحافة حرة تقول فى حدود القانون ما تشاء وتنتقد ما تريد وليس من الرأى أن نسألها لماذا تنتقدنا، بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه!
ولم أبال أيضا بما انتهت إليه الأمور من حرج وخطورة وسرت فى طريقى مدفوعة بنفس الدافع الذى كان يدفعنى دائما وهو الوطنية الصادقة، ولم أبال بما كان ينصحنى به الأستاذ الكبير «عباس محمود العقاد» من وجوب الاعتدال حرصا على المال الذى صرفته فى سبيل الجريدة.
وعز على النحاس باشا والأستاذ مكرم عبيد أن يجدا من لا يرضخ لمشيئتهما متلفة كانت أو مصلحة وقد تعودا ألا يلقيا من محيطهما إلا الرضوخ والاستسلام بعد بلع الريق وإرسال التأوهات!
وكان أن اجتمعت الهيئة الوفدية وأصدرت قرارها العجيب بأن جريدتى ومجلتى لا يعبران عن الوفد.
وكان أن أزحت القيد بعد أن حطمته وسرت فى طريقى، وطريقى كان وسيكون دائما ما يوحى به ضميرى نحو خدمة هذا البلد.
وهكذا كنت أول من ناصر الوفد أيام كان يعمل بمبادئ الوفد القويمة، وهكذا كنت أول من خرج على الوفد إذ خرج عن مبادئه القديمة.
وللذكريات بقية..