الأحد 13 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ماذا تعنى ثورة 30 يونيو للإخوان سوى الانقسام والتشظى؟

ماذا تعنى ثورة 30 يونيو للإخوان سوى الانقسام والتشظى؟

منذ اليوم الأول الذى خرج فيه الملايين من المتظاهرين ضد حكم المرشد فى 30 يونيو، حاسب شباب الجماعة قياداتهم فى ميدان رابعة، الذى كانوا يعتصمون به، وسألوهم: لماذا فقدنا السلطة؟ ما الذى أخرجكم من قصر الاتحادية؟ هل بالفعل كنتم تمتلكون مشروعا حقيقيا لإدارة الدولة؟ هل أنتم مؤهلون لحكم دولة بحجم مصر؟، لكن قيادات الجماعة أرجأوا الأجوبة، بحجة أن الأزمة لا تزال سارية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية وعدتهم بالعودة للاتحادية.



منذ هذا التاريخ دفعت ثورة الثلاثين من يونيو الجماعة إلى العديد من المعانى، التى كانت لهم وحدهم ولم تكن لغيرهم، وأولها الصدمة، التى فاجأتهم بأنهم مكروهون من الشعب بكل فئاته، وأن قيادات التنظيم كانوا لا يملكون أى خبرات لإدارة الدولة، وأنهم مرهونون برضا أمريكا عنهم.

تعنى ثورة الثلاثين من يونيو للجماعة الانقسام والتشظى، فبدءاً من عام 2016 وحتى الآن كان طرح هذا التصدع للعلن ثم تسويق التنظيم لملف المصالحة واتهام كل فريق للآخر أنه لا يمثل التنظيم، وأنه الأقدر على إعادة هيكلة وصناعة جماعة جديدة ستكون بمثابة اتحاد فضفاض يختار فيه كل فرع تكتيكه الخاص لتحقيق أهداف قصيرة المدى وهى أسلمة القواعد الشعبية ثم التوغل للوصول إلى السلطة من جديد.

تعنى ثورة الثلاثين من يونيو للإخوان الانشقاق، فمنذ النصف الثانى من عام 2019، بدأت تُثار على نطاق واسع أحاديث حول «الانشقاقات» داخل التنظيم، وصلت ذروتها مع الإعلان عن انشقاق كبير، تزامن مع حالة التمرد على القائم بأعمال المرشد العام «إبراهيم منير»؛ وسبق ذلك تلاسن حاد وعلنى للأذرع الإعلامية المختلفة التابعة أو «الداعمة» للجماعة بين فرعى لندن وإسطنبول.

تعنى ثورة الثلاثين من يونيو للإخوان العودة للأصل وهو العنف المسلح، فمنذ عام 2015 طرح القيادى «محمد كمال» على نطاق واسع فكرة ما يعرف بـ (فعل الثورة المبدع) خلال اجتماع لمناقشة سيناريوهات ذكرى الثور، حيث وضع استراتيجية استخدام الجماعة للعنف ترتكز على ركيزتين أساسيتن وهما العقاب الثورى وجبهة المقاومة الشعبية.

تعنى ثورة الثلاثين من يونيو للإخوان الصراعات فى صفوف الجماعة بين جبهة الأمين العام للجماعة «محمود حسين» وجبهة شباب الجماعة المتواجدين فى تركيا بسبب جملة من القرارات أبرزها قرار إقالته من منصبه كأمين عام للجماعة ومن ثمة أصدرت اللجنة العليا للجماعة قرار إقالته حينها، وهو ما فجر أزمة داخلية كبيرة حيث تمردت لأول مرة عدة مكاتب وفروع للتنظيم، ورفضت المكاتب الإدارية الاستجابة لجبهة «الحرس القديم»، ومن هنا خرج بعضهم فى إصدار شهير بحقائبهم على قارعة الطريق يتحدثون عن خيانة القيادات وكتب عبد الله عزت (اسم حركى) رئيس طلاب الإخوان مقالات متعددة يصف ما يحدث أهمها: (طلاب الإخوان بالسودان يسقط الكفيل)، وعليه لم يجد بعض هؤلاء الشباب إلا طريق اللجوء إلى تنظيمات السلفية الجهادية والقاعدة وبدأنا نرى فى صفحة حسم (إعلام المقاومة) الاحتفاء بكتيبة المرابطين للإرهابى «هشام عشماوى» ومدح أعمال تنظيم القاعدة كما جرى فى 30 أكتوبر 2018 فى إصدارهم الشهير (الكمين القاتل).

وبدأنا نسمع ونرى قيادات من الجماعة مثل مجدى شلش يتحدث عن «دفع الصائل» بوصفه «هو بديهية من بديهيات الإسلام لا ينكره إلا من انتكست فطرته» بينما شدد على أن «السلمية ليست ثابتة من ثوابت الإخوان» وأن «شعار سلميتنا أقوى من الرصاص تغير الآن ليصبح سلميتنا أقوى بالرصاص»، كاشفاً عما أطلق عليه «الهيئة الشرعية» التى فرقت بين المشاركين فى ثورة الثلاثين من يونيو، وقالت إن منهم من يستحق القتل ومنهم من يستحق التحذير الذى هو ما دون القتل، وهكذا منذ عام 2014 وحتى عام 2019 ظل الإخوان يستخدمون ثلاثة مستويات من ممارسة العنف، المستوى الأول العشوائى مثل حرق أعمدة ومحولات الكهرباء.. إلخ، المستوى الثانى هو السلمية المبدعة التى تستهدف الإنهاك والإرباك، وتتجاوز استهداف المنشآت والطرق والمرافق العامة إلى استخدام أسلحة خفيفة وبدائية تحت مبدأ تم نقله عن قول محمد بديع: «ما دون القتل سلمية»، أما المستوى الثالث:  فهو العنف العقابى الذى يستهدف التصفية والاغتيال.

وفى منتصف عام 2014 وحتى بداية 2016 ظهر ما يسمى (حركة العقاب الثورى)، التى كانت أولى عملياتها هو إطلاق الرصاص على كمين شرطة، وجاء فى بيانها التأسيسى الذى بثته على موقع «يوتيوب» قام بإذاعته شخصان يرتديان ملابس سوداء لا تبين شكلهما ويحملان سلاحًا، معرفين أنفسهم باسم «شباب مصر الثورة».

وفى هذا الإطار نشأ كذلك تنظيم «لواء الثورة» فى 21 أغسطس 2016، ومن أبرز عملياته استهداف كمين شرطة العجيزى فى مدينة السادات بمحافظة المنوفية ما أدى إلى مقتل ثلاثة من قوات الشرطة، وفى 22  أكتوبر 2016 تم اغتيال العميد «عادل رجائى» بعد إطلاق الرصاص عليه أمام منزله فى مدينة العبور بمحافظة القليوبية، وفى 1 أبريل 2017 استهدفوا مركز تدريب تابع للشرطة بمحافظة الغربية عن طريق عبوة ناسفة، وفى 16 يوليو 2016 ظهرت «حركة سواعد مصر» حسم، التى كان ومن أبرز عملياتها اغتيال رئيس مباحث الفيوم، ومحاولة اغتيال مفتى الجمهورية الأسبق على جمعة فى 6 أكتوبر 2016، وتفجير عبوة بمحيط نادى شرطة دمياط فى 4  سبتمبر 2016، والعديد من الاغتيالات الأخرى، ومنها محاولة اغتيال النائب العام المساعد «زكريا عبد العزيز عثمان» فى محيط منزله بحى الياسمين بالتجمع الخامس عن طريق استهداف موكبه بسيارة مفخخة، ثم اغتيال النائب العام هشام بركات، وكذلك تفجير كمين لوزارة الداخلية بشارع الهرم فى الجيزة أسفرت العملية عن مقتل 6 من رجال شرطة وإصابة ثلاثة آخرين فى 16 ديسمبر 2016.

ما تعنيه ثورة الثلاثين من يونيو هو بقاء الدولة المصرية وفشل مخطط تفكيكها وانهيارها، بل الحفاظ عليها، وتطويرها وفق خطة سياسية واقتصادية محكمة، وما تعنيه للإخوان هو الانقسام على أنفسهم من أجل السلطة وانكشاف حقيقتهم وعنفهم الممنهج.