من الصمم إلى الماجستير والتحضير للدكتوراه
ميار.. قصة كفاح تُلهم ذوى الهمم
نسرين عبد الرحيم
وُلدت “ميار” لتجد نسبة السمع فى أذن واحدة فقط 70%، بينما الأذن الأخرى لم تسمع بها نهائيًا، وهنا علمت أنها مختلفة عن أقرانها وأن الله وهب لها منحة ستولد من رحم المحنة.
ظلت الطفلة هكذا حتى الصف الثالث الابتدائي، لكن سمعها بدأ يتلاشى حتى صار بنسبة 20% فى الأذن التى كانت من قبل شبه سليمة، وهنا كانت الطفلة قد كبرت وصارت شابة يافعة تدرس فى كلية الآداب.
زاد التحدى واشتدت المعاناة فلم تعد الفتاة قادرة حتى على سماع صوتها، وهنا جاء القرار الذى تأخر كثيرًا خشية “وصمة المجتمع”.
تقول ميار: كنت أعتقد أن زراعة القوقعة وصمة، واعتمدت على قراءة الشفاه أكثر ومساعدة المحيطين بي، لكننى قمت بزراعة القوقعة فى الأذن التى بها نسبة سمع بعد أن أخبرنى الطبيب أننى معرضة لفقد السمع بها نهائيًا، واكتشفت أننى كنت مخطئة، وزراعة القوقعة أفادتنى كثيرًا”.
مرت السنون وأنهت “ميار” دراستها الجامعية ثم حصلت على الماجستير فى التأهيل النفسى للإعاقة، وكأنها تُثبت لنفسها وللمحيطين بها أن الإعاقة لم تكن يومًا عقبة فى حياتها، فما بالك بالمُعافى الذى لم يختبره الله فى جسده؟
“ميار” تتأهب حاليًا لنيل درجة الدكتوراه، وتعمل الآن بمؤسسة دولية تقدم من خلالها الدعم النفسى للنساء المُعنفات، وكذا تعمل فى مشاريع تابعة للقنصلية الكندية فى مصر. وترى “ميار” أن المجتمع أصبح أكثر وعيًا بمشاكل ذوى الهمم من خلال الدراما، فهى أكبر سفير وداعم لهم، لافتة إلى أن هناك إعاقات غير مرئية وغير معروفة، مثل سرطان الدم الذى يُعد مرضًا مزمنًا ويُعتبر من ضمن الإعاقة. وأشارت إلى أنها خلال عملها تعاملت مع شاب يبلغ من العمر ٣١ عامًا من الصم والبكم من الأرياف، وفتاة من الصم والبكم من الإسكندرية.
ووجدت أن أسرة الشاب الذى يعانى الإعاقة فى الأرياف لا يعترفون به، ولا يخرجونه من المنزل، ويتركونه وحيدًا ويغلقون عليه الأبواب، مما زاد إعاقته وجعله مريضًا بانفصام الشخصية والاكتئاب. بينما أسرة الفتاة تقوم بإخراجها للمجتمع، وهى تجيد استخدام التكنولوجيا.
وتضيف “ميار”: “كلما تناولت الدراما حالات الإعاقة المختلفة ساعد ذلك على تقبل المجتمع للمعاقين وتفهمهم. يجب ألا يشعر أحد بالإحراج إذا كان لديه قريب من ذوى الإعاقة”.
وعن حياتها الشخصية، تقول: “أنا متزوجة من شخص ليس من فئة الصم والبكم، وهو يحبنى كثيرًا ولا يشعر أن لدى أى عيب، وهو متفهم لطبيعة شخصيتي. والآن أسعى لاستكمال دراستى لنيل درجة الدكتوراه”. وفى النهاية، تضيف “ميار”: “أتمنى أن يعرف ذوو الإعاقة حقوقهم وأن يكونوا على دراية بالخدمات التى تُقدم لهم، مثل الكارنيه الخاص بذوى الإعاقة”.