فلسطين قضية مصر الأولى
السيسى: البدء الفورى فى إعادة إعمار غزة عقب وقف إطلاق النار

محمد سعيد هاشم ونورالدين أبوشقرة
استمرارًا لجهود القيادة السياسية المصرية الداعمة للقضية الفلسطينية، جددت مصر رفضها القاطع للاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة، ولأى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وخلال المباحثات التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثانى، رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر فى مدينة العلمين الجديدة جرى التأكيد المشترك على الأهمية القصوى التى يوليها البلدان لجهودهما المتواصلة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفورى لإطلاق النار فى القطاع، ويتيح إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، إلى جانب الإفراج عن الرهائن والأسرى، وفق السفير محمد الشناوى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرورة البدء الفورى فى عملية إعادة إعمار قطاع غزة عقب وقف إطلاق النار، والإعداد لعقد مؤتمر القاهرة الدولى لإعادة الإعمار، بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة.
رسائل للعالم
ومن أمام معبر رفح، وفى رسالة للعالم كله بأن القضية الفلسطينية هى قضية مصر الأولى، أعلن وزير الخارجية السفير بدر عبدالعاطى أن «الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية ثابت وراسخ لا يتغير»، فالقاهرة هى الحليف الأقوى والسند الداعم للأشقاء فى غزة.
أيضًا، وبالتزامن مع اليوم العالمى للإنسانية، أطلقت الدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، نداءً إنسانيًا من أمام معبر رفح؛ لإدخال كافة المساعدات العالقة فى المعبر والمخزنة لدى الهلال الأحمر المصرى منذ أيام.
تصريحات الدكتورة مايا مرسى جاءت فى مؤتمر صحفى مشترك رفقة الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية، ورئيس مجلس الوزراء الفلسطينى الدكتور محمد مصطفى، والوفد الوزارى المرافق، بحضور اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء، والدكتورة آمال إمام المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصرى.
ونجحت مصر فى إدخال أكثر من 70% من إجمالى المساعدات، التى بلغت حتى الآن 45 ألف شاحنة، بحمولة إجمالية تتجاوز 500 ألف طن من المساعدات الطبية والغذائية، منها 368 ألف طن مساعدات مصرية، و132 ألف طن من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى 209 سيارات إسعاف، و81 ألفًا و380 طنًا من الوقود.
كما أن القوات المسلحة المصرية نفذت 168 عملية إسقاط جوى فوق قطاع غزة، بحمولة 3730 طنًا من المساعدات، منذ بدء الحرب على القطاع.
ولم يقف الدور المصرى عند هذا الحد، بل نجحت الدولة المصرية فى استقبال أكثر من 18 ألفًا و560 مصابًا من أهالى القطاع للعلاج فى المستشفيات المصرية.
ورغم ما تتعرض له الدولة من حملات تشويه ممنهجة، فإنها تواصل الدفاع عن القضية، وتقدّم الدعم اللازم، سواء كان على المستوى الصحى أو التعليمى أو حتى فيما يتعلق بالمساعدات اللازمة داخل القطاع بجميع الطرق الممكنة.
وعقب موافقة المجلس الوزارى الإسرائيلى على مقترح بنيامين نتنياهو باحتلال قطاع غزة بالكامل، أعلنت مصر رفضها التام لمثل هذه القرارات التى من شأنها تعقيد الأمور أكثر، معتبرة أن وضع مثل هذه الخطط لاحتلال قطاع غزة بالكامل يهدف إلى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلى غير الشرعى للأراضى الفلسطينية.
وتعتبر مصر أن مواصلة إسرائيل سياسة التجويع والقتل الممنهج والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل لن تفضى إلا إلى تأجيج الصراع وزيادة تصعيد التوتر وتعميق الكراهية ونشر التطرف فى المنطقة، وهو ما تفاقم بالفعل بسبب العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة وما خلّفه من كارثة إنسانية غير مسبوقة فى القطاع.
رسائل سياسية
من جانبه، قال السفير رخا أحمد، مساعد وزير الخارجية الأسبق إن زيارة وزير الخارجية بدر عبد العاطى لمعبر رفح تأتى فى توقيت دقيق، حاملة رسائل سياسية واضحة تجاه الداخل الفلسطينى والمجتمع الدولى على حد سواء، فقد أبرزت الزيارة الدور الكبير الذى تقوم به مصر فى دعم القضية الفلسطينية، وأن مصر لم ولن تغلق معبر رفح أمام المساعدات أو أمام أبناء الشعب الفلسطينى.
«رخا»، وصف الحملات المغرضة التى تشوّه وتستهدف مصر، بأنها تسعى للنيل من دورها التاريخى والداعم للقضية الفلسطينية، فضلاً عن التأكيد على أن إسرائيل هى التى تمنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى غزة، مشددا على أن القاهرة أكدت تمسكها بوقف إطلاق النار وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، والمساهمة فى إعادة إعمار غزة.
وتابع: لقد شكّلت هذه الخطوة رسالة رفض صريحة للمخططات الإسرائيلية، ورسالة دعم للفلسطينيين الذين يعانون من الاعتداءات المتكررة، وأكدت مصر من جديد أن الحل العادل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإلا فإن الاستقرار والسلام فى المنطقة سيبقيان بعيدي المنال».
مساعد وزير الخارجية الأسبق، أكد أن دور مصر فى القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة، بل هو موقف ثابت وراسخ عبر العقود؛ فالقاهرة ظلت على الدوام طرفًا فاعلًا فى دعم الحقوق الفلسطينية، وعملت على تثبيت التهدئة وحماية الفصائل الفلسطينية من محاولات الاستهداف الإسرائيلي، فضلًا عن رعايتها للحوار الفلسطينى الداخلى وتأكيدها على وحدة الصف، وفى الوقت الذى تسعى فيه مصر إلى إنجاح المبادرات الداعمة للسلام، تواصل إسرائيل رفضها لأى تسوية سياسية عادلة، مصرّةً على استمرار الحصار والعدوان وتدمير المقاومة الفلسطينية، وهكذا، تظل مصر بجهودها المتواصلة ومبادراتها المتكررة حجر الأساس فى معادلة الصراع العربى الإسرائيلي، وصوتًا قويًا يعبّر عن التزامها التاريخى بدعم الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة.
بدوره، رأى السفير على الحفنى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة وزير الخارجية إلى معبر رفح جاءت لتؤكد الدعم الثابت للقضية الفلسطينية ورفض القاهرة القاطع لأى محاولات تهجير للفلسطينيين أو فرض واقع سياسى جديد يُقصى الدولة الفلسطينية، موضحًا أن مصر بعثت برسائل سياسية واضحة من خلال هذه الزيارة، أبرزها تمسكها بحق الفلسطينيين فى أرضهم ورفض أى تغيير ديموجرافى بالقوة، إلى جانب إصرارها على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية رغم العراقيل الإسرائيلية.
«الحفنى» شدّد على أن مصر «لن تدخر جهداً» فى تقديم الدعم والتضامن، مسلطاً الضوء على خطورة الأزمة الإنسانية فى غزة، حيث يُستخدم الحصار والتجويع كوسيلة ضغط، فى ظل تكدس آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات على الجانب المصرى بانتظار السماح بدخولها.
وأشار الحفنى كذلك إلى وجود جهود وساطة مصرية بالتنسيق مع أطراف فلسطينية وقطرية لبلورة مقترح تهدئة يشمل هدنة مدتها 60 يوماً، مبنية على ورقة المبعوث الأمريكى «ستيف ويتكوف» مع بعض التعديلات.
تضحيات مصرية
بدوره، قال اللواء أركان حرب حمدى بخيت، أحد أبطال حرب أكتوبر، ومستشار مدير كلية القادة والأركان، فى تصريحات لـ»روزاليوسف»: إن مصر قدّمت وضحّت من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل الحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطينى، حيث قدّمت الدولة المصرية الكثير للدفاع عن الأراضى الفلسطينية، ليس فقط لأنها أمن قومى لمصر، بل من أجل حق شعب فى أرضه.
وأضاف: إن القيادة المصرية تدعم الدولة الفلسطينية فى المحافل الدولية، وأوجدت كيانًا للفلسطينيين فى محادثات «مينا هاوس» فى حقبة الرئيس الراحل أنور السادات، لكن لم تستغل القيادة الفلسطينية الفرصة آنذاك. ونحن دائمًا نسعى لاستضافة الفصائل الفلسطينية لكى يتم الاتفاق على كلمة رجل واحد.
تشويه متعمد
وقال السفير رؤوف سعد، سفير مصر فى بروكسل لدى الاتحاد الأوروبى وبلجيكا: لا بد أن ندرك تمامًا أن هذا التشويه للدور المصرى بشأن القضية الفلسطينية جزء من حملة ممنهجة تدل على فشل أصحابها، لأنهم غير قادرين على التأثير حتى على الشارع المصرى، فكيف يمكن أن يؤثر ذلك على الدور العربى أو العالمى؟
وتابع: علينا تجنب الدخول فى مثل هذه الحملات الهزلية والممنهجة، لأن الجميع يعلم أصحاب هذه الدعاوى، ولأن المواطن المصرى ذكى ولا يخضع لمثل هذه الحملات المشبوهة. فالجميع يعلم أن مصلحة القضية الفلسطينية من مصلحة الأمن القومى المصرى.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية جهاد الحرازين: إن الدولة المصرية قدمت الكثير، ولا زالت تقدم وتبحث عن وسيلة لإنهاء معاناة شعبنا. دور الوساطة المصرية كان له عامل كبير فى الحفاظ على الهوية والقضية الفلسطينية، وحتى اللحظات الأخيرة لا تزال الدولة المصرية تحارب من أجل وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.
وتابع: لعل موافقة حماس على المقترح المصرى والقطرى أكبر دليل على تكلل جهود الدولة المصرية.
أما عن بنود الاتفاق فتتضمن: وقف مؤقت للعمليات العسكرية لمدة 60 يومًا، وتقوم حركة حماس خلالها بالإفراج عن 10 جنود أحياء؛ 8 فى اليوم الأول، و2 فى اليوم الـ 50، و18 جثة خلال هذه الفترة.
وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلى، تقوم إسرائيل بالإفراج عن 1700 أسير من سكان قطاع غزة، الذين تم اعتقالهم خلال الفترة الأخيرة للحرب، و1500 و200 من أصحاب المؤبد والأحكام العالية.
كما يتم انسحاب إسرائيل خلال مرحلة الـ 60 يومًا إلى مسافة من 1000 كيلومتر إلى 1200 كيلومتر، مؤكدًا أن هناك وعودًا وضمانات من قبل الوسطاء بإنهاء الحرب وعدم العودة إليها مرة أخرى فيما بعد الـ 60 يومًا، مع السماح بدخول المساعدات بشكل كبير خلال هذه الفترة.