
عصام عبد الجواد
ترندات التفاهة
بعد أن كان لدينا أدباء وكتاب وصحفيين ومثقفين يشهد لهم الجميع بعمق الفكر والثقافة وقدرتهم على نقل المعلومة الصحفية، وتوصيلها للقارئ بشكل سلس ويسير ومناقشة قضايا ذات أهمية بالغة تهم المواطن فى المقام الأول وتهم الوطن وتحافظ عليه بل وتحافظ على السلم والأمن الاجتماعى، تحولنا فجأة إلى من يطلقون على أنفسهم «البلوجر» أو «اليوتيوبر» وأصبح هؤلاء السطحيون هم مصدر المعلومة أو مصدر الخبر وأصبح كل واحد منهم ما يهمه هو الوصول إلى الترند بغض النظر عما يقدمه من محتوى، فكلها أو معظمها محتويات تافهة لا تناقش قضية حقيقية ولا تدافع عن حقوق المواطن ولا تناقش مشاكله ولا تدافع عن الدول والوطن الذى هو فى أشد الاحتياج؛ لمن يقف بجانبه فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به المنطقة من حولنا، والكل ينظر ماذا سيحدث فى منطقتنا بعد التغيرات التى تدور من حولنا ففجأة إذا ظهر على السطح أى شىء تافه نجد كل رواد السوشيال ميديا خبراء يحللون ويشرحون وكأنهم أساتذة فى هذا التخصص، ففى الأسبوع الماضى عندما انتشر خبر انتقال لاعب الزمالك أحمد السيد زيزو إلى النادى الأهلى ورغم أنه كان فى البداية مجرد تكهن لا يعرف أحد مدى صدقه من كذبه إلا أنه تحول إلى ترند يدلى فيه كل بدلوه، وكأنه ناقد رياضى كبير وهؤلاء أنفسهم الذين ظهروا فى فيديوهات يحللون قضية الطماطم التى عضها ثعبان سام، وأصبحت الطماطم سامة سوف تقتل كل من يتناولها وكأنهم أصبحوا أساتذة فى قسم الحيوان فرع الزواحف بكليات العلوم وهم فى الأصل جهلة لا يعرفون أن الثعبان فى الأصل ليس نباتيا ولا يأكل الطماطم ولا يقرب لها هم فقط أدلوا بدلوهم من أجل ركوب الترند من أجل الحصول على مشاهدات وليكات تدر عليهم آلاف الدولارات بغض النظر عن مدى الأضرار التى تصيب الاقتصاد المصرى من خلال هذا الهراء الذى ينشرونه، وما يقدمونه من محتوى لا أساس له من الصحة، وفى حالة حدوث جريمة لقدر الله هم خبراء أمنيون واستراتيجيون حتى إن عددا كبيرا منهم حاول فى رمضان الماضى ركوب الترند عن طريق مائدة الرحمن التى تقام كل عام فى منطقة المطرية، لدرجة أن البعض استاء من هؤلاء المتطفلين الذين حاولوا ركوب الترند على حساب أهل المطرية الطيبين الذين يقيمون هذه المائدة كل عام على نفقتهم الخاصة، ولا يهمهم ركوب الترند من عدمه.
مصر بلدنا من أجمل بلاد الله على الأرض، تمر الأمة بموقف عصيب والأزمات تحيطها من كل مكان وحدودها من شرقها لغربها وشمالها لجنوبها يتربص بها الأعداء، وهى تحتاج لأن يقف بجانبها كل أبنائها دون تشتت، فعلى هؤلاء المغيبين أصحاب الترندات أن يفمهوا أن الوطن ليس أموالا وأرباحا يجنيها من التفاهات وغيرها من المواد غير النافعة، وعليهم مراجعة أنفسهم بعد أن ضاقت الناس بما يقدمونه، وعلى الجهات المختصة وضع ضوابط ومعايير تحكم ظهور مثل هؤلاء بعد أن طفح الكيل منهم..
حفظ الله مصر قيادة وشعبًا وجيشًا.