الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء: انضمام مصر إلى التكتل يكسبه قوة ويعزز القدرة الاقــتصادية للدول الأعضاء

تشارك مصر فى قمة البريكس المنعقدة بمدينة «قازان» الروسية، بصفتها عضواً رسميا فيها منذ بداية 2024، وهو ما يمنحها مميزات متعددة تسهم بشكل كبير فى تحسين البنية التحتية وجذب الاستثمارات وزيادة الحركة السياحية الوافدة، وحل أزمة الدولار وتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، فى ظل دخولها عالم اقتصادى جديد متعدد الأقطاب، وذلك وفقًا لما أكده خبراء متخصصون لـ جريدة «روزاليوسف» .



قال الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، إن هناك أكثر من 30 دولة طلبت الانضمام إلى عضوية تجمع الـ«بريكس»، لكن قبول مصر فى الدفعة الأولى من توسعة التكتل جاء انطلاقًا من المميزات المتعددة التى تتمتع بها، باعتبار أن القاهرة قوة السلام والاستقرار الرئيسية فى المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن السعى المصرى الدائم لإحلال السلام يشيع الأمل بمستقبل أفضل فى كل المنطقة.

وأوضح «سمير» فى تصريح خاص لـ«روزاليوسف»، أن من ضمن أهداف الـ «بريكس»، تحقيق أعلى معدلات للتنمية والازدهار للشعوب، ولا يمكن أن تزدهر الشعوب دون أن يكون هناك سلام واستقرار، بالتالى فإن دول البريكس تنظر إلى مصر عند اختيارها باعتبارها راعية للسلام والاستقرار فى كل المنطقة.

وأشار إلى أن انضمام أى دولة إلى هذا التكتل «الجيوسياسى» الكبير، يعطيها مميزات كبيرة ومنها مصر، لاسيما أن به دولتين أعضاء دائمين فى مجلس الأمن وهما الصين وروسيا وثلاث دول نووية وهى الهند والصين وروسيا، كما أن هذا التجمع يشكل أكثر من ثلث الناتج القومى وأكثر من 30% من الناتج القومى العالمي، وبعد التوسعة أصبح التكتل ينتج حوالى 66 تريليون دولار سنويا، ويشكل أكثر من 22% من التجارة الدولية وأكثر من 46% من عدد سكان العالم، بالتالى فإن الإنضمام إليه من الناحية السياسية، هو قيمة مضافة كبيرة جدا لكل دولة.

 ويرى « سمير»، أن انضمام دولة مثل مصر يضيف إلى هذا التكتل لأنها محور التفاعلات السياسية والأمنية فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط والمنطقة العربية وحوض البحر المتوسط، بالتالى فإن هذا الموقع الجيوسياسى لمصر باعتبارها ملتقى القارات، بالإضافة إلى وجود قناة السويس التى تمر من خلالها نحو 12% من التجارة الدولية، كل ذلك أعطى مصر أكثر من ميزة للانضمام إلى هذا التكتل.

وأوضح أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، شارك مرتين من قبل فى قمة الـ بريكس قبل الانضمام كعضو كامل بداية من يناير 2024، وسبق لمصر أن انضمت إلى بنك التنمية الجديد وهي إحدي الأذرع المالية والاقتصادية لمجموعة الـ بريكس، بالإضافة إلى صندوق التحوط وهو البنك الذى يقوم بتمويل مشروعات التنمية والتحول الرقمى والطاقة الجديدة والمتجددة وأيضا مشروعات البنية التحتية، وجميعها أولويات وأهداف مصرية، كما يساعد صندوق التحوط العملات الوطنية لدول الـ بريكس لتحافظ على قيمتها أمام العملات الأخرى وفى مقدمتها الدولار.

وتابع: انضمام مصر للبريكس يفتح أسواقًا جديدة أمام المنتجات والسلع المصرية مثل السوق الصينية، والهندية، والروسية، والبرازيلية، كما أن التعامل بالعملات الوطنية يوفر لمصر مليارات الدولارات عندما تتعامل مصر بالجنيه مقابل الروبن، أو اليوان الصينى أو الروبية الهندية، مشيرًا إلى أن هناك دائما أولوية فى المميزات التجارية والاقتصادية التى تتمتع بها دول التكتل فى التعامل مع بعضها البعض، على سبيل المثال مجموعة الـ بريكس من أكثر الدول التى تنتج قمحا وحبوبا فى العالم، مثل الهند والبرازيل وروسيا، ووجود اتفاق بين دول الـ بريكس بأن تعطى أولوية وقيمة للدول الأعضاء على أى دولة أخرى، هى ميزة نسبية تجعل دول التكتل قريبة جدا من تحقيق الاكتفاء الذاتى فى مجموعة حيوية من السلع الأساسية مثل القمح والزيوت والأسمدة وكلها متطلبات مصرية، كما أن الصين والهند وروسيا متقدمين تكنولوجيا، وجزء رئيسى من عمل البريكس هو توطين التكنولوجيا ونقل الخبرات، ولهذا قمة «قازان» تركز على عدة أهداف، سياسية وأمنية، اقتصادية ومالية، وثقافية.

فيما يرى الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، وأستاذ الاقتصاد الدولي، أن انضمام مصر لتكتل ضخم مثل دول الـ بريكس له فائدة قصوى بالنسبة للقاهرة، التى تسعى فى الأساس لجذب الاستثمارات الخارجية وتحسين البنية التحتية والعملة، وجميعها مميزات من السهل على الـ بريكس توفيرها، نظراً لوجود بنك خاص به يوفر تمويل منخفض التكلفة، بالتالى فإن مصر محظوظة بالانضمام لهذه المجموعة.

وأضاف: التكتل كان يضم 5 دول وهى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ثم زاد إلى 11 دولة، وتبلغ قيمة اقتصادات هذه الدول حوالى 30 تريليونا أى نحو 30 % من حجم اقتصاد العالم، وإجمالى الناتج المحلى من هذه الدول 37% من إجمالى الناتج العالمي، وهو ما يزيد علي مجموعة الـ G7 الذى يضم الدول السبع الكبار ويصل الناتج المحلى لهم 30.7% وهم أمريكا واليابان وكندا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، علاوة على أن عدد سكان البريكس يبلغ 3.5 مليار نسمة أى حوالى 45% من سكان العالم، ومساحته 48% من مساحة العالم، وينتجون 44 % من إنتاج العالم للبترول، وحجم استثماراتهم المشتركة 500 مليار دولار، وحركة التجارة بينهم فى  2023  كانت حوالى 9.5 تريليون دولار وهذا يمثل30%، وحجم الاحتياطات النقدية لهم وصل إلى 5 تريليونات دولار.

 وأوضح خبير الاقتصاد الدولي، أن مصر كانت تتعاون مع هذا التكتل بحجم تبادل تجارى قيمته 23 مليار دولار، مشيرًا إلى أن المجموعة خصصت 100 مليار دولار لتعزيز التعاون الاقتصادى بين دولها فى المشروعات التنموية المشتركة، وأسسوا بنكا لمنافسة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى يمول مشروعات البنية التحتية فى الدول الأعضاء بفائدة منخفضة وهو مايتيح لمصر الاستفادة من هذه الميزات، كما أن تكتل الـ بريكس يسعى لإنشاء نظام اقتصادى عالمى جديد أكثر عدالة بسبب تحكمات البنك والصندوق الدولى، ويسعى أيضا لكسر هيمنة الاقتصاد العالمى ومؤسسات التمويل العالمية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.

واستطرد: يهدف تكتل الـ بريكس إلى تعزيز التعاون الاقتصادى بين المجموعة وخاصة فى مجال التجارة والاستثمار، ويركز على فرص الاستثمار فى كل دولة من دول التكتل، بالتالى فإن مصر عندها فرصة لجذب أرقام كبيرة جدا من الاستثمارات من هذا التكتل، خاصة الصين وروسيا، لا سيما فى ظل وجود تمويل بتكلفة منخفضة من بنك التنمية الآسيوي، وتم رصد 100 مليار لمساعدة الدول فى المشروعات التنموية خاصة البنية التحتية، بالتالى فإن مصر تستطيع جذب استثمارات وأموال للتنمية من البريكس.

وأكد «عبده»، أن مصر أصبح عليها واجبات كثيرة بعد انضمامها للـ بريكس، وفى مقدمتها يجب أن تعمل أكثر لتبادل السلع بالعملات المحلية مع دول المجموعة، كما ينبغى توفير سلع وخدمات لتبادلها وتحسين مشروعات البنية التحتية، ليصبح لديها مناخ استثمارى إيجابي، كما ينبغى عليها جذب استثمارات منخفضة التكلفة وزيادة جذب السياحة من هذه الدول.

ويتفق معهم الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، فى أن تكتل الـ بريكس من أكبر التكتلات فى العالم، مشيرًا إلى أن هذا التكتل له دور مهم حيث يستهدف بناء نظام اقتصادى موازى متعدد الأقطاب ومحاولة إيجاد بدائل لعمليات التبادل التجارى والاستثمار بعيدا عن نظام بريتون وودز.

وأوضح «جاب الله»، أن بريكس لا يستهدف اقتصاده مع مؤسسات نظام بريتون وودز، لكنه يستهدف خلق بدائل لها بحيث تكون التعددية هى الآلية التى تخلق اقتصادا عالميا أكثر عدالة، ومن أجل ذلك قامت دول التكتل باستهداف تعاون دولى ما بين الدول الأعضاء وتبادل تجاري، لافتًا إلى مصر انضمت للتجمع فى يناير الماضى وخلال الثمانية أشهر الأولى من انضمامها، ارتفع حجم التبادل التجارى ما بين مصر ودول التكتل بنحو 15% ليرتفع بنحو 30.2 مليار دولار، علاوة على أن مصر تذهب إلى قمة بريكس فى روسيا وهى تحمل ملفات تتركز فى كيفية تحويل مبادئ التجمع لمشروعات على أرض الواقع، حيث تستهدف عرض الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر لجذب مزيد من الاستثمارات، كما أن التكتل يضم غرفة التجارة والصناعة الخاصة بدول التجمع، يشترك كبار المستثمرين فى هذه الدول، وهو ما يشكل عنصرا مهما للتواصل بين مصر ودول التكتل.

ويرى عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن المشاركة المصرية فى هذه القمة سيكون لها مردود كبير على أرض الواقع وسيترتب عليها دفع العلاقات التجارية ما بين مصر ودول التكتل إلى الأمام وزيادة حجم التبادل التجاري، فضلا عن تعزيز الفرص الاستثمارية فى مصر، وأن يكون هناك استثمارات أكبر لدول الـ بريكس فى الفترة القادمة.