السبت 8 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

روزاليوسف داخل وحدات مدرسة الصاعقة

الصاعقة المصرية.. كل نقطة عرق فى التدريب توفر نقطة دماء فى المعركة

«كل نقطة عرق فى التدريب توفر نقطة دم فى المعركة»، شعار بين عشرات الشعارات الوطنية والحماسية، فى مدرسة قوات الصاعقة المصرية.



وجوه تفخر بوطنها، وانتمائهم للمؤسسة العسكرية، ودورها فى الدفاع عن الوطن وشعبه وكل ذرة من ترابه.

يومًا عشته داخل مدرسة الصاعقة، شاهدت خلاله لهيبًا لا يهدأ، ووطنية، وتدريبا متصلا لبلوغ أعلى درجات الكفاءة القتالية.. شاهدت كيف يصنع الرجال فى عرين الأبطال.

«التضحية.. الفداء.. المجد»، شعارهم فهم رجال لا يخشون إلا الله، أقسموا على حماية تراب الوطن، وتعاهدوا على ألا يفرطوا فى حبة رمل من رماله. يتمنون الشهادة. يطلقون عليهم اللهيب الذى لا يهدأ.

وبما ان الدولة تعى جيدًا بأن القدرة العسكرية هى من أهم اركان الأمن القومى المصرى ضد كافة التهديدات سواء داخليا أو خارجيا وأيضا لمواجهة التطرف والإرهاب، لذا حرصت القوات المسلحة على الاهتمام بمقاتلى الوحدات الخاصة باعتبارهم أحد الروافد القوية للجيش التى تبعث على الاطمئنان. بعطائهم الممتد عبر تاريخهم منذ تأسيس الصاعقة المصرية كما أنهم يبذلون جهدا كبيرا للحفاظ على كفاءتهم واستعدادهم القتالى للوصول به إلى المستوى الذى يحقق أهداف القوات المسلحة.

ولحرص الدولة دائما على أن يكون هناك حلقة َوصل وتلاحم بين الشعب وقواته المسلحة وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة القيادة العامة للقوات المسلحة بإعداد زيارة ميدانية للوحدات الخاصة العسكرية لوفد من المحررين العسكريين المعتمدين والمؤثرين وكذلك طلبة الجامعات ليتسنى للشعب أن يطلع ويرى بنفسه مدى قدرة وكفاءة وصلابة قواته الخاصة وعظمة رجال الصاعقة المصرية والتى تحتل مركزًا متقدمًا فى ترتيب القوات الخاصة فى الجيوش على مستوى العالم، وقد تمت تلك الزيارة تحت تنظيم ادارة الشئون المعنوية والتى شرفت بالمشاركة فيها. 

وبعيدًا عن حفاوة الاستقبال التى استقبلنا بها اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح قائد قوات الصاعقة، هو ورجاله علمت أن زيارة طلبة الجامعات للصاعقة ليست هى المرة الأولى بل تتم بصفة شبه دورية تقريبًا كل شهر وكذلك زيارات طلبة المدارس وأن تلك الزيارات تتم بناءً عن طلب من تلك الجهات والقوات الخاصة عادة لا ترفض وترحب طالما الظروف والوقت يسمحان بذلك، بالتنسيق مع قيادات الدفاع الشعبى والعسكرى.

وقد كان لتلك الزيارات مردود إيجابى كبير جدًا على تلك الفئات العمرية بالتحديد حيث يتم غرس روح الوطنية منذ الصغر فى نفوسهم بالإضافة إلى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التى قد ترَوجها قوى الشر عن قواتهم المسلحة فهم يرون بأنفسهم مدى قوة وتلاحم جيشهم العظيم. لدرجة أنه بعد انتهاء كل زيارة يتساءل الطلبة عن كيفية الالتحاق بقوات الصاعقة لرغبتهم فى الانضمام لصفوفهم حتى أن الفتيات يطلبن ذلك أيضا.

فى بدء الزيارة شاهدنا نبذة مختصرة من خلال فيلم «تسجيلى» عن نشأة وتطور قوات الصاعقة كما تم استعراض بعض بطولات وتضحيات أبطالها قديما وأبرز معارك قواتها منها معركة رأس العش. حرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر المجيد ١٩٧٣، وحديثًا حيث كان لرجال الصاعقة دور مهم وحيوى فى تأمين مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية فى أعقاب 25 يناير 2011.

عقب ذلك اصطحبنا اللواء أركان حرب أبو الفتوح لجولة ميدانية لساحات التدريب وبالرغم من أنها ليست الزيارة الأولى لى لمدرسة الصاعقة بل تعد الثالثة منذ عملى كمحررة عسكرية منذ عدة سنوات الا انها كانت جولة ممتعة للغاية وتدعو للفخر والاعتزاز بمدى عظمة وقدرات وكفاءات قوات الصاعقة حيث رأيت تدريباتهم فى ساحات التدريب والقتال فى ظل ظروف بيئية مختلفة وشاهدت كيف يتسلقون مرتفعات شاهقة تشبه فى تصميمها الجبال ويقفزون بسرعة وخفة ومهارة منقطعة النظير وهم يرددون بصوت كالرعد (صاعقة.. صاعقة... صاعقة).. ثم كيف يقتحمون النيران بشجاعة وجرأة ويقفزون الموانع والحواجز الصعبة سواء كانت فى المياه وسط مستنقعات وبرك أو على البر كما رأيت كيف يتم تدريبهم على التأقلم والتعايش وسط اجواء وظروف بيئية ومناخية قاسية لا يستطيع الفرد العادى تحملها حيث يتم تدريبهم على التعود على العيش بدون طعام ولا شراب لفترات طويلة وعلى أكل ما يجدونه فى الصحراء لضمان بقائهم على قيد الحياة اذا اضطرتهم الظروف لذلك (كظروف الحرب) ووضعتهم فى مكان لفترات طويلة لا يستطيعون الحصول فيه على طعام وشراب فيكونون مجبرين على أن يأكلوا ما تصل إليه أيديهم وإلا هلكوا.

وشاهدت كيف يصطاد الفرد المقاتل الثعابين من الصحراء ويقتلها وينزع السم منها ويسلخها ثم تتم تصفية جسمها بالكامل من الدماء ثم التهامها.. كما أنهم تدربوا على أكل بعض النباتات التى توجد فى الصحراء رغم مرارة مذاقها مثلا نباتات الصبار وأكل بعض الزراعات للحصول منها على الماء فى ظل عدم توافر مياه للشرب مثل البطاطس وغيرها.. الخ. 

وكان قائد قوات الصاعقة صدره متسعا هو ورجاله لأى استفسارات من الوفد الإعلامى أو طلبة الجامعات، وكنت قد لاحظت أن فرد الصاعقة يتم تدريبه أيضا على القيام بأى مهام تحت المياه وكان استفسارى: لماذا لا يتم التنسيق أو الاستعانة بالقوات الخاصة البحرية (الضفادع البشرية) فى تنفيذ تلك المهام؟

 وجاء الرد بأنه توجد بعض المهام تسند لقوات الصاعقة تتطلب السرية التامة لنجاح العملية ويكون نطاق تداول المعلومة فى أضيق الحدود فالسيطرة على المعلومة بين فردين أفضل بكثير من ان تكون بين 10 أفراد لذلك كان «وجوبيا» أن تنفذ المهمة المسندة لقوات الصاعقة داخل حدود نطاقها فقط لاتخرج خارجها. لذا يتطلب أن يكون فرد مقاتل الصاعقة مجهزًا للقيام بأى مهام سواء فى البر أو البحر.

وتساءل أحد الطلبة عن اختيار الافراد المنضمين للصاعقة هل يتم حسب رغباتهم الشخصية ام تخضع لشروط ومعايير أخرى؟ وكان الرد أن الانتقال بالفرد وتحويله من شخص مدنى لفرد مقاتل يحتاج إلى مجهود كبير يشرف عليه ضباط ذوو متخصصون، وصف ضباط ذو كفاءة عالية واختياره يتم بناء على شروط خاصة مثل انه يجب ان يمتازوا بلياقة بدنية عالية جدا وذكاء وسرعة بديهة بحيث يكون لديه قدرة على تقييم الأمور والموقف والظروف التى يوضع فيها او التى تفرض عليه ليتمكن من التعامل معها بحرفية فليس كل فرد يصلح لينضم لها وكذلك لا تتم حسب رغبته الشخصية ولكن طبقا لشروط ومعايير خاصة لأنه يسند له مهام بالغة الصعوبة ونسبة المخاطرة فيها عالية جدا وتنفيذها يكون شبه مستحيل، كما أنه بعد انضمام الفرد المقاتل لوحدات الصاعقة يتم إعداد برامج تدريبية بصفة دورية حتى يتم الاستفادة القصوى منه فى تنفيذ المهام التى يكلف بها، كذلك أوضح قادة القوات الخاصة لنا أن الصاعقة هى الوحيدة فى القوات المسلحة التى تنزع الرتب العسكرية أثناء التدريبات فلا فرق بين ضابط ومجند، فالجميع يخضع تحت مسمى واحد (فدائى) والعلة من ذلك هى ان يتعامل الجميع بنفس المعاملة ويتلقون نفس التدريبات وذلك له مدلول وعائد عظيم جدا على الروح المعنوية لهم فلا يشعرون بتمييز او تفضيل فرد على اعتبار رتبته مما يكون له اثر عظيم فيجعل الجندى المقاتل يبذل كل طاقته ويعطيك كل ما عنده بنفس راضية وبعد انتهاء الجولة أجزم أن ما سمعته عن بطولات القوات المسلحة والصاعقة المصرية لا يمثل إلا 1% مما رأيته.. كما أكد لى الضباط المرافقون لنا أن ما رأيته ليس كل شىء فهو يمثل 10% مما صنعونه.