الله أكبر رددها الجنود الأقباط بعد تدمير خط بارليف
وطنية الجيش المصرى سر انتصارات حرب أكتوبر

مايكل عادل
لم يكن مشهد عبور الجيش المصرى لخط بارليف بحدث عادى، بل حمل مئات القصص والحكايات التى سجلها الجنود، خاصة ذكريات الرجال الذين عبروا أكبر مانع فى التاريخ.
رجال حققوا الإنجاز الكبير فى ساعات قلائل، وكان شعارهم «الله أكبر».. رددها أبناء مصر كلهم المسلمون والمسيحيون.. إنه شعار النصر كانوا معًا فى الجبهة.. القنابل وطلقات المدافع لم تفرق بين من يرفع الهلال ويحمل الصليب.. الدفاع عن أرض مصر فى حروبها امتزجت لأجله دماء شهدائنا المسلمين والمسيحيين، ولعله من المفيد هنا التأكيد على أن جيش مصر العظيم هو بوتقة وطنية، لا مجال فيها للتمييز وفقا للديانة، فـ«الدين لله والوطن للجميع».. وهناك عشرات الأسماء لأبطال مصريين حملوا فى خانة الديانة ببطاقتهم الشخصية تصنيف «مسيحى»، لكن وعلى قاعدة «الدين لله والوطن للجميع» ظلت الوطنية المصرية هى باعث عطاء الجميع فى الجيش «مسلم ومسيحى».
فى هذا اليوم المجيد، 6 أكتوبر 1973، أصر كثير من المصريين المسيحيين على الصيام تضامنا مع إخوتهم المسلمين، وهذا ما أكده اللواء عبد القوى محجوب رئيس أركان فرقة كان يقودها اللواء فؤاد عزيز غالي، فى تصريحات سابقة له.
وقد جمع اللواء غالى جنوده وكتبوا عشرة أعلام تحمل كل منها عشر آيات قرآنية.. أحد الأعلام أصر الجنود أن يكتبوها بدمائهم.. وفى هذا الموقف أصر أحد الجنود المسيحيين على الاشتراك فى بذل هذا الدم ليؤكد أن مصر فى مواجهة العدو وفى كل موقف يد واحدة.
كانت هذه الفرقة أول فرقة حققت العبور الكامل، وبعد أن انتهت من إنجاز مهمتها عرضت على بقية التشكيلات المجاورة لتقديم المساعدة لأنهم أنجزوا مهمتهم فى وقت قياسى.
هذه الفرقة رغم أن قائديها أحدهما مسيحى والآخر مسلم إلا أن التفاهم بينهما كان تامًا والتنسيق كاملًا، ولقد استثمرت مصر هذه الروح حتى تم تحرير كل الأرض واستردت سيناء.. فى القائمة بطل فولاذى حين تأتى سيرة حرب أكتوبر يقفز اسمه على الفور هو اللواء فؤاد عزيز غالى الذى حصل على رتبة فريق بعد الانتصار، قاد «غالى» الجيش الثانى أثناء الحرب، وكان صدى صوت وزير الحربية المشير أحمد إسماعيل يرن فى أذنه: «مكتوب على جبهتك القنطرة، وأتركك الآن حتى تحررها، وسوف تعود إلى قيادة الفرقة 18 مشاة»، وفعلها غالى، وقام بتأمين منطقة شمال القناة من القنطرة إلى بورسعيد، ومعه فرقته وجيشه الثانى بمسلميه ومسيحييه، ومنهم اللواء ثابت إقلاديوس رئيس غرفة عمليات مدفعية الفرقة الثانية.
ولا ننسى اللواء باقى زكى يوسف الذى كان عمره وقتها 35 عاما، أى أنه اخترع فكرته العبقرية التى أهدت النصر لمصر وهو شاب يافع، وحين تطل على سيرة هذا البطل العظيم لن تتوقف أمام أنه «مسيحى»، وإنما هو مصرى، هكذا تعامل معه قادته، وهكذا تعامل جمال عبدالناصر.. كانت حروب مصر هى بطولات لكل المصريين، مسلمين ومسيحيين، فى بوتقة واحدة ينصهر الجميع فيها، يتحدث عن ملمح لها اللواء حاتم عبداللطيف «النقيب أثناء حرب أكتوبر»: كنت قائد المجموعة الرابعة اقتحام، وتضم 58 جنديا مسلما ومسيحيا، وكان الشاويش نصحى ميخائيل ضمن جنود المجموعة، وعندما طلبت المجموعة لإخبارهم بموعد الحرب، وقراءة الفاتحة، طلب منى ألا تكون قراءتها فى صمت، وإنما أقوم أنا بقراءتها بصوت مرتفع والرد وراءه، فسألته: «ليه يا صبحى؟»، فرد: «لكى أقراها معكم»، وقد كان، ويستكمل اللواء حاتم عبداللطيف: «فى 9 أكتوبر استشهد صبحى ميخائيل وإصبعه مرفوعة إلى السماء، ووجهه أبيض يشع منه النور».