استهدفوا القضاء
الإخوان سعوا لجعل العدالة «عمياء» عن جرائمهم والتخلص من شيوخ القضاة

مروة مصطفى
بعد تولى جماعة الإخوان الحكم، ظنوا أنهم ملكوا مصر وشعبها، وصاروا يعملون على تمكين أعضائهم داخل مؤسسات الدولة، حيث سعت لـ”أخونة” جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء، وذلك عبر استغلال خلاياها النائمة بالمنظومة القضائية، فضلًا عن قيام مندوب الجماعة فى رئاسة الجمهورية محمد مرسى بإصدار إعلان دستورى يعطيه الحق فى إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود وعدم الطعن على قراراته الرئاسية، فضلًا عن تعيين نائب عام آخر وسمى وقتها “النائب الخاص” لخدمة مصالح الجماعة، علاوة على قيام أعضاء التنظيم بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا، فضلًا عن إحالة ألف قاضى إلى التقاعد واستبدالهم بقضاة آخرين موالين لهم، كل ذلك فى سعيهم لتوطيد حكمهم الدموي.
من جانبه، قال المستشار عبد العزيز عثمان رئيس محكمة الجنايات، إن محاولات جماعة الإخوان لـ«أخونة العدالة»، كانت بمثابة نقطة تحول فى تاريخ القضاء، أدت إلى تعزيز وعى القضاة بأهمية دورهم فى الحفاظ على هيبة القضاء والدولة بأكملها، حيث رفضوا رفضًا قاطعًا كل محاولات التدخل فى شئون القضاء والسيطرة عليه، سواء من جانب الجماعة أو من خارج البلاد، وعبروا عن هذا الرفض من خلال بيانات رسمية واعتصامات واحتجاجات، مؤكدين استقلال القضاء كضمانة أساسية لحكم القانون وحقوق المواطنين.
وأضاف:” القضاة طالبوا بضرورة فصل السلطات وعدم تدخل أى طرف فى شئون القضاء، وعدم تسييسه، لأن سيطرة الجماعة على القضاء كان سيؤدى إلى تدهور الأوضاع فى البلاد، وانتهاك حقوق الإنسان ويهدد العداله بشكل عام”، موضحًا أن القضاة عقدوا اجتماعات كثيرة بنادى القضاة خلال تلك الفترة، تخللها نقاشات حول تدخل السلطة التنفيذية فى شئون القضاء ومحاولات الإخوان السيطرة على المنظومة القضائية.
وتابع:” انعقدت الجمعية العمومية للقضاة بساحة دار القضاء العالى، وكان هناك تجمعات بالعشرات من شتى أطياف المجتمع المصرى، تأييدًا للقضاة ورفضًا لحكم الاخوان، وأغُلقت الشوارع حول مدخل دار القضاء العالى وسط إجراءات أمنية مشددة، وأعلن القضاة وقتها مساندتهم للمستشارعبدالمجيد محمود النائب العام، مطالبين الرئيس المعزول “مرسي” بالاعتذار عن الإساءة لقضاة مصر خلال المظاهرات التى نظمها موالون للتنظيم، والانتهاكات التى هددت استقلال القضاء على يد السلطة، وضرورة اتخاذ إجراءات اللازمة لحماية القضاة”.
واستطرد: «بعد عزل مرسى فى عام 2013، شهدت المنظومة القضائية تغييرات جذرية، حيث تم تطهير القضاء من العناصر الموالية للجماعة، وتعزيز استقلال القضاء، بجانب تحديث البنية التحتية للمحاكم وتوفير التكنولوجيا الحديثة لتسهيل الإجراءات القضائية».
فيما أكد المستشار بهاء خير الله بمحكمة استئناف طنطا، أن استقلال القضاء المصرى أمر لا نقاش فيه، مشددًا على أنه لا يمكن لأحد أن يتدخل فى عمل القضاء، حتى أجهزة الدولة، وهناك نصوص دستورية وقانونية واضحة تضمن استقلاله، علاوة على وجود آليات فعالة لحماية القضاة من التدخلات والضغوط، وهناك آليات رقابية فعالة على عمل القضاء دون المساس باستقلاليته.
بينما قال المستشار محمد مصطفى، بمحكمة استئناف المنصورة، إن الجماعة سعت للتغلغل فى المؤسسات القضائية عبر ضم أفراد للمنظومة القضائية يشاركونها فى معتقداتهم الأيديولوجية، وقدمت لهم تدريبًا وتأهيلاً، وذلك بهدف تزويدهم بالمهارات والمعرفة القانونية اللازمة وتوجيههم نحو تفسير القوانين بما يتوافق مع أيديولوجية التنظيم، مشيرًا إلى أنهم استعانوا لتنفيذ ذلك المخطط بوجود “مرسى” فى الحكم، هذا بالإضافة لمحاولتهم التأثير على سير العدالة وتوجيهها لصالحهم، وتشكيل خلايا سرية داخل الجهاز القضائى تعمل على تنفيذ أجندتها.
وأكد أن التنظيم، مارس العديد من الضغوط على القضاة، سواء كانت ضغوطًا نفسية أو اجتماعية أو مادية، بهدف التأثير على قراراتهم، واستخدم وسائل الإعلام للتأثير على الرأى العام وتوجيه الاتهامات للقضاة، موضحًا أن الهدف من ذلك كان التأثير على سير العدالة وحماية أعضائه من المساءلة القانونية، وتقويض مؤسسات الدولة والسيطرة على السلطة وانتهاك سيادة القانون وتطبيق معايير مزدوجة فى العدالة حتى يفقد المواطنين الشرفاء الثقة فى القضاء.
وتابع: «المؤامرة ضد القضاة كانت واضحة، لذلك اتخذوا إجراءات حاسمة لحماية استقلالية القضاء، حيث شكل القضاة جبهة موحدة لمواجهة التحديات التى تعرضوا لها، وذلك من خلال عقد اجتماعات دورية وتنسيق الجهود، واتخذوا من نادى القضاة ودار القضاء العالي، مقرا لهذه الاجتماعات، وأصدروا بيانات وتصريحات علنية تؤكد استقلال القضاء وترفض أى تدخل فى شئونه، وفى النهاية نجحوا فى تحقيق الهدف الأسمى بالحفاظ على المنظومة القضائية مستقلة وبعيدة عن “التسييس” والتبعية.
وقال المستشار أحمد الحسينى: «وحدة الصف بين القضاة كانت عاملًا أساسيًا فى مواجهة محاولات الإخوان للسيطرة على القضاء “أخونته”، فقد نظموا وقفات احتجاجية، وأصدروا بيانات، ورفضوا تنفيذ الأوامر غير القانونية ووجدوا دعمًا شعبيًا واسعًا لموقفهم، حيث خرجت مظاهرات حاشدة للتضامن مع القضاء واستقلاله، وتعاون القضاة مع مؤسسات الدولة الأخرى، مثل الجيش والشرطة، لحماية استقلال المنظومة، وأجريت تعديلات لبعض التشريعات والقوانين التى تعزز استقلال القضاء وحماية القضاة من أى ضغوط أو تهديدات”، مضيفا: الحفاظ على هيبة القضاء وحمايته كان بمثابة رسالة للعالم كله “مفادها” أن أى محاولة للتدخل فى شئون القضاء ستواجه مقاومة شديدة.