الأحد 14 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء: الاحتلال يسعى لطمس ملامح القضية الفلسطينية بتزييف الحقائق

تزوير الحقائق «لعبة» الصهاينة المفضلة

 منذ بداياته اعتمد المشروع الصهيونى على استخدام الإعلام كأداة محورية لتنفيذ أهدافه التوسعية فى المنطقة، إذ يرى خبراء فى العلاقات الدولية والإعلام، أن إسرائيل أتقنت توظيف التضليل الإعلامى وتزييف الحقائق لإضعاف خصومها، وتبرير سياساتها العدوانية، خاصة فى ظل التطورات الأخيرة المرتبطة بالقضية الفلسطينية.



الدكتور عبدالعظيم الشيمى، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، يؤكد أن جزءًا أساسيًا من المشروع الصهيونى يقوم على توظيف الإعلام كأداة لتحقيق أهدافه الكبرى فى منطقة الشرق الأوسط، موضحًا أن تل أبيب اعتمدت، منذ نشأتها، على استراتيجية التضليل الإعلامى وتغيير الحقائق، سواء تجاه الأطراف العربية عمومًا أو فى المرحلة الراهنة المرتبطة بالقضية الفلسطينية.

«الشيمى»، يشير إلى أن هذه الاستراتيجية تتجلى بوضوح فيما سماه «مرحلة التجويع وجرائم الحرب» ضد الشعب الفلسطينى، لا سيما فى قطاع غزة، إلى جانب الاجتياحات المستمرة فى الضفة الغربية، مضيفًا أن أى طرف يعارض هذا المخطط الصهيونى يتعرض لحملات واسعة من الأكاذيب والتضليل الإعلامى، خاصة أن استهداف مصر عبر هذه الأدوات ليس بالأمر الجديد، بل استخدمته إسرائيل مرارًا منذ بدايات الصراع العربى - الإسرائيلى.

أستاذ العلاقات الدولية يوضح، أن التضليل الإعلامى ازداد حدة بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث سعت إسرائيل، بدعم غربى وأمريكى، إلى تصوير ما جرى باعتباره «أكبر عملية إرهابية ومجزرة» ارتكبتها المقاومة الفلسطينية ضدها، مبررة بذلك ردها العسكرى العنيف تحت ذريعة «محاربة الإرهاب»، موضحًا أن الموقف المصرى الرافض لخطط التهجير يجعل القاهرة هدفًا رئيسيًا لحملات دعائية مضللة، فى ظل إصرار إسرائيل على المضى قدمًا فى مشروعها، مستندة إلى دعم أمريكى واضح، ضمن سيناريوهات تهدف إلى استمرار سياسة الإبادة فى غزة وحرب التجويع لإضعاف الشعب الفلسطينى والتخلص من جزء كبير منه.

وحول تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشأن «فتح المجال أمام الفلسطينيين لمغادرة القطاع»، يرى أنها ليست سوى غطاء لمخطط تهجير منظم، مضيفًا أن بعض المسئولين الإسرائيليين يلمحون إلى إمكانية أن تكون مصر ممرًا للفلسطينيين، كما كانت فى أزمات سابقة تخص لاجئين من دول مثل السودان وليبيا.

فيما يؤكد السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بمسئولية إسرائيل عن التحكم فى فتح وإغلاق معبر رفح، يثير تساؤلات حول مصداقيته، مستطردًا: «من الذى يصدقه الآن أو يصدق نواياه؟»، لافتًا إلى أن نتنياهو مطلوب أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ولا يستطيع مغادرة بلاده خشية توقيفه لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقه.

«بيومى»، يوضح أن الدبلوماسية المصرية تخوض معركة قوية فى الأمم المتحدة دفاعًا عن القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الجمعية العامة صوتت بأغلبية 154 دولة لوقف إطلاق النار، وهو ما يعد نجاحًا كبيرًا للدبلوماسية المصرية والعربية، لاسيما أن معظم هذه الدول أقرت بحق إقامة دولة فلسطينية على الأراضى الفلسطينية.

مساعد وزير الخارجية الأسبق، يشدد على أن الموقف الإقليمى شهد خطوات مهمة، حيث قام الاتحاد الإفريقى بطرد السفير الإسرائيلى ومنعه من حضور جلساته كمراقب، فى حين تمت دعوة السفير الفلسطينى لحضور الجلسات بصفة مراقب، غير أن التحدى الأكبر ـ بحسب بيومى  يبقى فى كيفية إلزام إسرائيل بوقف عدوانها، خصوصاً أن مجلس الأمن صوّت 14 عضوًا من أصل 15 لصالح وقف القتال، فى حين عارضت ذلك دولة كبرى وعرقلت صدور القرار.

«بيومى»، يشدد على أن نتنياهو يبقى مطلوباً للعدالة الدولية، سواء بموجب أحكام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أنه مهدد بالاعتقال إذا غادر إسرائيل إلى أى دولة تعترف باختصاص تلك المحاكم.

وفيما يتعلق بالموقف المصرى، يشير بيومى إلى أن القاهرة متمسكة بالحل السلمى، وتحرص على تجنب الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، باعتبارها قوة لا يمكن مجابهتها عسكرياً، مضيفاً أن مصر ستواصل الاعتماد على الدبلوماسية بجميع أشكالها.

 مساعد وزير الخارجية الأسبق يشيد بالنهج المصرى فى التعامل مع الأزمة، قائلاً: «أنا معجب بالسياسة الهادئة والدبلوماسية المصرية، وأثمّن الجهود التى يبذلها الرئيس السيسى عبر اتصالاته المكثفة، إلى جانب الدور المهم الذى تقوم به وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية المصرية فى الخارج».

طارق الوسيمى، مساعد وزير الخارجية السابق، يرى أن الأكاذيب التى يروجها بنيامين نتنياهو حول معبر رفح ليست إلا محاولة يائسة لخلط الأوراق وتزييف الحقائق التى باتت واضحة أمام العالم كله، فالاحتلال هو من يغلق المعبر فى وجه المساعدات الإنسانية، بينما يسعى لفتحه لا من أجل إنقاذ الفلسطينيين، بل كمدخل لتمرير مخطط شيطانى يهدف إلى تهجيرهم قسرًا من أرضهم، بما يتسق مع المشروع الصهيونى القديم – الجديد لتصفية القضية الفلسطينية.

«الدعاية الصهيونية اعتادت قلب الحقائق وتزييف التاريخ منذ لحظة قيام الكيان واستخدام شعارات مضللة استخدمت لتبرير الاحتلال والتوسع، واليوم تستخدم لإلصاق تهمة إغلاق المعابر بمصر غير أن الحقيقة التى لا تقبل الجدل أن مصر ظلت خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، تتحمل أعباء إنسانية وسياسية ضخمة فى سبيل دعم الشعب الفلسطينى وصون حقوقه»، وذلك على حد وصفه.

«الوسيمي» يقول: إن الأمن القومى المصرى لا يتوقف عند حدودها، بل يتسع ليشمل جوهر الأمن القومى العربى و تهجير الفلسطينيين يعنى إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس دينية وطائفية هشة، الأمر الذى يفتح الباب أمام فوضى وصراعات تخدم فقط المشروع الصهيونى وحلفاءه.

الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، يكشف عن تاريخ طويل من الأكاذيب والافتراءات الإسرائيلية التى استهدفت مصر عبر العقود، والتصريحات الأخيرة لنتنياهو حول معبر رفح، فى تقديره، تأتى ضمن استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تشويه صورة مصر ومحاولة إجبارها على التخلى عن مواقفها المبدئية الداعمة للحقوق الفلسطينية.

«الكذبة الكبرى التى يروجها نتنياهو حاليًا تتمثل فى اتهام مصر بإغلاق معبر رفح فى وجه المساعدات، بينما الحقيقة أن إسرائيل هى من تسيطر على المعبر منذ مايو الماضى وتمنع دخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين وهذا النفاق الإسرائيلى، يكشف عن مدى انحطاط الخطاب السياسى الصهيونى وانكشاف زيفه أمام المجتمع الدولى»، وفقًا لتأكيده، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقى من هذه الأكاذيب هو الضغط على مصر لقبول فتح المعبر لأغراض التهجير القسرى، وليس من أجل إدخال المساعدات، وإسرائيل، تسعى لتحويل المعبر من منفذ إنسانى إلى بوابة للتطهير العرقى تحت غطاء مزيف من الادعاءات الإنسانية.

فى سياق استدعاء التاريخ، يتوقف أستاذ القانون الدولى عند نماذج متعددة من الأكاذيب الإسرائيلية ضد مصر من بينها ادعاءات ديفيد بن جوريون بأن مصر تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل لتبرير العدوان الثلاثى عام 1956، وكذلك الأكاذيب التى أطلقها موشى دايان حول «الهجوم المصرى المزعوم» لتبرير عدوان 1967 والاستيلاء على سيناء، مشيرًا إلى أن إسرائيل لجأت إلى نفس النهج التضليلى خلال انتفاضة الأقصى، حينما اتهمت مصر بدعم الإرهاب بينما كانت القاهرة تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة لوقف العنف وتحقيق السلام بل إن الكيان الصهيونى اتهم مصر آنذاك بإغلاق المعبر ومنع إدخال المساعدات، رغم أن الواقع كان عكس ذلك تمامًا، وكل الهدف هو تبرير العدوان وكسب التأييد الدولى للسياسات الإسرائيلية.

ويربط مهران هذه الأكاذيب المتكررة بالموقف المصرى التاريخى المشرف فى دعم القضية الفلسطينية منذ نكبة 1948، حيث فتحت مصر أبوابها للاجئين الفلسطينيين وقدمت تضحيات جسيمة فى حروب 1948 و1967 و1973 دفاعًا عن الحقوق العربية والفلسطينية، واصفًا الدم المصرى الذى سال فى سيناء وفلسطين، شاهدًا خالدًا على صدق الموقف المصرى. 

«مهران»، يشدد على أن صلابة الموقف المصرى الرافض للتهجير تحبط المخططات الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية، وتؤكد أن مصر ستبقى دائمًا الحارس الأمين للحقوق العربية والفلسطينية مهما كانت التحديات والضغوط.