بعض الأعمال الدرامية نجحت فى تقديم أعمال تحترم الجمهور خلال رمضان
الفن.. قوة الدولة الناعمة فى بناء الوعى

أثبتت الدراما المصرية، أنها إحدى أهم أدوات القوى الناعمة المصرية، القادرة على تشكيل وعى المشاهدين، حيث نجحت فى تقديم نموذج محترم خلال الموسم الرمضاني، رغم وجود بعض الأعمال “المستفزة” للمشاهد، إلا أن أغلب الأعمال احترمت قدسية الشهر الكريم واحترمت عقول المتفرجين، وقدمت رسائل إيجابية للمجتمع، وناقشت قضايا مهمة مثل التحرش والعنف ضد المرأة وجرائم “الدارك ويب” والتنقيب عن الآثار، مع توفير عنصر المتعة الفنية، مثل مسلسلات “ولاد الشمس” و”لام شمسية” و”ظلم المصطبة” و”أهل الخطايا” و”قهوة المحطة” و”قلبى ومفتاحه”، فضلًا عن عدم اقتصار قوة الموسم على الموضوعات، لكن كان هناك نجوم كبار وشباب برزت موهبتهم بوضوح، وبجانب الدراما هناك برامج كانت مضيئة وقدمت رسائل بعيدا عن الفضائح، وخلال هذا الملف نلقى الضوء على الأعمال المضيئة التي تركت آثرًا إيجابيًا مع الجمهور.
«ولاد الشمس» و«لام شمسية» .. قدم نماذج ايجابية للمعالجة للقضايا الاجتماعية
قدم المسلسل «ولاد الشمس» نموذج إيجابى للمعالجة الدرامية لقضية اجتماعية بالغة الأهمية، مما دفع وزيرة التضامن الاجتماعى لتكريم فريق العمل.
ويسلط مسلسل ولاد الشمس الضوء على دور الأيتام، من خلال شخصيتى «ولعة» و«مفتاح» اللذين نشآ فى دار الأيتام واستمرا بها بعد بلوغهما السن القانونية، حيث يعالج المسلسل دراميًا مشكلات الأيتام فى دور الرعاية وحياتهم والتحديات التي تواجههم.
المسلسل بطولة أحمد مالك وطه دسوقى ومحمود حميدة تأليف مهاب طارق وإخراج شادى عبدالسلام.
لا شك أن المتابع لمسلسل «لام شمسية» سيجد نفسه مخطوفا من أول حلقة، بسبب حساسية موضوعه.
ودخل المسلسل منطقة شائكة، لكن بمعالجة بعيدة عن جرح الذي يتابع العمل بأى مشاهد مخجلة وهذا ما نجح فيه المخرج كريم الشناوى وفريق الكتابة الذي تقوده المؤلفة مريم نعوم والنجوم أمينة خليل وأحمد السعدنى ومحمد شاهين والطفل على البيلي، الذي يعتبر واحدا من الوجوه المبشرة وقدم دور الطفل يوسف الذي تعرض للتحرش ببراعة، وصاحبه خلال التصوير مدرب نفسى لصعوبة وحساسية الدور.
ليلى عبدالمجيد
ليلى عبدالمجيد: ضرورة التركيز على السلوكيات الإيجابية
قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، إن الدراما تعتبر من أبرز الأشكال الفنية والإبداعية التي تساهم فى تشكيل الوعى المجتمعي، حيث تعتمد على تجسيد الواقع عبر شخصيات تحمل سمات معينة وتقوم بسلوكيات متنوعة، وتقدم نماذج مختلفة للسلوك، مما يؤثر بشكل كبير على بناء الوعى من خلال هذه الشخصيات وسلوكياتها، إذ تتضمن سلوكيات صحيحة وأخرى خاطئة، ما يسهم فى بناء الوعى العام، بمعنى إذا تمكنت الدراما من تقديم رؤية واضحة والعمل على قيم معينة موجودة فى المجتمع، فإنها ستعرض الجوانب الإيجابية والسلبية، ومن الضرورى أن يتم تقديم هذه النماذج بشكل متوازن، بحيث لا يتم التركيز على الشخصيات ذات السلوكيات الخاطئة بهدف توثيقها، بل يجب أن نحرص على توجيه الأجيال الجديدة نحو الابتعاد عن هذه السلوكيات.
وأضافت: “هناك بعض الأعمال التي لا تلتزم بدورها أو بمسؤوليتها الاجتماعية، وهدفها يقتصر على التسلية والترفيه، وهذا قد يكون مقبولًا فى السينما، لكن التلفزيون موجود فى بيوتنا جميعًا ويعرض الأعمال الدرامية، صحيح أنه يتم تصنيف الأعمال الدرامية حسب الأعمار، مثل أقل من 12 أو 16 أو 18 عامًا، أو مناسب لجميع الأعمار، لكن السؤال هنا، كيف نضمن أن هذا التصنيف يتم تطبيقه بالفعل؟، خاصة أن الأسرة قد لا تكون متواجدة طوال الوقت للتحكم فيما يشاهده أطفالهم مع الانفتاح الكبير على العالم، مما يجعل عملية الرقابة صعبة.
وأوضحت، أنه منذ بداية التلفزيون فى الستينيات، وبدء عرض المسلسلات، سواء كانت أسبوعية أو لمدة 16 يومًا، لم تكن هناك مسلسلات طويلة، لكن صناع الدراما كانوا حريصين على تقديم أعمال تحمل رسالة واضحة، وهو ما ساهم فى ظهور العديد من الأعمال الدرامية الناجحة، لذلك من الضرورى أن يكون الكتّاب والمخرجون واعين لدورهم ومسؤوليتهم، فى عملهم ويجب أن يكون العمل جذابًا ومشوقًا، وفى الوقت نفسه يراعى المحتوى والقيم والرسائل التي تصل إلى المشاهدين بمختلف أعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وعن رأيها فى الأعمال الفنية التي قدمت مضمونًا إيجابيًا، قالت عبد المجيد: هناك أعمال فنية مثل «كامل العدد» التي تناولت موضوع الأسرة والمشاكل التي نواجهها فى التربية، وعلاقة الزوج بالزوجة، وعلاقتهم بأبنائهم وأصدقائهم، المسلسل يذكرنا بـ «القاهرة والناس»، لأنه تناول المشاكل فى فترات زمنية معينة، كما أنه يقدم الأسرة بكل إيجابياتها وسلبياتها بطريقة محترمة، وينقل رسالة مهمة بأن الأسرة هى جزء أساسى من المجتمع، وأن الأهل يهتمون بأبنائهم ومشاكلهم ويتابعونهم، بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم كبار السن كأبطال لهم دور كبير فى الأعمال الدرامية، مثل الجدود والجدات، على الرغم من اختلاف خلفياتهم الثقافية، كما قدمته الفنانتان إسعاد يونس وميمى جمال، اللتان تمثلان جزءًا من مجتمعنا، وأيضا تم تقديم نموذج إيجابى لزوجة الأب وزوج الأم، حيث عادة ما يتم تصويرهما بشكل سلبى فى الدراما، لكننا رأينا نموذجًا لزوجة الأب التي تعتنى بالأبناء وتحتويهم بشكل جيد.
وتابعت: هناك أعمال درامية أخرى مثل «حسبة عمرى»، الذي تناول قضية لم يتم التطرق إليها من قبل، وهى حق الزوجة فى ثروة زوجها، خاصة مع كبر أولادهم، مؤكدة أهمية مناقشة هذه القضية فى ضوء الشريعة الإسلامية والتقاليد والقوانين، وهناك أيضا مسلسل «عايشة الدور»، الذي يناقش فكرة دراسة الفتاة فى الجامعة بدلاً من ابنة أختها، بغض النظر أن الفكرة قد تبدو غير منطقية، لكنها تعكس صراع الأجيال والفجوة التي نشأت نتيجة التطور التكنولوجى السريع، ورغم بعض الملاحظات، فإن العمل يحمل رسالة إيجابية”.
واختتمت حديثها قائلة: «أرى أن هناك أعمالاً درامية ظهرت فى السنوات الأخيرة لا أفضل أن تعرض فى البيوت، حيث تستخدم ألفاظ بذيئة وسوقية.
ماجدة خيرالله
خيرالله: مسلسلات «المتحدة» ناقشت قضايا مجتمعية و«ظلم المصطبة» و«ولاد الشمس» أعمال مهمة
ترى الناقدة ماجدة خيرالله، أن الموسم الرمضانى الحالى اتسم بقوة الأعمال الدرامية التي قدمت خلال النصف الأول أو فى النصف الثانى من ناحية الكتابة والتمثيل والإخراج، حيث اختارت أعمال «ولاد الشمس» و«قلبى ومفتاحه» و«إخواتى» و«النُص» كأفضل أعمال شاركت فى النصف الأول من رمضان كذلك مسلسلات «ظلم المصطبة» و«لام شمسية» و«قهوة المحطة» فى النصف الثانى من رمضان، إذ قدمت هذه الأعمال قضايا جريئة وقوية، ونجوما جديدة مبشرة تستحق النجاح .
وأشارت خيرالله، إلى أنها تعتبر مسلسل «لام شمسية» من أجرأ الأعمال التي قدمت فى رمضان هذا العام، حيث تناول قضية التحرش بالأطفال دون فجاجة، ومسلسل «ولاد الشمس»، قدم موضوع مشاكل دور الأيتام بشكل رائع به مصداقية عالية، بجانب تقديم مواهب شابة تستحق البطولة مثل طه دسوقى وأحمد مالك ومينا أبوالدهب، وأداء قوى من المخضرم محمود حميدة فى شخصية الشرير الهاديء، بعيدًا عن الصوت العالي، وتطرقت أيضا للتناول الهادئ الذي قدمه المخرج تامر محسن فى مسلسل «قلبى ومفتاحه»، وتقديمه لتركيبات فنية غير متوقعه مثل أشرف عبدالباقى ومحمود عزب، ولا أنسى أيضا موهبة هدى المفتى فى «80 باكو».
وأكدت خيرالله، أن نسبة المسلسلات الجيدة التي تناقش قضايا مهمة والتي معظمها إنتاج الدولة والشركة المتحدة يفوق فى العدد نسبة المسلسلات الأقل جودة وهذا شيء وارد فى أى موسم، متمنية من القائمين على القنوات وضع المسلسلات الأقل جودة فى مواعيد ليست بها نسب مشاهدة كبيرة.
حسنى صالح
حسنى صالح: الدراما سلاح قوى يؤثر على مفاهيم وسلوكيات المجتمع
أكد المخرج حسنى صالح، أن القوة الناعمة، خاصة الدراما، تُمثل وسيلة مباشرة تصل إلى القلب والعقل دون الحاجة إلى وسيط، مشيرًا إلى أنها من أقوى الأدوات القادرة على تشكيل وعى أمة كاملة، نظرًا لتأثيرها العميق والسريع على المجتمع.
وأوضح أن الدراما، عندما تعرض بصدق وبمهنية عالية، تصبح سلاحًا قويًا يمكنه التأثير على مفاهيم وسلوكيات الأفراد، سواء بشكل إيجابى أو سلبي، مضيفًا أن الدراما تلعب دورًا محوريًا فى تشكيل مشاعر الشعوب، سواء من حيث الوطنية أو التدين أو حتى السلوكيات اليومية، خاصة أن المحتوى الإيجابى يسهم فى بناء المجتمع، بينما يمكن أن يغرس المحتوى السلبى قيمًا خاطئة ويؤثر سلبًا على الجمهور.
وفى حديثه عن الأعمال الدرامية التي قدمت محتوى إيجابيًا، قال المخرج حسنى صالح:”هناك أعمال فنية قدمت مضامين جيدة فى السنوات الماضية مثل «جزيرة غمام» التي ساهمت فى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول الدين الوسطى والتطرف الفكري، من خلال رؤية الكاتب عبدالرحيم كمال، وكذلك مسلسل «تحت الوصاية» لمحمد شاكر خضير، الذي حمل رسالة واضحة وقيما إنسانية هادفة.
واختم حديثه: هناك أنواع متعددة من الفنون، بعضها يهدف إلى التوعية، وبعضها يعتمد على الترفيه، وهناك ما يسعى إلى رسم الابتسامة دون رسالة مباشرة، لكنه يظل مقبولًا، ولكن المشكلة الحقيقية والمفروضة تماما هى المحتوى السلبى الذي يشوّه المجتمع دون أى هدف واضح.
نادر صلاح الدين
نادر صلاح الدين: أعمال درامية تطرقت لموضوعات غير تقليدية بهدف التوعية
قال المؤلف نادر صلاح الدين، إن هناك أعمالًا درامية مهمة استطاعت تقديم مضامين إيجابية وتحقيق رسائل واضحة خلال الموسم الرمضاني، مؤكدًا أن نسبة المحتوى السلبى فى الدراما تبقى محدودة مقارنةً بالأعمال الإيجابية.
وأوضح، أنه رغم عرض نحو 40 مسلسلا خلال الموسم الرمضاني، فإن عدد الأعمال التي تحمل طابعًا سلبيًا لا يتجاوز ثلاثة أو أربعة، ما يعكس اهتمام الدراما بتقديم محتوى هادف.
وأضاف نادر صلاح الدين، أن هناك أعمالا فنية جيدة فى الموسم الرمضانى أبرزهم مسلسل «منتهى الصلاحية»، والذي تناول قضية لم يتم طرحها من قبل فى الدراما، وهى القمار الإلكتروني، بالإضافة إلى مسلسل «لام شمسية»، الذي قدم قضية تحدث فى مجتمعنا، لكن تم طرحها بأسلوب جديد وجيد، وكذلك مسلسل «ولاد الشمس»، الذي عرض فى النصف الأول من رمضان.. واعتبر أن هذه الأعمال تمثل إضافة حقيقية، حيث تطرقت لموضوعات غير تقليدية بهدف التوعية وإيصال رسائل مجتمعية مهمة، وهو ما جعلها تترك أثرًا واضحًا بين الجمهور وتحظى بنقاشات إيجابية.