رسائل الرئيس
السيسى للعالم بـقمة «قازان» الروسية

أحمد إمبابى
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة تجمع دول «بريكس»، المنعقدة بمدينة «قازان» الروسية، وهى القمة التى تشهد، للمرة الأولى، مشاركة مصر كعضو فى التجمع، منذ انضمامها رسمياً له مطلع العام الجارى.
خلال فعاليات القمة، استعرض الرئيس السيسى، رؤية مصر ومواقفها إزاء عدد من الموضوعات والقضايا المهمة دولياً وإقليمياً، خاصة سبل تعزيز التعاون بين دول التجمع بما يضمن تطوير العمل متعدد الأطراف والإسهام فى التصدى للتحديات المركبة التى يشهدها العالم سياسياً واقتصادياً، وكذا إصلاح الهيكل المالى العالمى لتحقيق التوازن المأمول، لا سيما ما يتعلق بتعزيز صوت ومصالح الدول النامية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية.
كلمة مصر
خلال الجلسة العامة للقمة، ألقى الرئيس السيسى كلمة أمس الأربعاء، أكد خلالها أن «مصر تؤمن، إيمانا راسخا، بأهمية تعزيز النظام الدولى متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين».
وقال الرئيس السيس، إن «الأزمات المتعاقبة التى عصفت بالعالم، خلال السنوات الماضية، قد أوضحت بما لا يدع مجالا للشك، عجز النظام الدولى عن التعامل بإنصاف مع الصراعات حول العالم، فضلا عن حالة الاستقطاب والانتقائية، التى أضحى النظام الدولى يتسم بها».
وقال إن التطورات الدولية، أظهرت أن القصور الذى يعانى منه النظام الدولى الحالى، لا يقتصر فقط على القضايا السياسية والأمنية، بل يمتد إلى الموضوعات الاقتصادية والتنموية، حيث تعانى الدول النامية من تصاعد إشكالية الديون، وعدم توافر التمويل اللازم، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلا عن ارتفـاع تكلفـة التمويـل والاقتـراض، وقال إن مصر تولى أولوية كبرى لاتخاذ خطوات ملموسة، تضمن اضطلاع المجتمع الدولى بدوره، فى توفير التمويل الميسر لتحقيق التنمية فى الدول النامية، عبر استحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، وآليات شاملة لضمان الإدارة المستدامة لديون الدول النامية.
وأوضح الرئيس أن توسيع عضوية تجمع الـ بريكس مطلع العام الجارى، يعكس نية دول التجمع لتعزيز التعاون متعدد الأطراف، وإعلاء صوت ومصالح الدول النامية، فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وأكد دعم مصر لتعزيز التشاور والتنسيق، بين دول تجمع الـ بريكس، وتكثيف التعاون لمواجهة التحديات الدولية المشتركة، لاسيما تغير المناخ، والنفاذ للتمويل الميسر، والأمن الغذائى، وتزايد معدلات الفقر والجوع، واتساع الفجوة الرقمية والمعرفية.
وأكد الرئيس السيسى،«أهمية دفع أطر التعاون، فى مجال التسويات المالية بالعملات المحلية، واستثمار الميزات النسبية لدول التجمع، لتدشين مشروعات اقتصادية واستثمارية وتنموية مشتركة، لا سيما فى مجالات الزراعة، والصناعة والتحول الرقمى، والطاقة الجديدة والمتجددة.. فضلاً عن دعمنا للدور المهم لمجلس أعمال الـ بريكس، وتحالف سيدات الأعمال بالتجمع، فى تكثيف التعاون بين القطاع الخاص وأصحاب الأعمال فى الدول الأعضاء، باعتبارهم شركاء رئيسيين فى جهود تحقيق التنمية المستدامة».
الصراعات الإقليمية والدولية
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال الجلسة العامة الأولى لقمة تجمع الـ بريكس، المنعقدة تحت عنوان «تعزيز النظام المتعدد من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين»، حيث ألقى كلمة مصر التى تضمنت تأكيد اعتزاز مصر بمشاركتها الأولى كعضو فى تجمع الـ بريكس منذ انضمامها له مطلع العام الجارى، والحرص الذى توليه لتعزيز انخراطها بشكل فاعل فى جميع آليات عمل التجمع، فى إطار تطوير العلاقات الاستراتيجية التى تربط مصر بأعضاء الـ بريكس.
كما ثمن الرئيس الجهود التى بذلتها الرئاسة الروسية لتجمع الـ بريكس، خلال العام الجارى، فى مختلف المجالات والموضوعات، فضلاً عن جهود روسيا فى إدارة المناقشات الخاصة بتوسيع الشراكة مع الدول الصديقة والمؤثرة، بما يعكس الرغبة المشتركة فى تطوير منظومة العمل الجماعى، وإعلاء صوت الدول النامية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية.
وألقى الرئيس السيسى، الضوء خلال كلمته على الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة والتى تدفع إلى العمل بقوة نحو ضمان فاعلية المنظومة الدولية، وأظهرت بوضوح عجزها عن التفاعل مع الكارثة الإنسانية التى يشهدها قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلى على لبنان، على الرغم من التحذيرات المستمرة من العواقب الوخيمة لهذا الصراع وتوسعه، مشدداً على الأهمية الكبيرة لتجمع الـ بريكس، والدور الحيوى الذى يمكنه القيام به لتطوير المنظومة الدولية مستعرضاً أولويات مصر فى هذا الإطار، والمتمثلة فى أهمية تعزيز التعاون المشترك، لاستحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، على غرار مبادلة الديون من أجل المناخ، مع تعظيم الاستفادة من الآليات التمويلية القائمة، فى ظل ارتفاع فجوة تمويل التنمية إلى حوالى 4 تريليونات دولار فى الدول النامية.
قال المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أكد ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وفاعلة، لإصلاح الهيكل المالى العالمى، بما فى ذلك مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعزيز استجابتها للاحتياجات الفعلية للدول النامية، وأهمية تعزيز التعاون بين دول تجمع الـ بريكس، فى مواجهة التداعيات السلبية لتغير المناخ، فضلاً عن وجوب استثمار المميزات النسبية التى تتمتع بها دول التجمع لتنفيذ مشروعات مشتركة فى قطاعات الاقتصاد الرئيسية، خاصة قطاعات الطاقة والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ودفع أطر التعاون المشترك فيما يتعلق بالتسوية المالية بالعملات المحلية، إضافة إلى دعوته لتكثيف وتعميق التواصل والتعاون الثقافى بين شعوب دول التجمع.
القمة المصرية الروسية
على هامش مشاركته بقمة «بريكس»، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حيث عقد الرئيسان جلسة مباحثات موسعة، رحب خلالها الرئيس بوتين بزيارة الرئيس إلى روسيا، معرباً عن سعادته بالمشاركة الأولى لمصر كعضو بتجمع البريكس، مؤكداً أن انضمام مصر للتجمع يمثل إضافة لمسارات عمله، ويسهم فى تعزيز دوره كمنصة لتعزيز التعاون متعدد الأطراف بين الدول النامية.
وأكد الرئيس السيسى، الأهمية التى توليها مصر لتعزيز التعاون مع روسيا، ليس فقط على المستوى متعدد الأطراف، ولكن على مستوى العلاقات الثنائية التى تشهد تطوراً كبيراً فى مختلف المجالات، استناداً إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين البلدين فى عام ٢٠١٨، كما ثمن الرئيس التعاون بين البلدين فى العديد من المشروعات المشتركة، خاصةً مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.
وقال المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية إن اللقاء شهد تباحث الرئيسين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، حيث تم الاتفاق على الأهمية القصوى لخفض التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط فى ظل ما يحمله الصراع بالمنطقة من تداعيات سلبية إقليمياً ودولياً، ودعا الرئيسان ضرورة التوصل لوقف إطلاق نار فورى فى غزة ولبنان، وخفض التصعيد وتفادى الممارسات والإجراءات التى من شأنها أن تدفع بالإقليم نحو مزيد من التأزم، وفى هذا السياق شدد الرئيس على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى أهالى قطاع غزة، فضلاً عن دعم لبنان وتأكيد احترام سيادته وأمنه واستقراره.
وأكد الرئيس السيسى موقف مصر الداعى للحلول الدبلوماسية والتسويات السياسية للأزمات من خلال الحوار، على النحو الذى يحفظ السلم والأمن الدوليين، ويصون مقدرات الشعوب.