فى ندوة ضمن سلسلة تعزيز الوعى.. روزاليوسف تواصل مواجهة التطرف
تاريخ الإخوان الأسود.. « من شمشيرة إلى تل أبيب»

إعداد:
القسم السياسى
تصوير:
مايسة عزت
حسن جابر
تواصل «روزاليوسف» دورها التنويرى فى مواجهة التطرف محاولة استلهام من الماضى خبراته لمواجهة الحاضر وتحدياته أملا فى بلوغ مستقبل خال من الإرهاب والتطرف، منطلقة من ثوابتها الداعمة لبناء الوعى.
وفى ذكرى مرور 20 عاما على الإصدار الثانى لها، و90 عاما على إصدارها الأول تطلق سلسلة تعزيز الوعى التى تتنوع ما بين تحقيقات وحوارات وندوات.
وشدد المشاركون فى ندوة «مصر من القضاء على الفعل الإرهابى إلى تحصين العقول ضد فكر التطرف» على أن تنظيم الإخوان الإرهابى هو المفرخة التى خرج منها كافة التنظيمات الإرهابية.
وكشف المشاركون حقيقة التنظيم منذ نشأته التى ارتبطت بالمخابرات البريطانية وعلاقة أحفاد البنا بالاحتلال الصهيونى فى فلسطين.
الندوة شارك بها الدكتور ثروت الخرباوى، الخبير فى شئون الجماعات المتطرفة، والدكتور أسامة رسلان، الأستاذ فى جامعة الأزهر، والمتحدث الرسمى لوزارة الأوقاف، والكاتب الصحفى ماهر فرغلي، الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، الندوة أدارها رئيس تحرير الجريدة أيمن عبدالمجيد، وحضرها مجلس وعدد من أسرة تحرير الجريدة.
«عدة موجات من التطرف شهدتها الدولة المصرية بداية من السبعينيات، مرورا بمحاولة التنظيمات المتطرفة اختراق بنية الدولة بعد ثورة 25 يناير 2011، وصولا إلى موجة العنف التى أعقبت ثورة 30 يونيو، حيث حاولت هذه الجماعات كسر إرادة الشعب وتعطيل مسيرة التنمية، لكن الشعب المصرى ومؤسسات الدولة تصدت لهذه المحاولات.
واستطاعت الدولة القضاء على الإرهاب خلال السنوات العشر الأخيرة عبر استراتيجية شاملة انتقلت من الرصد إلى المواجهة المباشرة، عبر عمليات استباقية وتحديث الأدوات الأمنية، وصولا إلى العملية الشاملة فى سيناء»، وتجفيف منابع التمويل والتسليح والدعم اللوجيستى.
وبدأ رئيس التحرير أيمن عبد المجيد بالترحيب بالضيوف مؤكداً موقف روزاليوسف التاريخى فى مواجهة التطرف و جماعة الإخوان الإرهابية وأهمية بناء وعى الأجيال الشابة بـحقيقة التنظيمات المتطرفة ومن يقف خلفها.
عبد المجيد حدد محاور الندوة بقوله: نجحت الدولة المصرية فى القضاء على الفعل الإرهابى فى أخطر موجة سعت لكسر الارادة الشعبية عقب ثورة 30 يونيه وإعاقة جهود التنمية لتتواصل المؤامرات بالتظاهر أمام سفارتنا بالخارج وهنا يأتى دور الإعلام فى مواجهة الفكر المتظرف حتى تحصن العقول ضد محاولات التزييف والإستقطاب خاصة وأن دماء ذكية لمئات الشهداء بذلت للقضاء على الإرهاب .
نبدأ مع المفكر الدكتور ثروت الخرباوى، ليسلط الضوء على الجذور الفكرية والسياسية لنشأة تنظيم الإخوان منذ العام 1928، واستغلال الدين.
د.ثروت الخرباوى:
حسن البنا كان يقول لشباب الإخوان: «إذا سألوكم من أنتم؟ قولوا لهم: نحن ناد رياضى، نحن جمعية خيرية، نحن حقيقة صوفية، نحن كذا، نحن كذا، فإذا قالوا لكم: لقد غم علينا الأمر، من أنتم؟ قولوا لهم: نحن الإسلام»، فسعى هذا التنظيم الإرهابى لترسيخ هذه الأفكار الضالة فى عقول الشباب وجعلوا كل مناهض لهم ولأفكارهم عدوًا للإسلام أى عندما اجتمعنا هنا فى هذا المكان، كأننا كأفراد نتآمر على الإسلام، وكأننا نقول: «أيها الناس، ينبغى أن يتوقف كل واحد منا عن إعمال عقله وفكره حتى لايتهم أنه ضد الإسلام» هكذا يصورون الأمر بين أنفسهم لكن السؤال الذى سأله الأستاذ أيمن عن البدايات، لم تكن بداية الإخوان عام 1928 على الإطلاق، ولكنها كانت من ثورة 1919، عندما نهض الشعب المصرى على قلب رجل واحد كان الشعور الوطنى فى مصر خافتا قبل ذلك، لماذا؟ لأنه كان هناك احتلال عثمانى قاس شديد القسوة، يستولى على ثروات البلاد، ولكنه يتسمى باسم الإسلام، وهذا الاحتلال العثمانى مع الاحتلال الإنجليزى كانا عنصرين أضعفا الشعور الوطني، وربما كان الاحتلال الإنجليزى أبرز الشعور الوطنى لكن تخيلوا أن يأتى أحد يحتلنا ويقول: «أنا أحتلكم باسم الإسلام» الناس طيبون، يقولون: هؤلاء مسلمون.
فمسألة العاطفة الدينية المتقدة فى قلب الشعب المصرى كانت مدخلا من المداخل، لكن العمق الحضارى والوطنى الموجود فى الشعب المصرى تجلى فى ثورة 1919، عندما قال مجموعة من السياسيين والمفكرين الكبار: «يجب أن نذهب لنتفاوض مع الإنجليز للحصول على الاستقلال» الشعب المصرى عندما خرج فى مسيرات، تعامل كما تعامل فى ثورته، وكان هناك وثيقة اسمها «وثيقة التوكيل لسعد زغلول»، نصها «نحن نفوض هذا الرجل لكى يتفاوض مع الإنجليز»، وكانت فى منتهى القوة وجاءت ثورة 1919 التى حركت الصخرة، وفجأة ظهر شعور المواطنة، وبالتالى لا يوجد ما يسمى عقيدة دينية أو دين خاص، بل انتماء إلى الوطن، ونحن ندافع عن هذا الوطن.
هذا الأمر أثار قلقا شديدا لدى المستعمر البريطاني، فقام رئيس وزراء بريطانيا آنذاك باستدعاء شخص يدعى «ملنر»، وكان قد شغل منصب وكيل وزارة المالية فى مصر لسنوات طويلة فى عهد الخديو توفيق، وقال له: «تعال يا ملنر، أنت تعرف مصر جيدا، شكل لجنة وتوجه إلى هناك، وابحث لماذا يثور المصريون ضدنا، رغم أنهم فلاحون بسطاء وأميون وبعضهم حفاة».
كان «ملنر» متعجبا من الأمر، وأقام فى مصر لمدة خمسة أشهر، ثم عاد وكتب تقريرا كاملا لرئيس الوزراء فى يوليو 1920، قال فيه إن إحساس المصريين بوطنهم أصبح قويا، وانتماءهم للوطن ترسخ بشكل غير مسبوق، وكان الحل - من وجهة نظره - هو تفريقهم.
كيف يتم ذلك؟ هناك الأزهر وهناك الكنيسة، إذن يجب العمل على تفتيت الأزهر وتخريب بعض الكيانات الدينية القائمة، وإيجاد كيانات جديدة تدعى أنها تمثل الإسلام النقى والخالص، وأن غيرها لا يملك هذه العقيدة الصحيحة ومنذ يونيو 1920 بدأ تشكيل بعض الكيانات الدينية، لكنها كانت بعيدة عن الأزهر، وكانت مجرد كيانات فكرية فى البداية، ثم جاءت فكرة إنشاء «جمعية الشبان المسلمين» فى عام 1926 أو 1927، بعد أن تبين أن الرؤية الوطنية كانت فى ذلك الوقت بيد رجال الدين ورجال الجيش.
لذلك كان الحل - من منظورهم - هو البحث عن شخص يمكن السيطرة عليه وهو حسن البنا الذى عمل مدرسا للخط العربي، وكان والده متفوقا فى هذا المجال وتمكنوا من السيطرة عليه بإرساله إلى مدينة الإسماعيلية للعمل مدرسا للخط العربي، وكانت الروح الوطنية متأججة فى الإسماعيلية فى ذلك الوقت، ووقعت بعض عمليات التفجير بهدف تعطيل وإضعاف شركة قناة السويس المملوكة لفرنسا وقد أدركت الأجهزة الأمنية الفرنسية والبريطانية أن هناك فدائيين مصريين ينفذون هذه العمليات، وهم منافسون لليد العاملة هناك.
من هنا جاءت أول محطة فى خطة المحتل، وهى استغلال الدين كأداة لزرع الفرقة بين الناس، وإيجاد انقسام بين المسلمين وغير المسلمين، وكانت هذه هى البدايات الحقيقية لعملية إنشاء الكيانات الدينية التى تعمل خارج إطار المؤسسات الدينية الرسمية.
أيمن عبد المجيد: ننتقل إلى الأستاذ ماهر فرغلى حدثنا عن ارتباط نشأة التنظيم بالاستعمار البريطانى ومؤخراً انكشاف ارتباطهم بالاحتلال الصهيونى.
ماهر فرغلى:
يقال إن حسن البنا أصله ماسونى ومن المغرب، ونزل فى شمشيرة فى البحيرة، ثم انتقل إلى الإسماعيلية.
الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أشار فى برنامج إعلامى له سابقًا إلى وثيقة تخص «ليستر كراون»، وهو رجل إنجليزى مشهور وكان مشعوذًا، والتقى بحسن البنا، وأحال البنا اللقاء لعبد الرحمن السندى الذى حصل على عشرين ألف جنيه إسترلينى كتمويل، وهذا التمويل ذهب إلى حسن البنا، الذى رفض سيارة هدية كانت ضمن الصفقة، وقال: خذوا ثمن السيارة وأضيفوه إلى المال، ووضع المبلغ فى جمعية الإخوان المسلمين من أجل تأسيسها.
عندما تنظر إلى علاقات حسن البنا تجد أكثر من تقاطع بينه وبين الإنجليز واليهود، وهذا الكلام ليس جديدا.
ومنذ عام 1937 بدأ حسن البنا فى تحويل الجماعة من مجرد جمعية دعوية إلى جماعة سياسية، وقد ظهر ذلك فى المؤتمر الخامس والرسائل التى كتبها بعده، ودخوله المجال السياسى بشكل واضح، ثم بدأ يبنى تنظيما سريا له جناحان: جناح جماهيرى وتنظيم داخل مؤسسات الدولة، كما حدث مع محمود لبيب الذى دخل الجيش، ومع آخرين فى الداخلية، ثم جاء عبد الرحمن السندى وتولى قيادة التنظيم، وحدثت خلافات داخلية بعد ذلك مع السيد فايز، ثم تراجع السندى قليلا، لكن التنظيم ظل موجودا.
وعندما تقارن الأفكار المؤسسة للإخوان مع أفكار القاعدة، تجد تشابها كبيرا وقد قمت شخصيا بعمل مقارنة فى أحد الأبحاث الدراسية بين حماس والقاعدة وداعش والإخوان فى مصر من ناحية الفكر، فلم أجد فروقا حقيقية، فهى الأيديولوجيا والاستراتيجيات نفسها، وحتى جناحهم الخاص يعمل بنفس الطريقة.
يتحدثون عن أحكام العذر والتأويل، لكنهم يرفعون راية التكفير بسهولة، مع أننا نعلم أن التكفير له شروط وموانع، منها العقل والبلوغ وانتفاء الإكراه، أما مصطلح «دفع الصائل» فقد تكرر فى أدبياتهم مئات المرات، والصائل هو من يقتحم بيتك ويهددك فتدافع عن نفسك، لكنهم شبهوا هذا بالمواقف السياسية والمسلحة التى يتبنونها وكل ذلك مرتبط بأفكار حسن البنا وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي، حيث حصل تلاقح فكرى واستراتيجى بينهم، ومن الخمينى إلى المودودى إلى البنا، جميع الجماعات استفادت من أفكار بعضها البعض.
الإخوان اختاروا الثورة الجماهيرية التى تبدأ بشرارة تفجر الموقف، ثم يظهر الجناح المسلح لقيادتها، مع وجود قيادات جاهزة بالفعل. وقد اعترف يحيى موسى قائلا إن لديهم مشروعا متكاملا لإقامة الدولة وحكومة جاهزة لقيادة الجماهير فى حال حدوث فوضى.
لديهم جدول كامل بالنقاط المؤلمة التى يعملون عليها، وكلها مدونة فى وثائقهم، وتشمل الإرهاب والإرباك وعمليات «البرغوث» و»الفيل» والشائعات والعمل المسلح وقد اطلعت شخصيا على بيان مكتوب لديهم ينص على التوقف التام عن أى نشاط داخل مصر لمدة عشر سنوات، وبعدها لن يعودوا للصراع مع السلطة وهذا البيان لم ينشر لكنه تسرب من شخصية سياسية، ورأيته بنفسي.
روزاليوسف:
كل التيارات التكفيرية خرجت من رحم هذه الجماعة وليس لها علاقة مطلقا بالوسطية.
أين دور مؤسسة الأزهر والمؤسسة الدينية الرسمية فى مواجهة هذا التطرف وتجفيف منابع الاستقطاب؟
الدكتور أسامة رسلان: أى مسئول يتولى ملفًا فى أى قطاع يواجه تراكمات عقود، بل قرون وفى المسألة الدينية، يجب أن نضع فى الاعتبار أن التراكمات تمتد لقرون.
المؤسسات الدينية أصبحت مقيدة وعندما نحلل ظاهرة التطرف يجب أن نعود لعصور سابقة.
مصر أساس الوسطية لكن هناك أشخاصًا مصرين على تبنى فكر التطرف وهو مايفضى إلى الإرهاب وعند تحليل هذه الأفكار يجب فهمها وما أصاب أزهرها وتاريخها ومفكريها وعلمائها فكرة دور المؤسسات والتراكمات.
الوزير أسامة الأزهرى أطلق برنامجا وسجل فيه حلقتين تلفزيونيتين لإحياء تراث الليث بن سعد والعالم كله ينظر لمصر، لكن على بعض المستويات هناك أطراف أخرى تنازعك، وهذا لم يخدم المصلحة الوطنية لا فى المدى القريب ولا البعيد ولا أتصور أن ينجو العالم من الفكر المتطرف إلا بإسهام مصرى خالص.
هناك مقال للعقاد بعنوان «الفتنة الإسرائيلية» يربط بين الحركة الصهيونية ونشأة الإخوان من حيث النشأة والتمويل، وحسن البنا وامتهان مهنة الساعاتى التى كانت حكرًا على اليهود فى ذلك الوقت، حيث كان أسلافه يهودًا وهو أصلا عمل فى هذه المهنة.
وبالنسبة لكلمة «إسلامي» فهى تثير مشاعر البسطاء الذين يوالون على أساس كلمة الإسلام الظاهرى وهناك أيضا اللعب بأفهام العامة. فضعف الثقافة عند عامة الناس يخلق ظهيرا شعبيا.
وهناك متغيرات يجب الانتباه لها فالاستقطاب كان مسجديا فى فترة السبعينيات وأصبح إلكترونيا الآن، كان المشروع المتطرف يبدأ بأن يذهب الشخص إلى المسجد ويمكث هناك فترات طويلة وحسب الدراسات، هناك من يتطرف خلال أربعة أشهر، والبعض خلال ستة أشهر، وآخرون أكثر من ذلك لكن اليوم، التطرف أصبح إلكترونيا، الدولة ومؤسساتها يجب أن تنتبه، وكلنا نعرف عبد الرحيم المسماري، الإرهابى الهارب من ليبيا الذى تم القبض عليه فى صحراء مصر الغربية، وحاوره الإعلامى عماد الدين أديب، وسأله: كيف تطرفت؟ فأجاب: تطرفت فى أقل من نصف ساعة وهذه تحولات جسيمة وكلنا نعلم أن الإسلام أكثر انتشارا فى العالم، وهذا يعنى أنه يجب أن يكون هناك تدخل، خصوصا فى عواصم صانعة القرار، لأننا سنعانى أكثر فى القريب هناك تحولات ديموجرافية تحدث، ويجب أن نجتهد لمواجهتها.
عودة الكتاتيب تسعى لترسيخ احترام الأديان والإنسان والكون وحفظ الأوطان، وزيادة الإيمان والعمران نحن بحاجة للإصرار على ذلك، لأنه سيكون مفتاحا ومدخلا لدول أوروبا وغيرها، لكى تعتمد منهجى فى الفكر الإسلامى يجب أن أحسن صورتى وأوصل قضيتي.
هناك مشترك فكرى عندما تحاول تقييمه تجد أن جماعات التطرف هى واحدة.
الدكتور أسامة الأزهرى له دراسة تضمنت أن هناك أكثر من أربعين جماعة متطرفة وإرهابية تشترك فى خمسة وثلاثين فكرة ومفهوما، منها سبعة مفاهيم حاكمة مشتركة بينهم جميعا، على رأسها الحاكمية والجاهلية، إلى آخره ويؤكد أن الإخوان أصل داعش.
التلاحق الفكرى الاستراتيجى لديهم واضح، وهم حريصون على ترجمة كتبهم ونشرها ومن ترجم كتب سيد قطب إلى الفارسية هو المرشد الإيرانى الحالي.
ووضع الإخوان خطة لارباك وإشغال الدولة المصرية عبر البحث عن النقاط الرخوة، فهم يعملون حاليا على أساسيات منها تزييف الوعى والتلاعب بالعقول وحرب المعلومات وفى هذه النقطة يلعبون على ثلاثة مسارات: الأول، الخطأ المعلوماتي.الثاني، الكذب المعلوماتي، إذ يكون كل المحتوى المقدم كذبا مقصودا يستخدم كبالونة اختبار.
الثالث، الهدنة، بحيث يحدث تغير سياسى فى البلد، لكنهم فى الوقت نفسه يعززون أنفسهم اقتصاديا ويعودون للتسلل مجددا.
ثروت الخرباوي:

هناك من يقول إن البنا حصل على 500 جنيه من البارون دى بنوا، وأن البارون استدعاه وقال له: «أنا مسرور جدا يا شيخ حسن من نشاطك الجميل، خذ 500 جنيه» كتب ذلك فى مذكراته، وكتب الإخوان هذا الحديث واستمر الوضع كذلك حتى فى المسلسلات، وفعل ذلك وحيد حامد رحمه الله، وغيره. هذا الكلام غير صحيح إطلاقا، فلا توجد شخصية عملت فى شركة قناة السويس اسمها البارون دى بنوا ويستطيع أى باحث أن يعود إلى سجلات شركة قناة السويس ويبحث فى أسماء رؤساء الشركة.
الحقيقة أن اسمه كان الماركيز لويس أنطوان مالكوري، كان يعمل مديرا لشركة قناة السويس سنة 1927، قبل أن يذهب حسن البنا فى سنة 1928 ليعمل مدرسا للخط فى مدرسة ابتدائية، مسيو بلوم هو الذى دفع حسن البنا للذهاب إلى الإسماعيلية، وكان والد مسيو بلوم يعمل وكيلا لوزارة المالية سابقا فى حكومة الخديو توفيق، ومديرا لمكتب الماركيز لويس أنطوان مالكوري، الذى كان رئيس مجلس إدارة بنك فرنسا الزراعي.
وعندما حصلت أحداث فى الإسماعيلية، تغير مدير شركة قناة السويس وجاء لويس أنطوان، لأنه كان رئيس جمعية المتنورين الماسونيين فى باريس، المخرج محمد فاضل، أثناء إخراجه لفيلم عبد الناصر، بحث فى الأرشيف القديم لشركة قناة السويس، ووجد باللغة الفرنسية أن مبلغ الـ500 جنيه المصرى الذى حصل عليه حسن البنا سنة 1928 مكتوب أنه من جمعية المتنورين فى باريس، وليست من شركة قناة السويس، شركة قناة السويس ليس فى ميزانيتها بند للتبرعات للأعمال الخيرية وأى باحث يمكنه التأكد بسهولة، لكننا نسير وراء كلام حسن البنا فى مذكراته.
جد حسن البنا جاء من المغرب إلى الإسكندرية، وتعرف على شيخ محفظ قرآن من قرية اسمها شمشيرة فى كفر الشيخ تابعة لمركز فوة وجد أن جد حسن البنا لديه معرفة كبيرة فى الحساب، لأنه كان كاتب حسابات فى القصر الملكى بالمغرب، فقال له تعال معى إلى شمشيرة لتعليم الأولاد قواعد الحساب، وبالتالى أضاف قيمة للكتاب.
أنا ذهبت إلى شمشيرة لأبحث عن مقابر آل البنا، لأن أى عائلة لها مقابر خاصة فى القرية، لا يوجد أى مقابر تنسب إلى آل البنا أو آل الساعاتي، ولا توجد عائلة باسم البنا أو الساعاتي، الساعاتى مهنة، وجدت مقابرهم فى القاهرة حتى فى المحمودية عندما انتقل إليها أبو حسن البنا وكأنه انتقل مطرودا من شمشيرة، وتزوج وأنجب حسن البنا فى المحمودية، لا يوجد مقابر، ولكن مقابرهم كلهم.. أبو حسن البنا وإخوته وعائلته مدفونون فى القاهرة، لا يوجد امتداد عائلي.
وبالنسبة للجماعات الأخرى ففى لقاء قديم خاص بالإخوان سأل احدهم مصطفى مشهور أنا كنت فى هذا اللقاء : «هل يمكن أن تتعامل مع الجماعة الفلانية أو غيرها؟ قال له: يجب أن يعلم الجميع أن كل هذه الجماعات بما فيها نحن صفحات تكمل بعضها فى كتاب واحد، كلنا يعنى نحن جميعا وحدة واحدة.. صفحات تكمل بعضها فى كتاب واحد».
نحن لم نواجه الإرهاب..حقيقة حتى الآن.. ولكن واجهنا الإرهابيين.. الأمن قام بدور، لكن أين دور الوقاية والعلاج؟ لا يوجد.. الحقيقة أن هناك جهودا فردية قليلة إلا أنها لم تصب فى مشروع وطنى واحد.. ينبغى أن يكون هناك مشروع وطنى لمواجهة الفكر المتطرف الإرهابى الذى فيه الحاكمية وجاهلية المجتمع وحتمية الصدام مع المجتمع.
الإرهاب جزء منه ظاهرة نفسية.. يبقى دور نفسى. الإرهابيون لم يعالجوا نفسيا.. هم مرضى.. تفكيرهم عقيم.. تفكيرهم عقيم لأنهم مرضى.. هم لا يرون إلا أنفسهم، لا ينظرون إلى العالم إلا من خلال مرآة مشروخة لا يرون فيها إلا أنفسهم.
الإخوان يستفيدون من الواقع الدولى والأزمات الدولية؟.. الإرباك والإنهاك أنهم يستغلون الأزمات الدولية التى لا علاقة لمصر بها ولكن يمتد أثرها إلى مصر ويطلقون الشائعات والأكاذيب وتزييف الوعى ليجعلوا الشخصية المصرية مهزوزة مرتبكة خائفة، وهذا الخائف لا يستطيع أن ينتج شيئا.
فكيف نواجه فكريا من يتحركون من منطلق عقيدة، بعقيدة وظيفية؟
لفت نظرى كلام د. أسامة.. كلام فى منتهى الخطورة.. أنه من منطلق وظيفي.. يجعل الناس تتحرك حتى فى مواجهة الإرهاب، وهو هدفه أن يتكسب وليس مواجهة الإرهاب، يحصل على مكاسب لنفسه.. فكيف أواجه عقيدة دينية من الممكن أن يضحى صاحبها بنفسه، وأنا أواجهها بعقيدة وظيفية؟ الذى واجه بعقيدة وطنية، وممكن أن يضحى بنفسه، هو رجل شرطة يذهب وهو يعلم أنه قد يعود فى تابوت.
الإخوان يستغلون كل ما يحدث فى المحيط لهدفهم الرئيسي.. ليس إسقاط الرئيس ولا إسقاط الحكومة.. هدفهم إسقاط الدولة المصرية نفسها.
فبالتالى أنا وطنى مهدد.. أبنائى مهددون.. لابد من معرفة الخطر الداهم وكيفية مواجهته.
روزاليوسف:
ما هى أهداف التنظيم الإرهابى من الهجوم على مصر فى هذا التوقيت؟
ماهر فرغلى:

المتاجرة قديمة.. ولكن ضخموا الأمر بشكل كبير جدا.. فى الكتابات الخاصة بمشاركتهم فى حرب 48، ودخلوا معركة وانهزموا، وأدركوا الخسارة من خلال الحسابات.. قالوا لابد من ترك الجيوش العربية للحرب، وعدد كبير جدا انسحب، وهناك تفسيرات كثيرة.. لكنهم ضخموا الحالة، ولابد من مراجعة تلك الفترة وحصلت على وثيقة من التنظيم العالمي، وتم نشرها من شخص كان يعمل فى مكتب القرضاوي.. وثيقة عن جماعة الإخوان فى فلسطين.. «لماذا لا نحارب إسرائيل؟» أسباب عدم محاربتهم إسرائيل عسكريا، وتفسيرهم أن الهزيمة.. يعنى الحركة الإسلامية كلها انهزمت.. وأن الجيوش أفضل فى القتال.. ما يحدث الآن شعارات.. قال هذا الكلام بالتفصيل.. وأن الموضوع وراءه بريطانيا وأمريكا.
بالطبع المتاجرة بالقضية الفلسطينية متاجرة ضخمة فى جمع الأموال والتجنيد والاستقطاب وفى خلق المناخ،
مثل ما يحدث الآن فى خلق مناخ إحساس المواطن المصرى باليأس من خلال إعداد خطة إعلامية ستة أشهر، أخلق لك مناخا من الإحباط واعمل فى البرامج.
وجدت من خلال تحليل محتوى بعض القضايا أنهم يركزون على قضية معينة لمدة محددة مثلا 15 يوما ثم قضية أخرى وهكذا، مخطط لديهم.
وحدة الإعلام تعمل فى إطار خطة إعادة تقييم تم إعدادها فى لندن، لخلق مناخ من الإحباط أو شرارة ثورية مثلما يحدث الآن، غزة والمساعدات الإنسانية وإغلاق معبر رفح أى يخلق شرارة أن الشعب كله متعاطف مع القضية الفلسطينية، فهم «ماهرون فى خلق المناخ»، خطة الإشغال.
مهمتهم إشغال الدولة المصرية، حتى تدافع طوال الوقت. مثلا سأذهب لأقول اعملوا مسيرات أن مصر تحاصر الفلسطينيين وافتحوا معبر رفح، هم يعرفون جيدا أن لغزة خمسة معابر «إشغال لمكان آخر»، حركية.
لديهم مجموعات داخل مصر تمثل غرفا تسمى غرف التصدي، مثل غرفة تصدى للدعاية والشائعات، الإخوان يخرجون من السجون ويغيرون محافظاتهم حتى لا تسهل متابعتهم.
حسم كانت تتحرك عن طريق الألعاب الإلكترونية للأطفال، وزارة الداخلية وصلت لهم عن طريق اللعبة، يتكلمون مع بعضهم فى اللعبة، بالتالى صعب الوصول إليهم، ومع ذلك جهاز الأمن رصد الحالة.
الغرب يرى أن الإسلاميين.. يريدون شبه دولة، دولة منزوعة السلاح، مثل سوريا منزوعة السلاح،
فإذا طبق فى مصر، يكون الأفضل لإسرائيل، وهذا المستهدف، جعل سيناء منزوعة السلاح وكذلك جيش ضعيف، ودولة بلا سيادة، ويبقى تكرار نموذج أحمد الشرع فى المنطقة مهم جدا للغرب ولإسرائيل.
تأثير هذا النموذج وسلبياته، مهمة الباحث وليس رجل الأمن.
نحتاج لمراكز الفكر؟ تبحث ما بعد الحدث، وتساعدنا على حل الظاهرة ووضع روشتة للعلاج.
لابد من وجود استراتيجيات وقاية، يضعها المفكرون تضمن عدم تكرار الوضع الذى حدث فى سوريا.
أيمن عبدالمجيد: الندوة كانت ذات أهمية كبيرة واستفدنا منها بشكل كبير، كانت هناك رؤية واضحة فى بناء الوعي.
فمن يتولى قيادة المشروع الوطنى ومن يتبناه؟
الخرباوى:
أود أن أروى قصة عن شخص كان متدينا منذ صغره، حيث كانت لديه عاطفة دينية قوية ورغبة فى الدفاع عن الدين، لذا أسس جماعة جديدة وبدأ يردد أنها تمثل الدين بأكمله، نظم مؤتمرات وبدأ فى نشر أفكاره، توفى هذا الرجل أوائل الأربعينيات، إنه ثيودور هرتزل، الذى أنشأ حركة الصهيونية العالمية.. وسار خلفه حسن البنا خطوة بخطوة ، هذا الرجل الذى عقد المؤتمر لإعلان الصهيونية العالمية والذى حدد أنه فى خلال 50 عاما سيتم إنشاء دولة دينية.
الصهيونية تمثل الحركة السياسية لليهود، لكن ليس جميع اليهود يؤمنون بها، ويمكن اعتبار جماعة الإخوان المسلمين بمثابة صهيونية المسلمين، حيث أن الصهيونية تهدف إلى التنظيم والاستقطاب والسيطرة والحكم، الفكرة الأساسية لهذه الحركة تدور حول إقامة دولة وحكم، وهو ما يسعى إليه الإخوان أيضا.
قبل أربع سنوات، تحدثت فى أحد البرامج عن المظاهرات، وأشرت إلى أن جماعة الإخوان لها تنظيما فى إسرائيل وقد واجهت ردود فعل سلبية، ليس فقط من الإخوان، بل أيضا من بعض الشخصيات السياسية ، الذين اعتبروا أننى أبالغ فى حديثى وأظهروا عداء شديدا.
كذلك عندما ذكرت فى أحد الأيام أن شركات يوسف ندا تقوم بتوريد الأسمنت والحديد إلى شركات إسرائيلية لإنشاء مستوطنات، نظر إليّ المشاهدون بدهشة، وقد أعلنت عن أسماء شركات يوسف ندا التى قامت بالتصدير والصفقات التى أبرمتها الشركات الإسرائيلية.
فى عام 2011، المذيع حافظ الميرازى استضاف فى برنامجه أحد اليهود القدامى المقيمين فى مصر، وخلال اللقاء، أجرى اتصالا هاتفيا مع شخص من إسرائيل، حيث تحدثا معا عن تجربتهما فى السجن، وأشارا إلى أن علاقتهما مع الإخوان كانت ممتازة، وذكر أحدهما، وهو الدكتور موسى مرزوق، الذى كان طبيبا من أعضاء شبكة لافون، وكان يعالج مهدى عاكف أثناء تعرضه للتعذيب فى السجن، وخلال اللقاء اتصل حافظ الميرازى بمهدى عاكف هاتفيا، والذى عبر خلال المكالمة عن العلاقة الجيدة مع اليهود فى مصر قائلا: «لطالما كانت علاقتنا جيدة مع اليهود، فقد كان معنا فى السجن أمبير سابو، مالك محال الألعاب الرياضية فى حارة اليهود، وكان أحد المتهمين فى شبكة لافون، فكنت أقوم بشراء الأدوات منه وكنا أصدقاء فى السجن».
المشروع القومى هو مشروع دولة لا يمكن أن يتحقق من خلال جهود فردية، هذه الندوة والمجهودات الكبيرة التى تبذل تمثل جزءا صغيرا من مشروع لم يكتمل بعد، ينبغى أن تعقد مثل هذه الندوات فى وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب والرياضة، والثقافة ، بالإضافة إلى المسرح والسينما ودور النشر، يجب أن يكون هذا المشروع وطنيا بامتياز.
جماعة الإخوان المسلمين تعمل على مشروع كبير يملأ الفراغ الموجود فى الساحة السياسية، أنا على يقين أن كل مؤسسة فى مصر وهيئة ومصلحة بها عنصر إخواني، هذا العنصر خامل الآن إلى توقيت محدد، فما هى طرق وكيفية المواجهة؟؟
د. أسامة رسلان:

المواجهة الحالية تعتبر تحديا كبيرا، حيث تدور حرب المعلومات والوعى فى المقام الأول، فإذا تمكنوا من تزييف الوعي، يمكنهم استحضار أى شيء، وهناك نماذج تدعم هذا الرأي.
نحتاج إلى مناقشة هذا الموضوع معا، مع الاستعانة بخبراء فى مجال الاتصال، لاستكشاف كيفية تعزيز وتطوير هذه المسارات، يأتى مسار المقاومة فى المقدمة، حيث يتطلب تعزيز الوعى وتحصينه لدى جميع أفراد المجتمع، كما أن الظروف الاقتصادية قد تدفع الأفراد إلى الشعور بالألم، ما يجعلهم يميلون إلى صفوف الرافضين والمقاومين، بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع الوطني، الذى يمثل مشروع دولة، لا يمكن أن يتحقق دون تضافر جهود جميع مكوناتها، بعض الأسماء والمثقفين الكبار يتساءلون عن دور الأزهر والأوقاف، لذا، يجب أن ندرك أن هناك مشروعات لا يمكن إنجازها إلا بوجود الدولة بكافة عناصرها.
كما نحتاج إلى فهم أعمق لمفهوم مراكز الدراسات، ويؤسفنى أن أقول بصراحة إننا نعانى من نقص حاد فى الكوادر العلمية القادرة على إنتاج أبحاث علمية ذات جودة، جزء من الحل يكمن فى دراسة التاريخ، وفهم الحاضر، واستشراف المستقبل، مما يتطلب إتقان علم المستقبليات، جميع هذه العناصر تشكل مصادر مهمة للمقاومة، علاوة على أن التعليم والخطاب الدينى يلعبان دورا حيويا فى هذا السياق، بالإضافة إلى أهمية الخطاب الوطنى الذى لا يخشى من الثنائيات النقدية التى زرعتها جماعة الإخوان وغيرهم فى عقولنا.
** توصيات الندوة
- ضرورة وجود مشروع قومى لتعزيز العقيدة الوطنية فى مواجهة التطرف.
- يجب استحضار قيم الحضارة التى سعت نحو الاستقلالية فى عام 1919 وأعيد إحياؤها فى 2013.
- من المهم الانتباه إلى التغيرات الديمجرافية العالمية وضرورة وجود حضور قوى وحقيقى لتقديم نموذج مصرى يساهم فى فهم صحيح للدين.
- يجب تعزيز حصون الوعى من خلال استراتيجية قومية تشارك فيها الدولة بجميع مؤسساتها ومجتمعها المدني.
- كما ينبغى العمل على وضع استراتيجية لتفكيك نموذج الدولة منزوعة السيادة حتى لا ينخدع البعض به.
- وأخيرا، يجب وضع استراتيجية مقاومة فعالة فى مواجهة هذه التحديات.