مصر الداعم الدائم للقضية الفلسطينية

نورالدين أبوشقرة
سيظل الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية والرافض لعمليات التهجير ثابتًا ولن يتغير، إذ رفضت “القاهرة” إعلان إسرائيل إنشاء وكالة تستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والمصادقة على الاعتراف بـ 13 مستوطنة جديدة فى الضفة الغربية، فضلًا عن رفضها أى محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسرًا أو طوعًا لأى مكان خارجه، ورفض أى مزاعم تتداولها بعض وسائل الإعلام، تتعلق بربط قبول مصر ومحاولات التهجير -المرفوضة قطعياً- بمساعدات اقتصادية يتم ضخها لها، مؤكدة أن السياسة الخارجية المصرية عموماً لم تقم قط على مقايضة المصالح المصرية والعربية العليا بأى مقابل، أياً كان نوعه.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن عودة جيش الاحتلال لشن الغارات مرة أخرى على قطاع غزة يُعد جزءًا من سياسة ممنهجة للتطهير العرقي، حيث يتعرض المدنيون الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال، لاعتداءات وحشية تتنافى مع أبسط مبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
وأضاف: «من الواضح أن هناك ثقة كبيرة فى الإدارة الأمريكية تُعطى نتنياهو حرية اتخاذ قرار شن مثل هذه الغارات، لكن فى المقابل الداخل الإسرائيلى وشعبه الذى يرى أن نتنياهو يتصرف برعونة تجاه حياة الأسرى الإسرائيليين الذين قد يدفعون ثمنًا باهظًا بسبب سياساته العدوانية».
وتابع «رخا»: «وقف إطلاق النار الفورى وتنفيذ مراحل اتفاق الهدنة هو الحل الوحيد لتجنب كارثة إنسانية أكبر، فالتفاوض تحت وطأة النار لن يجدى نفعًا، بل سيزيد من تعقيد الأوضاع ويجعل العواقب خارج السيطرة، علاوة على أن الوضع فى المنطقة يشبه برميل بارود قد ينفجر فى أى لحظة، خاصة مع احتمال استغلال جماعة الحوثى للفرصة لتوجيه ضربات إضافية، أو تدخل حزب الله من الحدود السورية اللبنانية، مما قد يفتح جبهات قتال متعددة ويُدخل المنطقة فى حرب شاملة».
وأوضح أستاذ العلوم السياسية والخبير الاستراتيجى د.أيمن الرقب، أن عودة جيش الاحتلال مرة أخرى للحرب وسط مباركة أمريكية غير مبررة أمر غريب، خصوصاً بعد التقدم الملحوظ الذى ظهر فى عمليات تبادل الأسري، بموافقة أيضاً أمريكية، مضيفًا أن ما قامت به حكومة الحرب الإسرائيلية من هجمات منظمة وممنهجة لم تكن مفاجأة، خصوصًا أنها كانت ألمحت لذلك خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتزامناً مع تولى آيال زامير منصب رئيس هيئة الأركان الجديد بجيش الدفاع.
وتابع:” ما حدث فى كلتا الجبهتين سواء لبنان أو غزة ينذر بكارثة بالمنطقة فى توقيت صعب جدا تضرب فيه أمريكا الحوثيين فى اليمن، وتشتعل الحدود السورية اللبنانية، عقب سقوط صاروخ مجهول المصدر وهو أمر غير مفهوم فى مثل هذا الوقت يظهر صاروخ من العدم تجاه تل أبيب والجميع يعلن عدم مسئوليته، لتقرر إسرائيل بعدها توجيه الضربات مرة أخرى إلى الجنوب اللبنانى”.
واستطرد: «وحدها الضغوط الداخلية على نتنياهو تجعله يتخبط بين نزاعه مع رئيس الشاباك الذى يرفض الاستقالة ومعه المعارضة والهيكلية القانونية بالحكومة ممن يؤيدون بقاءه حتى الانتهاء من تحرير الأسرى، فلم يجد مخرجاً من ذلك إلا بالعودة للحرب، مدعيا تعنت حماس فى مفاوضات الهدنة، فى الوقت الذى واصلت فيه قوات الاحتلال هجماتها على 4 محاور “بيت لاهيا، نتساريم، خان يونس، ورفح” لتنفيذ استراتيجية الدخول والسيطرة على الأرض وضمها”.
وشدد “الرقب”، على أن تصرف نتنياهو مفهوم تمامًا لأنه يسعى وبسرعة لإعادة تحريك السكان من الشمال إلى الوسط ومن ثم للجنوب كما حدث منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى بدء الهدنة الأخيرة فى 20 يناير الماضي، لافتا إلى أن هذا الفعل غير محسوب العواقب على المنطقة وعلى إسرائيل أيضاً وقبلهما على الأسرى الإسرائيليين، ونتنياهو أثبت أنه يسعى بكل جهد للإجهاز عليهم.
فيما قال د. جهاد الحرازين، إن قرار إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين طواعية أمر فى منتهى الخطورة، وقرار رفضته مصر والدول العربية من قبل، مؤكدا أن القرار أمر غير مقبول.
وأضاف: «صدور مثل هذا القرار وثيقة اعتراف رسمية بارتكاب جرائم حرب والتحضير لعملية تطهير عرقى ممنهجة، وكالمعتاد تظل القيادة المصرية حاضرة وحائط صد منيع ضد القرارات الممنهجة الغاشمة من الاحتلال، ممثلا ببيان الخارجية المصرية الذى أدان هذه الخطوة”، مضيفًا أن ما تقوم به إسرائيل يشكل “فضيحة قانونية دولية غير مسبوقة”، لتصبح المرة الأولى فى التاريخ التى تقوم فيها دولة بإنشاء هيئة حكومية رسمية لتنظيم جريمة دولية، فالأمر لا يتعلق بمجرد تصريحات أو سياسات عابرة، بل بمؤسسة حكومية كاملة تهدف لتقنين التطهير العرقى وإضفاء صبغة قانونية زائفة عليه.
وحذر أستاذ القانون الدولي، من تداعيات خطيرة لهذه الخطوة، قائلا ، إن هذه الهيئة ستكون مسئولة عن أكبر عملية تطهير عرقى فى العصر الحديث، وستحاول إسرائيل تقديم نموذج جديد لكيفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تحت غطاء قانونى وبدم بارد، مؤكداً أنها ستصبح الآلية التنفيذية للتطهير العرقى الجماعي.