المصالحة الفلسطينية تبدأ من القاهرة
![الرئيس عبد الفتاح السيسي](/UserFiles/News/2024/11/06/434735.jpg?241109190000)
نورالدين أبوشقرة
«فتح» و«حماس» فى الطريق لـ«توحيد الصف»
مجاهد: مصر حريصة على «لم الشمل» وحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة
جهود مستمرة تقوم بها الدولة المصرية لتوحيد الصف الفلسطينى، لضمان تحقيق تطلعات وآمال الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، إذ باتت الفصائل الفلسطينية، على موعد فى القاهرة لـ«لم الشمل»، وعلى رأسها حركتا «فتح» و«حماس»، لإتمام اتفاق من أجل إنشاء لجنة الإسناد المجتمعى، التى ستخول لها مهمة إدارة شئون قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وتأتى هذه الخطوة فى إطار جهود الوساطة المصرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع، إذ جاءت المحادثات «الفلسطينية» التى تستضيفها القاهرة، بعد رفض «حماس» الصفقة المصغرة فى مفاوضات الهدنة، وفى هذا الإطار تحدث خبراء لـ «روزاليوسف»، عن مسار المباحثات بين الحركتين، مع اقتراب الموافقة على تأسيس «لجنة مهنية» تدير قطاع غزة مستقبلا، خصوصًا مع ما يُثار عن قبول حماس هذه اللجنة واشتراطها أن تصدر بمرسومًا رئاسيًا.
وكان سفير دولة فلسطين بالقاهرة دياب اللوح قد أعلن فى وقت سابق، أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس سيصل مصر للمشاركة فى أعمال المنتدى الحضرى العالمى ولقاء شقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وقال السفير الفلسطينى، إنه من المقرر أن يعقد الرئيسان خلال الزيارة لقاء ثنائيًا لتبادل الرأى وتعزيز التعاون المشترك والتشاور حول كل التطورات الجارية فى فلسطين والإقليم والعالم، مضيفًا أنه على رأس أولويات اللقاء بحث سُبل إنجاح جهود مصر والشركاء الآخرين لوقف حرب الإبادة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى وحمايته وإغاثته وإعادة إعمار ما دمرته الحرب المستمرة.
وسيبحث اللقاء حشد الجهود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة المتصلة جغرافيا والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.
مصر تحمى القضية
فيما أكد محمد مجاهد مستشار المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أن هناك خلافات بين الفصائل الفلسطينية على مدار سنوات طويلة، استغلها جيش الاحتلال طوال عقود من أجل تفكيك القضية الفلسطينية، وطوال هذه السنوات كانت مصر متواجدة وحريصة على لم الشمل الفلسطينى من خلال عقد العديد من الاجتماعات والمبادرات للتوصل إلى تهدئة وحلول جذرية بين الفصائل الفلسطينية، لكن تكمن المشكلة عقب عودة الوفود إلى قطاع غزة، إذ يتم تجاهل وعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الجانب المصري.
وأضاف «مجاهد»، فى تصريحات خاصة لـ «روزاليوسف»، أن الوضع الآن مختلف، فالجميع متمسك فى بادرة أمل وحل ينهى معاناة الشعب الفلسطينى، لذلك من المهم أن تقبل «حماس» بالشروط والقرارات التى من شأنها إنهاء ما يمر به الشعب الفلسطينى من تدمير وحروب ودمار، وحان الوقت لأن تختار حركة المقاومة الشعب وتسعى لتقديم الحلول التى تنهى هذه المعاناة .
وتابع: «تبذل مصر جهوداً شاقة من أجل توحيد الصف الفلسطينى وتضغط بكل قوة على كل الفصائل للوصول لحل نهائى، يسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تتولى الأمر داخل قطاع غزة بداية من تسلم معبر رفح حتى تشكيل لجنة مشتركة تدير قطاع غزة، وفى اعتقادى أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية سيكون لها اليد العليا».
وأشار «مجاهد»، إلى أنها الجولة الـ 15 التى يقوم بها الجانب المصرى من أجل التوصل إلى مصالحة بين حركتى «فتح» و«حماس»، وفى كل الجولات كانت حركة «حماس» تجلس على طاولة المصالحة ولا تنفذ أى اتفاقات فور عودتها إلى قطاع غزة.
مرونة بين فتح وحماس
وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ علم السياسة والقيادى فى حركة فتح لـ«روزاليوسف»، إن لقاء حركتى فتح وحماس فى القاهرة سعى لتحقيق الوحدة الفلسطينية وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، مؤكدا أن الاجتماعات شأن فلسطينى خالص، والجهود المصرية هدفها توحيد الصف الفلسطينى والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطينى الشقيق.
وأوضح «الرقب»، أن الحركتين، أبدتا مزيدًا من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء لجنة الإسناد المجتمعى لإدارة شئون قطاع غزة، لافتًا إلى أن اللجنة تتبع السلطة الفلسطينية وتتضمن شخصيات مستقلة، حيث ستصدر بمرسوم من الرئيس الفلسطينى محمود عباس، لتتحمل إدارة قطاع غزة.
وتوقع «الرقب»، أن يتم الإعلان عن موافقة رئاسية على تشكيل هذه اللجنة، مع إعلان أسماء أعضائها من قبل الفصائل الفلسطينية، مستطردًا: «مهما كان عدد أعضائها، لن تتمكن من السيطرة الكاملة على قطاع غزة، لكنها قد تبدأ فى استلام معبر رفح بعد ترتيب وجود قوة أمنية فلسطينية».
وأشار إلى أن حماس تطالب بتشكيل إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل جميع الفصائل، بما فيها حماس والجهاد الإسلامى، يشرف على إدارة الملف السياسى العام، مؤكدًا أن الرئيس عباس لم يتخذ قرارًا نهائيًا بهذا الشأن حتى لا تتفاقم الأوضاع مع الاحتلال والولايات المتحدة.
واستطرد: «من الأمور المهمة التى تم يتناولها اللقاء هى مسألة موافقة الاحتلال على هذه الترتيبات، وهل سيسمح نتنياهو بتسليم معبر رفح وإعادة ترتيب الأوراق؟.. وإذا رفض فقد تذهب جميع هذه الجهود سدى»، مشيرًا إلى أن هناك حاجة ملحة لانتظار صدور مرسوم من الرئيس أبو مازن لتشكيل اللجنة، وكذلك موافقة الاحتلال على بدء ترتيب القوة التى ستستلم معبر رفح فى المرحلة الأولى من عملها.
وتابع، أن المفاوضات بين وفدى فتح وحماس فى القاهرة، تكتسب أهمية خاصة فى ظل التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية، حيث عقدت جلستان فى منتصف أكتوبر الماضى، وكانت حماس تطالب بتشكيل إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى هيئة مهنية تشرف على إدارة قطاع غزة.
وأوضح «الرقب»، أن حماس تأمل أن تشكل هذه اللجنة جزءًا من الحكومة الفلسطينية، لكن الأمور كانت صعبة بعد تشكيل حكومة تكنوقراط، متوقعًا أن توافق حماس على تشكيل هذه الهيئة المجتمعية التى ستساعد فى توزيع المساعدات وإعادة إعمار غزة.
دور مصر لا يتوقف
ولفت السفير سيد شلبى المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، إلى أن الدور المصرى تجاه الشعب الفلسطينى معترف به إقليميًا ودوليًا، وعلى مدار عقود من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى، ومنذ الـ 7 من أكتوبر تحملت دور الوساطة سواء مع الأشقاء العرب أو مع الجانب الأمريكى والإسرائيلى، لإنقاذ الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.
وأضاف «شلبى»: «حان الوقت أن يكون هناك لم شمل بين الفصائل الفلسطينية، لكن العقبة الكبرى وأعتقد الوحيدة فى جيش الاحتلال ونتنياهو، لأنه مصمم وعازم منذ اليوم الأول على إبادة شاملة للشعب الفلسطينى وتدمير قطاع غزة بالكامل.
وأكد جهاد الحرازين، أستاذ القانون العام والنظم السياسية والقيادى بحركة «فتح» الفلسطينية، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»، أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعى، صارت قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق عليها، وتعد خطوة إيجابية فى اتجاه المصالحة الفلسطينية، مضيفًا: «ما يجرى فى القاهرة من خلال الاستضافة على مدار اليومين السابقين اللقاءات التى جرت بين وفدى حركتى فتح وحماس كان بهدف كيفية إيجاد آلية للجنة الإسناد المجتمعى».
وأردف: «هذه اللجنة سيلقى على عاتقها العديد من المهام المتعلقة بعملية الإغاثة لشعبنا الفلسطينى، بالإضافة إلى ملفات الشئون المدنية والتعليم والصحة وكذلك معبر رفح، وهذه اللجنة كان لا بد أن يكون لديها مرجعية، وهذه المرجعية للحفاظ على وحدة النظام السياسى وتتمثل مرجعيتها فى الحكومة الفلسطينية، بالإضافة إلى قرار سيصدر من الرئيس أبو مازن «محمود عباس» بمرسوم رئاسى بتكليف هذه اللجنة»، مضيفًا أن كل ذلك للتأكيد على وحدة الجغرافيا الفلسطينية ووحدة النظام السياسى الفلسطينى بمعنى عدم التعامل مع قطاع غزة على أنه منطقة معزولة.
من جانبه أكد الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والسياسى الفلسطينى، ضرورة إنجاح جهود التوصل إلى مصالحة فلسطينية بين الفصائل وإنهاء الانقسام، فى المباحثات التى ترعاها القاهرة، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أهمية دور لجنة الإسناد المجتمعى فى تحقيق ذلك.
وقال شعث: «أتوقع أن تثمر مباحثات القاهرة عن تحقيق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية، على أمل أن يكون هناك تفهم من كل الفصائل الفلسطينية ومن حركة حماس بأهمية تحقيق هذه المصالحة».
وأضاف: «المصالحة هى الملاذ الأخير الذى سيوصلنا إلى الطريق الصحيح، والحل الأمثل للخروج من كل الأزمات والذهاب إلى الحل السياسى، وأنه لا أمل فى مستقبل الشعب الفلسطينى بدون هذه المصالحة».