الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإذاعية القديرة لطيفة الشافعى فى حوار لـ«روزاليوسف»: أنيس منصور منحنى أول درس فى عملى.. ومصطفى أمين علمنى الصبر

لطيفة الشافعى
لطيفة الشافعى

حوار- د. مريم الشريف  



 

مشوار إذاعى كبير بدأته فى قسم الاستماع السياسى لإذاعة إسرائيل فى الإذاعة المصرية، الذى شهدت خلاله انتصار مصر وارتعاش مذيعى إسرائيل من الرئيس البطل الراحل أنور السادات.

تدرجت فى العمل داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون إلى أن أوكلت لها مهمة رئاسة القنوات التعليمية، بعدما اكتسبت خبرة فى المشاركة بتأسيس قناة النيل للأخبار.

فى السطور التالية تقرأون حوار الذكريات والإنجازات مع المذيعة القديرة لطيفة الشافعي، التى تحدثت إلى «روزاليوسف»عن كواليس لقاءاتها مع مشاهير الفن والأدب، وإلى نص الحوار..

 

■ كيف كانت بدايتك فى الإذاعة المصرية؟ 

- تخرجت فى كلية الآداب قسم لغة عبرية فى عام 1972، ودخلت الإذاعة يوم 18 سبتمبر 1974، وكانت بدايتى من قسم الاستماع السياسى لإذاعة إسرائيل باللغة العبرية، حيث كنا نتلقى نشرات وبرامج الأخبار باللغة العبرية ونترجمها ترجمة فورية على الورق إلى اللغة العربية، ويتم توزيعها على مكاتب الأخبار والنشرات فى الإذاعة المصرية. 

ثم انتقلت إلى شبكة البرنامج العام وعملت فيها لمدة عام وثمانية أشهر فى برنامج »العالم على الهواء». 

كانت سنة انتقالية، ثم عملت لسنوات فى إذاعة فلسطين بشبكة صوت العرب، وبعدها انتقلت إلى إذاعة الشرق الأوسط، التى عملت بها حوالى 15 عامًا.

■ ما أبرز المواقف التى تذكرينها أثناء عملك فى الاستماع السياسى؟

-  لا أنسى زيارة الرئيس الراحل السادات للقدس، كانت المذيعة التى ترصد المشهد فى إذاعة إسرائيل وقتها اسمها مريام كوهين، وكانت نشيطة ومتمكنة، لكن لحظة نزول الطائرة المصرية، وجدتها صامتة لدرجة أننى اعتقدت حدوث عطل فى الإرسال، إلا أننى وجدتها تقول فجأة: “شيء لا يصدقه عقل” باللغة العبرية ثلاث مرات متتالية، ثم قالت: “السادات هنا”، وكان صوتها مرتعشًا ويبدو عليها المفاجأة والدهشة، لأنهم حتى آخر لحظة لم يكونوا متخيلين أن الرئيس الراحل السادات سيذهب إليهم. 

بدأت كوهين فى وصف السادات، من البدلة التى كان يرتديها إلى تعبيرات وجهه وطريقة نزوله من سلم الطائرة، بالإضافة إلى وصفها لقيادات إسرائيل الذين كانوا فى انتظاره، مثل مناحم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل وقتها، وغيرهم، والذين كانوا فى قمة الاندهاش. 

الرئيس الراحل السادات استعاد لنا أرضنا كاملة، حقق أكبر نصر فى تاريخ مصر والعالم العربى.

■ كيف استفدت من العمل فى الاستماع السياسى ثم إذاعة فلسطين؟ 

- قضيت ست سنوات فى الترجمة العبرية، ثم انتقلت إلى شبكة صوت العرب، وإذاعة فلسطين، وكنت أرى القضية من شقيها: وجهة النظر الفلسطينية والإسرائيلية.. لكن الفترة التى عملت خلالها فى إذاعة فلسطين كانت فترة التفكك العربى، وأذكر وقتها أن الرئيس السادات فى مؤتمر ميناهاوس وضع علم فلسطين بجانبه إلى جانب العلم المصرى، للتأكيد على أن فلسطين دولة لها حقوقها وأنها صاحبة قضية، وأعتقد أنه لو حضر الفلسطينيون هذا المؤتمر، لكانوا سيكسبون الكثير ويدعمون قضيتهم، ولم يكن سيحدث كل ما نراه اليوم، لكنهم للأسف رفضوا الانضمام إلى المؤتمر.

■ ما أبرز اللقاءات التى قمت بها على مدى مشوارك؟ 

- أجريت لقاء مع الدكتور مفيد شهاب، عضو اللجنة القومية لطابا وعضو فريق الدفاع المصرى أمام محكمة التحكيم الدولية بشأن قضية طابا، والذى حكى لى كم كانت المفاوضات عسيرة وصعبة، إلا أننا تمسكنا بكل شبر من أرضنا.

وعملت لقاء مع الأديب والصحفى الكبير أنيس منصور، الذى حكى لى كثيرًا من الكواليس الخاصة برحلته إلى القدس حينما كان مرافقًا للرئيس الراحل السادات فى رحلة القدس. 

ومن هذه الكواليس أن السادات اعتاد فى نهاية اليوم على الجلوس مع المقربين منه، وكان منهم أنيس منصور، ليخبره بملخص لأبرز الأخبار، خاصة أن السادات كان مشغولًا بلقاءاته مع قيادات إسرائيل، وكان الوفد المصرى وقتها مقيمًا فى فندق واحد هو »الملك داود».

■ حدثينى عن تأثير الكاتب أنيس منصور فى حياتك؟

- كان أول لقاء لى فى عملى الإذاعى مع الكاتب الكبير أنيس منصور، كلفونى فى الراديو بعمل حوار معه، رغم أنه كان صعب الوصول إليه، وتخوفت كثيرًا وشعرت أنهم يريدون تعجيزى فى أول عمل لي، إلا أننى استطعت الوصول إلى رقم مكتبه، وكان وقتها رئيس تحرير مجلة «أكتوبر».

طلبته ورد عليّ، وقلت له إننى مذيعة جديدة فى إذاعة فلسطين وكلفونى بإجراء لقاء معك، ولا أعرف إذا كنت ستوافق أم لا، فوجدته صمت ثوانى ثم أجابنى قائلا»: بكرة الساعة التاسعة».. من سعادتى نسيت أن أسأله صباحًا أم مساء، وقررت الذهاب فى التاسعة صباحًا، وإذا حدث وكان الموعد مساء، سأنتظر حتى التاسعة مساء.

وبالفعل ذهبت ووجدت مدير مكتبه لديه علم بالموعد، دخلت المكتب ووجدت أنيس منصور واقفًا وصافحنى وسألنى عن مؤهلى، وعرف أننى من المنصورة، وهى مسقط رأسه أيضًا، وسألنى عن رأيى فى رحلة الرئيس السادات إلى القدس، ووجدنى متوافقة ومدعمة للرئيس فى كل مواقفه.. ثم نظر فى ورقة أسئلتى له، ووجدها سؤالين، وكان واضحًا أننى مبتدئة، فقال لي: «ما ينفعوش»، وكتب لى أسئلة بنفسه حوالى عشرة أسئلة، وشاور لى على كرسى بعيد وقال: “ذاكرى الأسئلة هناك وافهميها، بحيث لما تيجى تسأليني، لا تقرئى من الورقة”.

وهذا كان أول درس ونصيحة لى فى حياتى المهنية أعطاها لى أستاذ أنيس منصور، وفعلًا جلست أذاكر الأسئلة، وهو كان يتابع شغله مع ضيوفه، ثم بعدها أخبرته أننى مستعدة للحوار.

كان مطلوبًا منى فى إذاعة فلسطين أخذ تسجيل خمس دقائق، لكن بعد ما ذاكرته فى الورقة، أخذت منه تسجيل 45 دقيقة..  أنيس منصور كان داعمًا للشباب فى بدايتهم، وهذا الحوار كان خير دليل، وما زلت أذكر هذا اللقاء.

■ هل هناك شخصيات أخرى أثرت فى حياتك؟

- الكاتب الكبير مصطفى أمين، كنت من خلاله أسمع لأول مرة جملة: «الشجرة المثمرة هى التى يقذفها الناس بالطوب»، لأننى كنت متعسرة قليلًا فى العمل.

أجريت معه لقاء مهمًا جدًا، تحدث معى خلاله عن فترة نشأته فى بيت خاله سعد زغلول، والذى تعلم منه أشياء كثيرة. 

■ ماذا عن كواليس لقاءاتك مع مشاهير الفن؟ 

- أجريت لقاءات كثيرة أثناء عملى فى إذاعة الشرق الأوسط، منها لقاء مع الفنانة هند رستم، التى كانت ضمن برنامج «عرفت هؤلاء»، وهى شخصية ودودة ولطيفة جدًا، صادقة، وتتحدث ببساطة وعلى طبيعتها.

كما حاورت الفنانة فاتن حمامة، التى كانت أنيقة وجميلة ومتواضعة، استقبلتنى من باب المصعد، ثم دخلت منزلها وأجريت حوارًا متميزًا معها، ترك انطباعًا جميلًا لدى، وأثناء مغادرتى منزلها، حدث نفس الأمر حيث أوصلتنى إلى باب المصعد.. وأتذكر أننى أثناء تقديمها فى بداية اللقاء، قلت إنها فنانة عظيمة، فقالت لي: “أرجوك، لا أحب هذا الكلام”، كانت تتحدث بمنتهى الهدوء. 

ومن أكثر الأشياء التى تزعجنى عندما يقولون إن فاتن حمامة متكبرة، بالعكس، كانت فى منتهى التواضع. 

■ شاركت فى تأسيس قناة النيل للأخبار.. كيف كانت هذه التجربة؟ 

- أسستها بداية عام 1998، وضعت أول خريطة برامجية للقناة بحكم عملى كمدير عام للبرامج. 

عملت 30 حلقة وثائقية عن كل المشكلات فى العالم، وكان وقتها هناك مشاكل فى جنوب السودان والصومال والهند وكشمير، وكل واحدة منها كانت حلقة وثائقية. 

كانت تجربة مهمة، استرجعت فيها خبراتى وكل ما تعلمته فى الاستماع السياسى وإذاعة فلسطين فى صوت العرب.

■ ماذا عن عملك بقناة الفضائية المصرية؟

- عملت كمدير عام لبرامج المنوعات فى الفضائية المصرية الأولى، تحت إشراف الإعلامية الكبيرة سناء منصور، التى كانت أستاذتى العظيمة، والتى كان لها أكبر الأثر فى حياتي، فهى علمتنى المنوعات فى إذاعة الشرق الأوسط.

■ أنهيت مسيرتك برئاسة القنوات التعليمية.. كيف شاهدتِ الأمر؟ 

- عملى كرئيس القنوات التعليمية كان ترقية لى من مدير عام إلى رئيس قنوات، وقد حصلت على إشادات كثيرة على القنوات. . كانت تأتى إلىّ وفود من الدول العربية مثل تونس وسوريا والعراق واليمن والسودان، كى يشاهدوا كيفية إنشاء قنوات خاصة بالتعليم. 

كانت هذه القنوات رائدة فى المنطقة، وكل القنوات التعليمية التى أُطلقت بعدها تم تنفيذها بالقياس عليها. 

القنوات التعليمية بديل قوى للدروس الخصوصية، وكل الأبناء كانوا مع أولياء أمورهم أمام التلفزيون.