
رشاد كامل
خطاب مفتوح للنحاس باشا بسبب روزاليوسف!
عاصر معركة روزاليوسف والوفد المحامى الشهير «محمود كامل» وقد كان محاميا لروزاليوسف فى قضية مهمة رفعها «إبراهيم المازنى» على روزاليوسف وكان يصدر مجلة شهرية بعنوان «الجامعة» فى أربعينيات القرن الماضى، وأصدر مذكراته فى كتاب «يوميات محام»، ويتذكر محمود كامل تلك المعركة التى عاصرها بقوله:
أشعر دائما كلما استمعت إليه خطيبا -النحاس باشا- أو قرأت له متحدثا أو تابعت أخباره زعيما أننى أمام أستاذ من أساتذتى المحامين، خطرت لى هذه الخواطر وأنا أتابع المعركة العنيفة الدائرة منذ بضعة أسابيع بين جريدتين يوميتين مؤيدتين للوفد هما جريدتا «الجهاد» و«روزاليوسف»، إحداهما تدعم الوفد فى موقفه من تأييد الوزارة الحالية برئاسة «محمد توفيق نسيم باشا» والأخرى تعارض ذلك معارضة عنيفة!
وكانت روزاليوسف قد عهدت برئاسة تحريرها إلى الدكتور «محمود عزمى» المحامى الذى شجعنى منذ عهد الدراسة فى كلية الحقوق عندما كان سكرتيرا لتحرير جريدة «السياسة».
ولم أكد أطلع على قرار الوفد المصرى بإنكار صلته بجريدة روزاليوسف وببراءته مما تنشره وهو ما معناه طبقا لما نعرفه من حساسيات اتجاهات السوق الصحفية طعنة فى صميم التوزيع حتى وجهت خطابا مفتوحا من محمود كامل المحامى إلى دولة مصطفى النحاس باشا المحامى ركزت فيه على أننى أوقن بأن ضمير القاضى يستيقظ فى صدركم عند معالجة المسائل العامة والتصرف فيها.. إنكم تعملون دائما بوحى هذا الضمير.
ولقد دفعنى إلى كتابة هذه الرسالة إليكم تلك المعركة الحامية العنيفة التى نشبت بين جريدتين مصريتين من جرائد الحزب الذى يتشرف برئاستكم إذ اختلفتا على وجهة النظر فى تأييد الوزارة القائمة، وتطايرت شظايا المعركة إلى حد رأيتم معه أن تصدروا قرارا ينكر صلة إحدى الجريدتين بكم. ولقد ترتب على هذا القرار أنه بدأت هذه الجريدة «روزاليوسف» - تهاجمكم علنا بعد أن كانت من ألسنتكم القاطعة المعبرة عن آرائكم والمستميتة فى الدفاع عنكم وليس لى أن أتعرض للقرار الذى أصدرتموه، ولكننى أريد فقط أن أذكركم بأن الجريدتين اللتين تعاركتا بسبب موقف الوزارة الحالية من الإنجليز يشترك فى تحريرهما نفر من الصحفيين المصريين البارزين «أوذوا» واحدا بعد آخر بسبب الدفاع عن قضية مصر، فرئيس تحرير الجريدة التى قررتم التبرؤ منها وهو الدكتور «محمود عزمى» قبض عليه فى فجر الحركة الوطنية، وقُدم إلى المحاكمة بسبب الدفاع عن نص من نصوص الدستور.
وزميله فى التحرير هو الأستاذ «عباس محمود العقاد» سخر قلمه منذ فجر الحركة الوطنية للدفاع عن الوفد، وتنقل بين عدة صحف كلها كانت تدافع عن الوفد وتنطق بلسانه وقد اعتقل هو الآخر عدة مرات فى سبيل الحركة الوطنية وقدم إلى محكمة الجنايات بسبب تطرفه فى الدفاع عن الوفد، وقضى فى السجن مدة زادته مرضا.
إننى لا أجرؤ على أن أذكر دولتكم بأن واجب القاضى الأول فى كل خصومه هو محاولة إتمام الصلح بين المتخاصمين ومصر فى هذا الظرف الذى تجتازه فى حاجة إلى جو هادئ يعين كتابها وصحفييها -كبارهم وصغارهم- على التفكير فى شأنها هى لا فى الدفاع عن أنفسهم إزاء اتهامات توجه إليهم.
ولقد كان فى إمكانهم توفير ذلك الجو وكل ما أرجوه أن يكون ذلك فى إمكانكم الآن، ولم يطلب منى أحد أن أدافع عنه ولست أدرى ما هو أثر رسالة كهذه يوجهها محام لم تكد تنقضى على اشتغاله بالمهنة ثمانية أعوام فى نفس محام وقاض وزعيم بدأ حياته القضائية قبل أن أولد بستة أعوام ولكننى أشعر براحة وطمأنينة.
وللذكريات بقية!