فى ندوة ضمن سلسلة تعزيز الوعى
الفن.. مواجهة التطرف بالإبداع

أعدها للنشر :
هند سلامة
سهير عبدالحميد
تصوير:
مايكل أسعد
تحول الفن خلال السنوات الأخيرة من مجرد وسيلة للترفيه، إلى منبر لنشر الوعى فى المجتمع، حيث نجح فى زرع العديد من القيم فى أذهان المشاهدين، كما بات أحد أقوى أدوات القوى الناعمة فى مواجهة الإرهاب والتطرف، إذ إنه قادر على الوصول إلى عقول المشاهدين بطرق بسيطة، حيث يواجه الفن العنف بالفكر، ويسهم فى بناء وعى مجتمعى يحمى الوطن من الانجرار فى مستنقع التطرف.
الدكتور أيمن الشيوى مدير المسرح القومى:تأثير الفن أعمق وأكبر بكثير فى رفع وعى المصريين
أكد الدكتور أيمن الشيوى مدير المسرح القومى، أن الفن صاحب تأثير غير مباشر على المجتمع والجمهور، بمعنى أنه إذا كان هناك جهات أو أدوار ثقافية يقوم بها رجل الدين أو المسئول والإعلام لتوجيه وتأثير الرأى العام غالبًا هو اتصال مواجه لجمهور يعى أنه يتم توجيهه من خلال هذه الوسائل، بينما الفن وسيلة غير مباشرة.
«الشيوي» تابع:» الفن يطرح الموضوع ويعالجه بشكل غير مباشر من خلال دراما صراعات فنية، هذا الصراع يستقطب وجهة نظر الجمهور إلى أحد القطبين، ثم توجيه الجمهور بشكل غير مباشر من خلال انتصار الخير والحق والجمال، فتأثير الدراما والفن أعمق وأكبر بكثير من جهات أخرى قد تكون مباشرة لأن دائما الجمهور يقاوم «المباشرة»، ويرفض أن يوجه، لكن عندما تجعله يختار ويناقش وينحاز ويتأثر فى اللاوعى ستصل إلى الهدف المطلوب».
واستطرد:» كان هناك الكثير من الرسائل التى طرحتها الدراما، وأثرت فى الرأى العام المصرى بشكل كبير»، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك تكامل بين الإعلام والفن، وإلا سيصبح الفن توجيها مباشرا للجمهور وبالتالى يفقد التأثير فى اللاوعى ويفقد هدفه»، مشيرًا إلى أن الإعلام والفن والتعليم ورجال الدين، هم من يوجهون الرأى العام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وإذا لم يكن هناك تكاتف خطة لتوجيه الرأى العام وطرح القضايا التى ينبغى أن تطرح فى هذا التوقيت بالذات، سنصل لحالة من العشوائية، هذه العشوائية ستفقد المجتمع المصرى العناصر الإيجابية التى كانت موجودة، وتفرز ظواهر سلبية نتيجة غياب تخطيط وتكامل بين الإعلام والفن والتعليم.
مدير المسرح القومى أضاف:» هناك أعمال دارمية العام الماضى طرحت قضايا مهمة، لكن تم تسليط الضوء بشكل كبير على عملين، يقال إنهما ينتميان للأعمال الشعبية، هذان المسلسلان ليسا من إنتاج مصر، وهذا يجعلنا نطرح أسئلة أن هذا النمط من الأعمال الفنية محبب لدى الجمهور، لكنه يوجه بشكل خاطئ ويطرح بشكل خاطئ، بينما هناك إصرار من جهات إنتاج خارجية لتسليط الضوء على هذا النوع من المسلسلات، لكن عندما تتعلق المسألة بمصير شعوب لابد أن يكون لدينا وعى بما يجب أن يقدم ولا يقدم».
وحول الأعمال الدرامية الوثائقية، قال:» هذه الأعمال لها دور قوى فى توعية الجمهور، خاصة عندما تتناول قضايا التطرف والإرهاب، فتناول هذه القضايا واجب وطنى، حتى تحدث آثرًا فى الجمهور، حيث تكشف تلك الأعمال الحقائق وتثبتها، فأنت لا تكتفى هنا بكسب تعاطف الجمهور من خلال الدراما، فأنت تثبت الحقيقة فى أذهانهم مثلما حدث فى مسلسل «الاختيار»، وقد رأينا أعمالًا وثائقية كثيرة تخاطب عقل الجمهور أكثر مما تخاطب العاطفة، وبالتالى يكون تأثيرها أكبر، لأنك تقدم الحقيقة».
وعن المسرح القومى، أكد الشيوى أن المسرح القومى فى أى دولة فى العالم، يمثل أعلى مستوى ثقافى فى هذه الدولة، مشيرًا إلى أن المسرح القومى يعبر عن مشاكل وطموحات المجتمع المصرى، بمعنى أن هناك توجهات أحيانًا تقول إن المسرح القومى لابد أن يقدم الأعمال الكلاسيكية العظيمة، لكن هذا ليس ما يهم المجتمع المصرى فقط، فما يقدم على المسرح ينبع من المجتمع المصرى، مؤكدًا أن مسرح القطاع الخاص له طبيعة خاصة، فهو بالأساس يهدف إلى الربح وهذا حق شرعى له، وبالتالى يستخدم عناصر جذب محددة حتى يحقق هذه الأرباح، وإذا لم يحقق هذه الأرباح لن يتمكن من الاستمرار، لذلك تتمثل عناصر الجذب فى اختيار نجم صاحب جماهيرية، يجعل الجمهور يأتى لمشاهدته، وليس شرطا أن يكون ممثلا فقط فمن الممكن أن يكون مخرجًا أو مؤلفًا، يلى عناصر الجذب نصًا معينًا يضمن به إقبالا أكبر.
وأردف: «المسرح القومى يعمل بآلية مختلفة، أولا هو مدعوم من الدولة ويمثلها، وفى نفس الوقت الدولة كلفتنى بالارتقاء بالذوق العام، وحتى أرتقى بالذوق العام، لابد أن أجذب الجمهور يأتى حتى يشاهدنى، وسأراعى عناصر الجذب، لكن النسب هنا سوف تختلف عن القطاع الخاص، بمعنى أننى قد لا يهمنى سعر التذكرة بالمقام الأول مثل الملك لير، والتى وصل سعر تذكرتها فى السوق السوداء إلى خمسمائة جنيه، فى حين أن الدولة تكفل التذكرة بمائة جنيه، ونحن نحارب السوق السوداء نحاول الحفاظ على ثمن التذكرة بـ 110 و60 جنيها.
مدير المسرح القومى، أكد أن المسرح القومى ليس حريصًا على المكاسب المادية الكبيرة، خاصة أن الدولة تدعم الأعمال المقدمة، ما يجعلنا نطرح التذاكر بأسعار تناسب أغلب المصريين، مضيفا: «المسرح القومى يقدم دورًا وطنيًا للجمهور، وهكذا يفعل النجم يحيى الفخرانى، رغم كل المعوقات فهو يعمل بروح وطنية».
الناقد عصام زكريا: مسلسل «الاختيار» قدم انفرادات ووثائق حول إرهاب الإخوان
أوضح الناقد الفنى عصام زكريا، أن هناك شيئًا مشتركًا بين الفن والأدب والصحافة، فالصحفى دائما يكون لديه ميول أدبية وفنية وهو متابع وقارئ، ومعظم من تولى «روزاليوسف» كانوا فنانين وأدباء مثل صلاح جاهين وصلاح حافظ، فى «روزاليوسف» اجتمع الفن والثقافة والسياسة والصحافة، لذلك تظل خصوصية هذا المكان وتصديها للتطرف والإرهاب وهذا جعل هناك معارك مستمرة فى مواجهة هذا التطرف يقودها أسماء لامعة، وهذا نادر ما يتواجد فى الصحافة، لكن ذلك يرجع للبذرة الأساسية للمطبوعة التى أسستها السيدة روزاليوسف، إذ ظهرت وسط مناخ صعب فهى تعد أهم ممثلة فى وقتها وعندما قررت اعتزال الفن والاتجاه للصحافة، كان الفن جزءا من طبيعتها، لذلك جمع عملها الصحفى بين الفن والأدب والصحافة.
وحول رؤيته للدراما فى العشر سنوات الأخيرة، قال: «هذا الأمر له شقان الأول، المعركة ضد الإخوان وما حدث من 2011 وحتى 2013، وهذا أوجد أعمالا موجهة، والشق الآخر انتباه الدراما لفكرة معالجة موضوعات معاصرة حية فى وقت كانت الدراما المصرية عايشة فى «غيبوبة» وقصص تدور فى «لا زمن»، لكن الواقع أجبرك أن تتحدث عن الواقع فوقت عرض مسلسل «الاختيار» تعرض لبعض الحقائق الموثقة، فهذه الأعمال قدمت جانبًا صحفيًا وانفرادات ووثائق، وعرفت الناس بحقائق وكواليس لم تكن معروفة، وهذا ساهم فى زيادة الوعى.
وردًا على سؤال حول وجود أزمة فى الكتابة، أضاف زكريا: «فى الماضى كان لدينا قامات محدودة فى كل مجال، وبعد ذلك تم تفكيك هذه الأسماء بأسماء كثيرة، لكن يظل الإنتاج جيدا، فمثلا زمان لم يكن لدينا فى الغناء غير أم كلثوم وعشرة أسماء أخرى بجانبها، مثل شادية وعبدالوهاب وليلى مراد وعبدالحليم، لكن الآن الأعداد كبيرة جدا وهذا مرتبط بطبيعة المجتمع نفسه وعدد السكان، فلم يعد هناك مصدر واحد للمحتوى ففى فترة التسعينيات، كان لابد من وجود شركة تتبنى الفنان حتى يظهر، لكن الآن الأمر مختلف، فمثلا مطربو المهرجانات لديهم استديوهات تحت بير السلم وفى الدراما نفس الأمر، ففى الماضى لم يكن لدينا سوى قناتين للعرض هما الأولى والثانية، لكن تعددت وسائل العرض داخل وخارج مصر، وبالتالى الإنتاج أصبح غزيرًا، وهنا الجودة هى نفس النسبة المتعارف عليها عالميا وهى 10% من الأعمال المقدمة تكون جيدة، وهذه النسبة موجودة فى مصر، فلو نظرنا للمسلسلات التى تم إنتاجها رمضان الماضى سنخرج بعشرة مسلسلات جيدة من الـ100 التى تم عرضها، لكن مشكلتنا أننا نركز على الأشياء السلبية.
وحول اتهام ورش السيناريو بأنها وراء انحدار الذوق العام وتراجع مستوى الأعمال المقدمة، قال: «الإنتاج هو المسئول وليس ورش السيناريو، لأنه هو الذى وضع القاعدة، بمعنى إنه بيقول هستلم المسلسل كامل أم حلقتين وابتدى التصوير، وللأسف النظام الأخير أصبح هو المتبع ومهما نادينا وطلبنا بأن يكون هناك خطان متوازيان الأول يجهز لرمضان القادم وأعماله، والثانى يتولى الموسم الذى يليه ومع الوقت المشكلة ستنتهى والمسلسلات ستظهر أكثر قوة، لأنه سيكون هناك وقت للتعديل وإخراج الأعمال فى أحسن صورة، سواء كان الذى يكتب ورشة أو فرد.
وعن اختفاء مؤسسات صناعة النجم، أوضح أن نظرية السوق أصبحت تفرض نفسها، فلدينا جيل قديم من النجوم عدده محدود، يقدم أعمالاً قليلة، مثل كريم عبدالعزيز وأحمد عز وأحمد السقا، لكن مع ظهور المنصات أصبح لديها نجوم شباب، وتشترط على المنتجين أسماء جديدة، وهذا ما جعلنا نرى مسلسلات لطه دسوقى وعصام عمر وفيلم «الحريفة 1و2 و6 شهور»، وغيرها من الأعمال، مضيفًا: إن سبب تأخر السينما المصرية فى السنوات الأخيرة هو الخوف من المجازفة على عكس المنصات، فالمنتجون السينمائيون لا يحبون المغامرة، عكس المنصات فقد تنتج 10 أعمال ينجح اثنان فقط، لكنهما يعوضان الباقى.
وبالنسبة لتحول المسلسلات ذات البناء الدرامى الواحد «30 حلقة» للمسلسلات المتصلة المنفصلة، أشار إلى أن الدراما المصرية بدأت بالمسلسلات المتصلة المنفصلة مثل مسلسل «عادات وتقاليد» فى الستينيات وكانت كل حلقة تناقش قضية منفصلة، بنفس الأبطال، ومع بداية السبعينيات انتشرت مسلسلات العائلات، ومسلسلات الأجزاء، لكن مع ظهور المنصات، تم الاستعانة بمؤلفى السينما لكتابة المسلسلات، فأصبح المسلسل حرا وغير مقيد، وحلقاته لا تتعدى الـ10 حلقات، وبالتالى المنصة غير مقيدة بعامل الوقت لأن المنصة تتسلم المسلسل كاملا على عكس القنوات وموسم رمضان وعامل الوقت والاستعجال».