فى ذكرى رحيلها الخمسين
«أم كلثوم»..أيقونة وطنية خالدة

أحمد رزق
الثالث من فبراير عام 1975 اليوم الحزين فى حياة المصريين وأبناء الوطن العربى، لقد رحلت أم كلثوم عن دنيانا بعد 4 أيام من الصراع مع المرض، لتخرج مانشيتات الصحف بالإعلان عن رحيل «قيثارة الشرق»، وخروج ما لا يقل عن مليون مصرى لوداعها فى مشهد مهيب، ورغم مرور خمسين عامًا على الرحيل إلا أن سحر صوتها مازال يسيطر على الحياة الغنائية عابرًا للزمان والمكان.

احتفت مصر بذكرى رحيلها فأقامت وزارة الثقافة احتفالية ضخمة لهذه المناسبة والتى كانت ممرًا لتواصل الأجيال مع «صوت مصر» مع عرض لأهم مراحل حياتها ووثائق خطية وصور نادرة لها.
على رأس مراحل حياتها وأهمها كان النضال الوطنى لأم كلثوم ومعبرًا عن ثورة مصر ونضالها أمام القوى الاستعمارية الكبرى، وكشفت تلك المرحلة عن وجه آخر لسيدة الغناء العربى تجاه وطنها وساهمت فيه بفنها فى دعم الروح الوطنية ودعم المجهود الحربى، قدمت أم كلثوم أغنيات تحمل طابعًا وطنيًا مثل «نشيد الجيش المصرى» وتضامنت مع القضية الفلسطينية وساهمت فى جمع التبرعات خلال حفلاتها لدعم المقاومة وجهودها الإنسانية الموجهة لمساعدة الفلسطينيين المتضررين من النكبة وقدمت أغنية «فلسطين» والتى عكست الحزن العام على ما حدث لهم فى تلك الفترة.
فى عام 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر قدمت أغنية «والله زمان يا سلاحى» والتى كانت عنوانًا لروح المقاومة المصرية فى تلك المرحلة الصعبة من تاريخ الوطن، ومواكبة لروح الصمود الشعبى والعسكرى.
بعد نكسة 1967 أسهمت أم كلثوم فى دعم المجهود الحربى فنظمت عدة حفلات داخل مصر وخارجها لإعادة بناء الجيش المصرى، فزارت فرنسا ووقفت على أشهر مسارحها «الأوليمبيا» لجمهور أدرك عمق رسالتها، ثم ذهبت إلى ليبيا وتونس والمغرب حاملة معها آمال المصريين، وفى الكويت أحيت عدة حفلات بأغانيها الوطنية عادت حصيلتها بالكامل لدعم المعركة - أثناء حروب الاستنزاف - كانت تنتقل بين القاهرة والإسكندرية ومدن القناة تزرع الأمل فى النفوس.
واصلت أم كلثوم رسالتها الوطنية، ففى سبتمبر 1970 توجهت إلى الاتحاد السوفيتى فى زيارة ذات طابع بالغ الأهمية فى ظل علاقة استراتيجية وثيقة بين مصر والاتحاد السوفيتى وكان فى استقبالها كبار المسئولين وغطت وسائل الإعلام الحدث باهتمام بالغ وكان السفير المصرى هناك المنظم الأبرز للحدث حيث أقيمت 4 حفلات عادت حصيلتها للجيش.

كان الهدف لأم كلثوم دائمًا مساندة الجيش والدولة من خلال الصوت والكلمة وتعدت ذلك من خلال التبرع بكامل عائدات حفلاتها لصالح الدولة، فمجمل ما جمعته خلال تلك السنوات تجاوز 3 ملايين جنيه بجانب هدايا ذهبية ومجوهرات ذهبت جميعها لمؤسسات الدولة ودعم الجيش فى مشهد فريد جمع بين الفن والوطنية.
هذه «أم كلثوم» درة الغناء العربى التى كانت ولاتزال أيقونة وطنية خالصة خالدة فى نفوس وقلوب المصريين والعرب.