ريمونتادا ترامب
وسام النحراوى
عندما تختار أمريكا رئيسها، فإن هذا القرار يمتد ليؤثر على من هم خارج حدودها، لما له من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على القضايا الدولية والإقليمية، إذ تسهم بشكل أو بآخر فى إعادة صياغة سياسات الدول، وتنعكس على مسارات العلاقات الخارجية والسياسات العامة، وفى هذا التقرير نرصد “ريمونتادا” دونالد ترامب إلى البيت الأبيض:
تفاؤل روسى حذر
رغم خطاب “ترامب” المتشدد تجاه أوكرانيا، ومعارضة نائبه الصريحة إرسال المساعدات العسكرية، فليس من الواضح بعد إذا كان “ترامب” سيقطع أموال المساعدات عن أوكرانيا أم لا.
وأوضح الرئيس الروسى السابق دميترى ميدفيديف، أن “ترامب” كرجل أعمال يعارض بشدة إنفاق الأموال على حلفاء مثل أوكرانيا، لكن السؤال الأهم هو إلى أى مدى سيجبرون “ترامب” على التبرع للحرب، خاصة مع الدور الحيوى الذى يلعبه الكونجرس الأمريكى فى تمويل أوكرانيا.
الشرق الأوسط: تفاؤل اسرائيلى وتجاهل إيرانى
يضع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الشرق الأوسط على رأس جدول أعماله، فخلال السنوات الأربع الأولى من ولايته، صنع ترامب التاريخ باختياره السعودية لأول رحلة خارجية له، وعزز التكامل الإقليمى لاسرائيل، وكثف الضغط على إيران بشكل كبير، لكن الشرق الأوسط تغير بشكل كبير منذ ترك منصبه فى 2020، ويراقب جميع الجهات الفاعلة الإقليمية باهتمام كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع هذه التحولات.
القضية الفلسطينية
بالنسبة للفلسطينيين، لن يحدث فرق كبير لأن كلتا الإدارتين كانتا متحيزتين تجاه إسرائيل، وطوال حملته الانتخابية، لم يحدد “ترامب” كيف سيتعامل مع حرب غزة إذا أعيد انتخابه، أو كيف ستختلف سياساته عن سياسات س لفه.
أما اسرائيل، فقد هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو “ترامب”، واصفًا نتيجة الانتخابات بأنها “أعظم عودة فى التاريخ”، ورغم تأكيد “ترامب” أنه الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل وإشادته بعلاقته الوثيقة والشخصية مع نتنياهو، فإن العلاقات بين الزعيمين لم تكن ودية دائمًا.
إيران
قد تكون السنوات الأربع المقبلة هى الاختبار الأكبر لقوة ايران منذ تأسيسها، حيث تخضع “طهران” لضغط “ترامب” الذى عزلها وشل اقتصادها من قبل، فمنذ ترك منصبه فى 2020، كثفت إيران تخصيب اليورانيوم، وزادت صادراتها النفطية، وكثفت دعمها للجماعات المسلحة الإقليمية، وأرست سابقة بضرب إسرائيل فى هجوم مباشر مرتين.
لكن مع استمرار إسرائيل فى ضرب وكلاء ايران الإقليميين، تجد “طهران” نفسها تفقد قوتها الرادعة فى مواجهة الاضطرابات الاقتصادية والسخط الداخلى الواسع النطاق، ومع تأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع، هناك مخاوف من أن انتخاب “ترامب” قد يمكن “نتنياهو” من ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
أوروبا: خوف وحذر
استلهم الأمين العام الجديد لحلف الناتو مارك روته، نهج سلفه ينس ستولتنبرج فى التعامل مع “ترامب”، ولعب على غروره عندما هنأه قائلاً: “ستكون زعامته مرة أخرى مفتاحًا للحفاظ على تحالفنا أقوى”.
وحاولت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك استخدام لهجة تصالحية، قائلة: “ستكون ألمانيا أيضا حليفاً وثيقاً وموثوقاً به للحكومة الأمريكية المستقبلية”، لكن مثل جميع بيانات الدعم الصادرة عن القادة الأوروبيين فإن الحلف يخفى مخاوف عميقة من أن ترامب لا يهتم بما يعتقده حلفاؤه، وتتخذ أوروبا موقفاً براجماتياً بشأن حالة عدم اليقين السياسى والدبلوماسى والاقتصادى التى قد يجلبها فوز ترامب.
الصين ترقب
نهج ترامب “أمريكا أولًا” يفيد الصين استراتيجيًا، ومع ذلك فإن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته هى الهاجس الذى يطارد المسئولين الصينيين فيما يخص تعطيل أو توقف المحادثات الأمريكية الصينية التى استؤنفت للتو وعواقبها على الجانبين والعالم، وحول مواضيع تشمل الشئون الاقتصادية والعسكرية، وتغير المناخ.
وعلى الرغم من أن “ترامب” أعلن احترامه للصين، وإعجابه بالرئيس الصينى وأنه يفضل أن تكون علاقة البلدين جيدة، فإنه هدد بتصعيد حربه التجارية مع بكين، وفرض تعريفة جمركية بنسبة 60% أو أكثر على السلع الصينية، والتخلص التدريجى من جميع واردات السلع الأساسية منها، ومنعها من شراء الأراضى الزراعية الأمريكية، وتعهد بتكثيف الجهود لمنع بكين من التجسس على الولايات المتحدة.
تايوان: مخاوف دفاعية واقتصادية
فوز ترامب سيف ذو حدين لتايوان، فقد أشار سابقا إلى أنها يجب أن تساهم ماليا بشكل أكبر فى دعم الدفاع الأمريكي، وبالتالى فهى الآن فى مواجهة تحدى التعامل مع أولويات ترامب المتغيرة.
وبعيدا عن الدفاع، تضيف المخاوف الاقتصادية طبقة أخرى من التوتر المحتمل، فقد اتهم ترامب تايوان بـ”سرقة” أعمال الرقائق الأمريكية، بل هدد بفرض تعريفات جمركية على صادرات الرقائق.