
اشرف ابو الريش
عمار.. يا سينا
خلد الله ذكر هذه البقعة المباركة سيناء التى تجلى عليها عندما خاطب كليمه موسى عليه السلام فقال فى كتابه العزيز «فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا» {الأعراف:143}.
نورانية التجلى الأعظم على تلك المنطقة يجعلها، من أفضل بقاع الأرض على الإطلاق، مرت قرون وسنوات وتظل سيناء نقطة من النقاط الروحية التى لا مثيل لها فى العالم.
تشعر وأنت فى البقعة المباركة بعظمة الله، لا زالت حاضرة لا تغيب، الجبال والسهول والأودية تشهد وتنطق بأن سيناء بقعة مباركة صنعت من نور الخالق العظيم.
البوابة الشرقية دخل منها معظم الغزاة لهذا الوطن، ورجع معظمهم خاسرين خائبين، فقد تعرضت مصر لغزو الهكسوس الذين احتلوها عام 1580 قبل الميلاد. بدأت حركات التحرر الفرعونية التى قادها حكام الدولة القديمة “طيبة” لطرد الهكسوس وتطهير أرض مصر من وجودهم فى شمال سيناء بقيادة جيش أحمس الأول، وامتد جيش مصر الحديثة من جدهم القائد أحمس إلى وقتنا هذا فى تطهير أرض الفيروز من المعتدين.
فُتحت سيناء من الجيوش الإسلامية بقيادة الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وذلك لنشر الإسلام فى مصر، وظلت سيناء طريقًا للمماليك المصريين لاستعادة الإمبراطورية المصرية فى فلسطين وسوريا فى القرن الثالث عشر وطريقًا للعثمانيين إلى مصر، حاول العدو الاستيلاء عليها وحررها جند مصر فى العصر الحديث بقيادة الرئيس أنور السادات، ومعركة التطهير الأخيرة كانت من خلال العملية الشاملة التى شهدتها عن قرب بداية من ٢٠١٨ وحتى ٢٠٢٢.
سيناء تاريخ كتب بأحرف من نور لن ينقطع بداية من التجلى مرورًا بوضعها الاستراتيجى والعسكري، وأخيرًا فى عصر هذه الجمهورية التى أقسمت على تطهيرها وتعميرها بإيدى أبنائها من المصريين.
فى أكتوبر الماضى ومع احتفالات النصر انطلق قطار سكك حديد الفردان - العريش، فى أول تجربة عبور جديدة ، ضمن محاور التنمية لنقل الركاب والبضائع من وإلى أرض الفيروز.
هذا الخط الحديدى كان حلمًا لأهالى منطقة رمانة والعريش والميناء العالمى الجديد، وانتهاءً بمنطقة طابا فى الجنوب والهدف ربط عبقرى بين البحر الأحمر والمتوسط لخلق محور نقل وتنمية اقتصادى استراتيجى عالمى.
تستعد سيناء فى أعياد التحرير بافتتاح العديد من المشروعات العملاقة فى الشمال والجنوب، وتبذل الدولة جهودًا جبارة لاستكمال أضخم مشروع دينى فى منطقة التجلى الأعظم بسانت كاترين، يجمع الأديان الثلاثة ليصبح قبلة ووجهة سياحية عالمية.
«عمار يا سينا» مقولة بسيطة سمعتها العام الماضى على لسان الشيخ بلال سويلم، أحد الرموز الوطنية الذين دافعوا عن هذه الأرض وقت الاحتلال الصهيونى لسيناء، وما زال الشيخ بلال يردد عمار يا سينا، وهو جالس أمام منزله المتواضع بقرية المقضبة فى منطقة وسط سيناء بالقرب من جبل الحلال، فى إشارة إلى أن الحلم من الممكن أن يتحقق فى يوم من الأيام، وتتحول صحراء سيناء وسهولها إلى جنة خضراء بسواعد المصريين ونقضى على حلم العدو الذى لن تغيب أرض سيناء عن مطامعه وتطلعاته.. تحيا مصر.