ترامب يهدد.. طهران ترفض.. وإسرائيل تستعد

نشوى يوسف
فى خطوة جديدة تنذر بارتفاع وتيرة التوتر فى الشرق الأوسط، وفى محاولة للضغط من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن البرنامج النووى، هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بقصف إيران وفرض رسوم جمركية ثانوية عليها إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووى.
وفى مقابلة هاتفية مع شبكة (إن. بى. سي)، قال ترامب: إن مسئولين أمريكيين وإيرانيين يجرون محادثات، لكنه لم يُدلِ بمزيد من التفاصيل.
وأضاف: إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف.. لكن هناك احتمالًا، إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، أن أفرض عليهم رسومًا جمركية ثانوية مثلما فعلت قبل أربع سنوات.
وأردف الرئيس الأمريكى : إذا اضطررنا إلى التدخل عسكريًا، فسيكون ذلك أمرًا فظيعًا بالنسبة لهم.
رفض إيرانى
وفى رد مباشر من جانب إيران، قال الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان: إن طهران رفضت المفاوضات المباشرة مع واشنطن، بعد أن كتب ترامب رسالة إلى النظام يدعوه فيها إلى محادثات جديدة بشأن الاتفاق النووي.
وأضاف بزشكيان: إن طهران رفضت المفاوضات المباشرة بين حكومتها وإدارة ترامب، لكنه أكد أن الطريق إلى المفاوضات غير المباشرة لا يزال مفتوحًا.
كما نقلت الوكالة الإيرانية الرسمية عن وزير الخارجية عباس عراقجى قوله الأسبوع الماضى: إن إيران أرسلت ردًا عبر سلطنة عُمان على رسالة ترامب، التى حث فيها طهران على التوصل إلى اتفاق نووى جديد.
وتتهم القوى الغربية إيران بالسعى سرًا إلى تطوير قدرات نووية عسكرية من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية من النقاء الانشطارى، تتجاوز ما يُعتبر مبررًا لبرنامج طاقة نووية مدني.
وفى حين تؤكد إيران أن تطويرها النووى، الذى قُيد بقيودٍ انقضت الآن، سلمىٌّ ولا يهدف إلى صنع أسلحة، فقد تساءل مسئولون إيرانيون علنًا فى الأشهر الأخيرة عما إذا كان ينبغى على طهران التخلى عن هذا المسار، ويقول محللون: إنه لن يكون من الصعب على إيران اتخاذ الخطوة الأخيرة نحو تسليح برنامجها النووى الناشئ.
عقوبات أمريكية جديدة
وكان ترامب قد كشف الشهر الماضى عن مجموعة جديدة من العقوبات المصممة لممارسة أقصى قدر من الضغط على الحكومة الإيرانية ، وقطع طهران عن الوصول إلى السلاح النووى والحد من نفوذ إيران الخبيث فى الخارج.
وخلال فترته الرئاسية الأولى بين عامى 2017 و2021، انسحب ترامب من الاتفاق النووى الذى أُبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذى وضع قيودًا صارمة على أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
كما أعاد ترامب فرض عقوبات أمريكية شاملة، ومنذ ذلك الحين تجاوزت إيران الحدود المتفق عليها بكثير فى برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
استمرار الارتفاع التدريجى للتوتر
فى هذا السياق، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن التوتر بين الولايات المتحدة وإيران مستمر فى الارتفاع تدريجيًا، بعد أن نقل الأمريكيون قاذفات استراتيجية من طراز «بى 2» إلى جزيرة دييجو جارسيا فى قلب المحيط الهندى، وهو الموقع الاستراتيجى الذى يمكن أن ينطلق منه الهجوم على إيران، وذلك فى وقت أفادت فيه تقارير أجنبية بأن إسرائيل تستعد أيضًا لاحتمال وقوع هجوم أمريكى على إيران.
وتناولت القناة الإسرائيلية التهديدات الصادرة عن مسئول عسكرى إيرانى كبير، الذى هدد بمهاجمة القاعدة الاستراتيجية فى جزيرة دييجو جارسيا فى المحيط الهندى حال تنفيذ هجوم على إيران، موضحًا أن صواريخ «خرمشهر» الباليستية ذات الرءوس الحربية وطائرات «شاهد 136» المسيرة المطورة فعالة على مدى القاعدة، وستكون قادرة على ضربها.
استعداد إسرائيلى للهجوم
وأفادت القناة تحت عنوان “الولايات المتحدة تصل إلى نقطة تحول مع إيران”، أن المؤسسة الدفاعية فى إسرائيل تتابع عن كثب التطورات المختلفة، وتستعد لسيناريوهات مختلفة من خلال سلسلة من المناقشات، لكنها تستعد أيضًا لإمكانية المشاركة فى هجوم، وتكثيف أنظمة الدفاع الجوى إذا أصبح من الضرورى استخدامها.
وأوضحت أن تعليمات صدرت للجيش الإسرائيلى باستكمال جميع قدراته الهجومية بحلول منتصف عام 2025، أى بعد شهرين، ومن المحتمل أن يوفر مثل هذا التوجيه قدرات فى سياق دفاعى، وأيضًا فى سياق إمكانية قيام إسرائيل بعمل عسكرى ضد إيران على أراضيها.
خيارات أمريكية
وقالت القناة إن الخيارات التى تواجه الأمريكيين الآن ليست عملياتية فحسب، وعلى الرغم من أن الجيش الأمريكى دفع بعدد من حاملات الطائرات إلى المحيط الهندى، وقاذفات استراتيجية قادرة على شن هجوم على إيران إذا لزم الأمر، إلا أن هناك أيضًا البعد السياسى والدبلوماسى الذى تتعامل معه إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وأشارت إلى أن ترامب يمارس ضغوطًا كبيرة على إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن قضية “النووى”، لكن حتى الآن لم تسفر هذه الضغوط عن نتائج، وفى هذه الأثناء تتبادل الأطراف التهديدات، مما دفع إسرائيل إلى الاستعداد لحالة من الجاهزية القصوى، سواء على المستوى الهجومى أو الدفاعي.
تداعيات وانعكاسات
واستعرضت مجلة «فورين بوليسى» فى تحليل لها التداعيات المحتملة لأى ضربة أمريكية- إسرائيلية، وانعكاساتها على ميزان القوى الإقليمى، وتأثيرها على الاستراتيجية الأمريكية العالمية، وحتى تداعياتها على المشهد الداخلى فى إيران نفسها. مهسا روحى، باحثة فى معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية بجامعة الدفاع الوطنى، أعربت عن اعتقادها بأن أى ضربة عسكرية أمريكية - إسرائيلية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية قد تؤدى إلى تداعيات إقليمية وعالمية واسعة.
ولفتت الباحثة إلى عدة سيناريوهات للعمل العسكرى ضد البرنامج النووى الإيرانى.
أحد السيناريوهات الأكثر ترجيحًا، بحسب روحى، هو شن غارات جوية منسقة تستهدف المنشآت النووية والبنية التحتية العسكرية ومراكز القيادة، بما فى ذلك المواقع المحصنة تحت الأرض.
ويرى المدافعون عن هذا النوع من العمليات أنه قد يؤخر طموحات إيران النووية بشكل كبير، بينما يرى المعارضون أن الضربة قد تدفع إيران إلى تسريع جهودها النووية بدلًا من التخلى عنها.
فرصة لإحداث التغيير
فى تعليقه، يرى سعيد جعفرى، الصحفى الإيرانى والمحلل فى شئون الشرق الأوسط، أن أى ضربة عسكرية تستهدف إيران سيكون لها تداعيات بعيدة المدى، لا سيما على السياسة الداخلية الإيرانية.
وأشار جعفرى إلى أن بعض جماعات المعارضة الإيرانية ترى فى التدخل العسكرى الأجنبى «فرصة محتملة لإحداث التغيير»، لكنه حذر من أن التجارب السابقة تشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيًا لتحقيق أهدافهم.