الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المخرجة والمؤلفة مروة رضوان فى حوار لـروزاليوسف:

الشعب المصرى «كوميدى» بطبعه.. وصعب نبيع «الميه فى حارة السقايين»!

المخرجة والمؤلفة مروة رضوان
المخرجة والمؤلفة مروة رضوان

حوار - هند سلامة



استكمالًا للبحث عن إبداع المرأة فى مجال الكوميديا، كانت للمخرجة مروة رضوان محاولات فى اقتحام مجال الاحتراف بالقطاع العام ومحاولات أخرى لم تكتمل بالقطاع الخاص بمجالى التأليف والإخراج.. عن تجربتها فى الاتجاهين والمعوقات التى واجهتها هنا وهناك قالت رضوان فى هذا الحوار:

■ متى كانت مرحلة البدايات؟

- دخلت فريق المسرح بكلية التربية بدأت بالتمثيل حتى أتمكن من ممارسة الإخراج ثم أعلنوا علىّ الحرب.. لأن فريق الكلية كان ضد أن تقوده «مخرجة» كانوا يقولون: «عيب.. ليه تخرج لنا بنت معندناش رجالة؟!».

■ كنت دائمة السعى لقلب نصوص «شكسبير» لتقديمها بطريقة ساخرة مثل «روميو وجوليت» و«ماكبث» حدثينا عن هذه التجربة؟

- اختلفت مع شكسبير فى نهاية «روميو وجوليت» لأننى كنت أجدها نهاية قاسية، تحررت من النهاية المأساوية للنص، وأكثر مكان يمنح مساحة للحرية فى الإعداد مسرح القطاع الخاص لذلك اخترت ألا يموت الاثنان فى النهاية وأقبلا على محاولات فاشلة فى الانتحار.

■ كيف تمت صياغة هذه الرؤية دراميا؟

- «روميو وجوليت»، كان مشروعا لم يكتمل مع «تياترو ميوزيكال» اكتمل العرض لكنه لم يخرج إلى النور، أعددت النص بشكل مغاير للنص الكلاسيكى، جعلت عائلة «روميو» أطباء و«جوليت» مطربى أوبرا، وحدثت العداوة بين العائلتين بسبب أن الجد الأكبر خلع «ضرس» الجد الثانى وخرب له أحباله الصوتية فلم يتمكن من الغناء للأوبرا، سعيت لرسم الشخصيات بشىء من المبالغة، أحبت جوليت روميو وتزوجوا فى السر وتخلل الموضوع مواقف كوميدية كثيرة، ثم تم الصلح بين العائلتين فى نهاية العرض، بعد محاولات فاشلة للانتحار.

■ ماذا عن «ماكبث»؟

- كنت لا أحب هذا النص من الأساس، لأنه بالنسبة لى كئيب، وبالتالى لم يكن اختيارى أن أقدمه بل فرض علىّ خلال ورشة الإخراج بمركز الإبداع الفنى، جزء من الاختبار أن يطرح المخرج عصام السيد اسم «النص» ثم يبدأ كل مخرج فى تقديم رؤية مختلفة له، انطلقت من خلافى مع شكسبير فى رؤيته حول «الليدى ماكبث» لأنها فى وجهة نظرى ليست الشريرة، هى من دفعته لارتكاب الفعل لكنه أراد تنفيذ هذا الفعل بإرادته، ثم انتحرت بعدها لأن كان لديها إحساس بالذنب وهو أكمل فى ارتكاب جرائم قتل أخرى.

■ بعد التخرج من ورشة الإبداع كيف اقتحمت مجال الاحتراف؟

- قدمت عرض «شى كايرو» بمسرح الشباب وكان من أقرب الأعمال إلى قلبى.

■ انطلقت فى الكتابة والإخراج هل ترين أن شكل الكتابة للكوميديا اختلف عن زمن مضى؟

- من الصعب إضحاك الشعب المصرى، هذا الشعب دمه خفيف وكوميديان بطبعه، وبالتالى صعب نبيع المياه فى حارة الساقيين، لكنه فى نفس الوقت يحب الضحك ويريد أن يضحك.. عندما أكتب لم أتعمد الإضحاك بل يأتى الضحك من تلقاء نفسه، أكتب بما يتوافق مع شخصيتى الحقيقية الإفيهات تشبه إفيهاتى الشخصية ثم أترك مساحة للارتجال ولكن فى حدود ما كتبت.

■ كيف تتمكنين من تطويع الإفيهات الأقرب لشخصيتك على شخصية الممثل أو الكوميديان الحاضر فى قلب الدراما؟

- أغلق الارتجال بقدر المستطاع كما أننى لا أعمل مع كوميديانات صرف، أكتب الموقف المثير للضحك، وأثناء البروفات نضيف ونرى ما هو متوافق مع العمل وليس هناك مجال للمفاجأة حتى يظل الموضوع فى وحدة عضوية واحدة، هناك أشياء تحدث وليدة اللحظة مع الجمهور.. وهناك مفاجآت تتطلب أن يلحقها الممثل، لذلك له حرية التعامل مع هذه المواقف المفاجئة. 

■ هل يعتنى الكاتب بكتابة كوميديا تتفق مع شخصيته أولا دون وضع الدراما فى المقام الأول؟

- لا على العكس لا بد أن يتفق مع شخصيتى وشخصية العرض خطتى للعرض من البداية للنهاية يجب أن تكون متسقة، لأن ترك زمام الارتجال والكوميديا فى يد الكوميديانات هذا هو الجحيم بعينه، لا بد من دراسة الإفيه وكيفية تواصل الجمهور معه وما بعد هذا الافيه أقيس كل هذه الأمور لمصلحة العرض، فلا بد أن يفرض المخرج شخصيته على العرض بالكامل.

■ حدثينى عن «كوميديا البؤساء»؟

- كان لها معى ظرف شخصى فى اختيار النص من الأساس.. درست رواية «البؤساء» فى المدرسة، وأتذكر أننى كنت أعانى من كوابيس أثناء قراءتها فهى أشد الروايات ظلمة وكآبة وقتها تساءلت لماذا شعرت بهذا الاكتئاب، لم أشأ التهكم على البؤساء فكرت وأنا لا أعلم شيئا عن مصطلح الدراما المكملة أن هناك شيئا مفقودا فى مرحلة تحول هذا البطل من منتهى البؤس إلى منتهى الثراء تلك الفترة ما بين خروجه من السجن وحصوله على الشمعدانات الفضية لم يذكرها الكاتب، تخيلت هذه الفترة العابرة فى حياة البطل وصنعت لها حدوتة، تم تنفيذ العرض بشكل جيد لكن روحه هربت، والعروض إذا هربت روحها أثناء العمل قد يحدث خلل ما، لأننى أجنح دائما إلى ضرورة توفير جو من الحب بين مجموعة العمل، وإذا حدث العكس قد تفرط الأمور مثلما حدث معى بالبؤساء.

■ لكن هذا الأسلوب ربما يكون مفسدا فى العمل مع النجوم؟

- لست مضطرة للعمل فى أجواء غير مريحة لا أستطيع.

■ ما الذى غيرته فيك تجربة السفر ومشاهدة عروض مسرح برودواى؟

 - تجربة برودواى منحتنى أملا كبيرا، لست مع ضرورة توفر مبالغ ضخمة لتقديم عرض جيد لذلك شعرت بأشياء غريبة نحن أقوياء لكننا ليس لدينا هذه الثقافة، هم يقدمون بما يعرف بالسياحة المسرحية لديهم أكاديميات ضخمة لإخراج عدد وكم هائل من البشر هناك 50 عرضا مسرحيا يعملون معا فى نفس التوقيت، وقد تحتوى أغلب هذه العروض على أوركسترا وغناء لايف، المسألة لا تتوقف على توفير الأموال فقط، بينما على فكرة بناء مسرح سياحى قائم على الاستثمار والبناء التراكمى وهذا ما صنع لديهم نوعا من الأصالة أن يستمر عمل مسرحى قرابة 32 و25 عاما يتغير فريقه والعرض لا يتغير.

■ بعد العودة ماذا كان فى خيالك عن المسرح؟

- اتخذت قرارا نهائيا بأننى لن أقدم كوميديا موسيقية كما حلمت فى مصر، لأن لدينا مشكلتين، الأولى أن الجمهور يحب الحوار ويمل من الحوار الغنائى، ثم إننى فى برودواى شاهدت الأعمال الموسيقية كما قال الكتاب، وبالتالى لم أجرؤ على تقديم تجربة تحتاج إلى قوانين صارمة فى التنفيذ.

■ هل لديك إقبال على إخراج نصوص ليست من تأليفك؟

- لا أضمن أننى سأترك النص كما هو، وأعتقد أن هذا قد يشكل أزمة للبعض، ذات مرة فكرت فى إعادة تقديم مسرحية «وجهة نظر» للكاتب لينين الرملى لكننى تراجعت تماما، لأننى أدركت أن هذا الرجل أغلق فيها الإفيهات وانتهى الضحك بها، لن يتمكن أحد من إعادتها بعده كما أنها محفورة فى وجدان الجمهور فلا يمكن الاستلهام منها، لذلك لا أحبذ البحث عن نص كوميدى مكتوب، أحب أن أكتب بنفسى، وحاولت الكتابة مع محمد السورى بينما التجربة لم تكتمل.

■ لماذا لم تكتمل؟

- وجدت أن الموضوع مستحيل لأننى أقدم كوميديا من منطقة وهو لديه مناطق ضحك أخرى، كما أننى أحب الجمل الخاصة بى، ورش الكتابة قد تصلح أكثر فى الدراما من الممكن أن أجد من هو متوافق معى فكريا، لكننى وجدت نفسى لا أستطيع استكمال الكتابة مع زميل آخر بالمسرح لأن كلا منا لديه مناطق خاصة فى صناعة الضحك.

■ هل هناك اختلاف بين الرجل والمرأة فى التأليف للكوميديا؟ 

- المرأة تلعب على نوع آخر من الكوميديا لا تعتمد على إفيهات صريحة تجارية، النساء لديهن أصالة فى صناعة الضحك قد يجنحن إلى الاهتمام بالمشاعر والتفاصيل، بينما الرجل «حرفجى» تسيطر عليه الحرفة فى الكتابة عقله يعمل أكثر فى صياغة الإفيهات، قد أهتم مثلا بعمل إفيهات فى الصورة أو الموسيقى، أبحث دائما عن طريقة أخرى بعيدة عن الإفيه الصريح أتركه للمرحلة النهائية.

■ هل تخشين الإفيه الصريح لأن المرأة ليست جريئة كما يشاع عنها؟

- أخشى الإفيهات الصريحة الفجة التى تمنح سوكسيهات قوية فى منطقة خطأ بالعرض وقد تفسد العمل، ليس لدى تابوهات من الممكن أن أقدم أى شىء وأقوم بتفكيكه. العنصر الأساسى الذى يحركنى تحقيق المتعة، الموضوع ليس له علاقة برجل وامرأة هذا نوع من الكوميديا لا أحبه.

■ هل عدم وجود مخرجات محترفات بمجال القطاع الخاص تقصير منهن أم أن الوسط طارد لهن؟

- لا أعلم السبب الحقيقى أعتقد أن المسألة منقسمة بين تقصير من النساء تجاه أنفسهن وبين تقدير ظالم من المنتج الذى قد يفضل الرجال فى هذه الصناعة عن المرأة، هو كولاج بين ظلم من المنتج أو النجم قد لا يفضل التعامل مع المرأة فى هذه المنطقة لأن فى قناعته «الرجال قوامون على النساء» هذا ليس فى مصر وحدها بل العالم كله ذكورى.