
رشاد كامل
روزاليوسف تصف العقاد: أمير الشعراء وسلطان الأدباء!
كانت معركة «جريدة روزاليوسف» وحزب الوفد وزعامته حديث الشارع السياسى والحزبى والصحفى ليس فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله!
ويومًا بعد يوم زادت حدة المعركة الكلامية بين الطرفين سواء عبر صفحات روزاليوسف وجرائد الوفد.. وحتى ذلك الوقت كانت لا تزال روزاليوسف وفدية وكان لا بد من حل لإنهاء هذا الخلاف المحتدم!
لكن اللافت للنظر أن الصحف والمجلات كانت تتسابق فى نشر أخبار الخلافات بين الطرفين وتتوسع فى هذا النشر، بل وصل الأمر ببعضها أن كانت تكتب مؤكدة أن روزاليوسف سوف تفصل من الوفد!
وفوجئ العقاد وروزاليوسف بجريدة الجهاد تتهم «العقاد» بأنه مصاب بالجنون والبارانويا، ولم يسكت العقاد بطبيعة الحال، وتروى السيدة روزاليوسف قائلة: فجأة دخل العقاد علينا ذات ليلة وهو يهدد صائحًا: سوف أقضى على «توفيق دياب»!!
وتجمعنا حوله متسائلين ونظرنا إليه مترقبين واستطرد وهو يقول: لدى مستندات خطيرة جدًا سوف يكون فى نشرها القضاء عليه!!
وطلبنا منه أن يطلعنا على المستندات فرفض وقال: إنها سرية جدًا!! وأنه يريد أن يذهب بها أحد موظفى الجريدة إلى محل زنكوغراف ليصورها ويعيدها إليه!!
ورضخنا لرغبته وتفرقنا عنه واستدعى إليه «إبراهيم خليل» وأعطاه المستندات الخطيرة فى مظروف مغلق لكى يذهب بها إلى محل الزنكوغراف.
وخرج إبراهيم خليل وقبل أن يبرح الإدارة استبد به الشغف لكى يطلع على هذه المستندات الخطيرة جدًا، ففتح المظروف فى حجرة ثانية، ورأى المستندات فوقف ذاهلًا ونادى علىّ فذهبت إليه، وناديت أنا على كامل الشناوى وتجمعنا فى الحجرة نتأمل المستندات الخطيرة جدا ونحن نكاد ننفجر من الضحك!
كانت المستندات تثبت أن الأستاذ دياب لم يكن يدفع للعقاد مرتبه فى مواعيده حين كان يعمل معه فى «الجهاد» أى أنها تثبت أن الجهاد لم يكن فى حالة مالية حسنة، وهو كما ترى أمر غير خطير وليس فيه ما يشين الأستاذ «دياب» فى شىء، فقد جرت عادة أغلب الصحف على أن تتأخر فى دفع مرتبات موظفيها ولكن - العقاد - وله قلب طيب - حسب أنها مستندات خطيرة، وكنا حريصين على ألا نغضبه، فجاريناه فى نشرها وكنا نتظاهر أمامه باهتمامنا بها، فإذا تولى عنا انطلقنا بزعامة كامل الشناوى ضاحكين!!
وفى ذروة المعركة تكتب روزاليوسف خطابًا مفتوحًا فى غاية الأهمية واعترافًا بدوره بدأته بقولها: حضرة ولدنا النجيب الأستاذ «عباس محمود العقاد» أمير الشعراء وسلطان الأدباء..
أصبحت غزواتكم الموفقة فى ميدان السياسة المصرية على صفحات كريمتنا «روزاليوسف اليومية» «حديث الناس» غزواتكم الموجهة باستمرار وعنف إلى عرين الأسد والتى تتجلى كل يوم عن معركة حامية بينكم وبين إنجلترا العجوز ذات المخالب والأساطيل!
إننى أحيّى فيكم الوطنية الخالصة لله والوطن والوطنية الجارفة التى لا تعرف القيود والأغلال والنفس الثائرة التى تعالت على أمانى المخاوف والآمال والبصر النافذ مهلهلًا حجب الغيب، هاتكًا أسرار التاريخ والسهام التى تسامت أن تصيب أعداء البلاد والاندفاع إلى نجدة مصر المعذبة اندفاعًا يظاهره العقل والرأى والسداد والتوفيق.
وللذكريات بقية!!