
رشاد كامل
هجوم كاسح للعقاد ضد النحاس باشا!
لم ينتظر الأستاذ «عباس محمود العقاد» كاتب جريدة روزاليوسف الأول ونجمها وبطلها عند القراء، وبعد مرور 48 ساعة على قرار الوفد بفصل روزاليوسف وأنها لم تعد تعبر عنه.. واصل العقاد هجومه الكاسح وكتب يوم 30 سبتمبر سنة 1935 مقاله الشهير الذى بدأه بالهجوم الكاسح على مكرم عبيد سكرتير الوفد ثم النحاس باشا يقول فيه:
«يراد منا أن نخدع الأمة بقرب عودة الدستور ونحن على يقين جازم - كما قلنا من اللحظة الأولى - أن الأمر غير جد وأن الدستور غير عائد فى ذلك الحين، يراد منا أن نهلل للتبليغ البريطانى كما فعلت الصحافة «المكرمية» - نسبة إلى مكرم عبيد - لولا أن أدركناها بالبيان الصحيح.
والتبليغ البريطانى مع ذلك «حماية» من أشنع أنواع الحمايات، لأنه لم يفرض علينا الحماية العسكرية فحسب، بل يضيف إليها حماية الأمة القاصرة التى لا تفقه معنى التطورات الدولية إلا أن يرشدها إليها الوصى، كما يرشد الآباء أطفالهم الصغار.
يراد منا أن نقول إن الوزارة «النسيمية» - وزارة نسيم مقدمة على الدستور كأننا لم نقل للناس قبل سنوات قليلة: اذبحوا أنفسكم فى شوارع العاصمة من أجل هذا الدستور! يراد منا أن ندعو إلى القذف بالأرواح والمال إلى النار ولا ننتظر من الإنجليز اعترافًا لنا بحق الأحرار فى الدفاع.
يراد منا هذا وأمثاله ويراد منا هذا وأمثاله ويراد منا مع هذا وأمثاله أن لا ننسى أبدا أننا آلات فى يدى مكرم عبيد.. وأبواق له تحوطه بالدعاية وتحالفه على الخصوم وتتوخى مواقع هواه قبل أن يجهر بها لأن الدساسين لا يجهرون!
وفى كلمات حازمة وحاسمة وقاطعة يقول العقاد: برئت من الوفدية ألف مرة إن كانت هذه هى الوفدية!
ما علمناها حين أيدناها إلا حرية وكرامة فكيف نفقد حريتنا وكرامتنا لأننا نطلب الحرية والكرامة للناس أجمعين.
ما علمناها حين أيدناها إلا الأمة كاملة لا الأمة منصرفة سائمة كما شاءت سياسة «مكرم» و«النحاس» فكيف تتعطل وظيفة النقد فى أمة كاملة، من أجل وزارة لم ترفض قط للإنجليز مطلبًا ولم تحقق قط أملًا للمصريين.
وإنى لآسف أن يصير «النحاس باشا» بالوفد إلى هذا المصير، وأن ينعكس المقصود من ثقة الأمة على يديه فيصبح قصارى نفعه أن يتقرب بضمائر الأنصار على مذابح الخصوم، ولكن على أسفى هذا أحمد الله أن قيض لى الحرية كاملة، وساق «النحاس باشا» نفسه إلى إطلاق قلمى فيما يعقب به على الأعمال والآراء والهيئات والتبعات!
لا فرق بين «النحاس باشا» و«نسيم باشا» وسائر المسئولين عن سياسة البلاد، ويزيدنى حمدًا أننى حين انفصل الرأى بينى وبين «النحاس باشا» وجماعته كنت أنا فى مكانى وكان هو الذى تحول عن مكانه واستقبل حياة الدعة والرخاء وحصر القضية كلها فى التسبيح للوزارة المعبودة عسى أن تسّبح هى للإنجليز، عسى أن ترق لنا بدستور ممسوخ أو حكومة دستورية يعصفون بها فى لمحة عين.
وما كان انتظار الرحمة على هذا المنوال بالبرنامج الخطير الذى يفتقر إلى زعامة ومشاورة وخطط ظاهرة وخطط خفية فيما به يلغطون! ولكنه برنامج قانع وادع سقيم ندركه ونحن نائمون!
فإذا كان لابد من انفصال الرأى بينى وبين هذه السياسة الخاشعة الخانعة، ففى هذا المفترق الكريم فلننفصل على بركة الله والحمد لله على ذلك والحمد لله.
وتعترف السيدة روزاليوسف بأنها فشلت فى إيقاف غضب العقاد الجارف وإصراره على أن يُمعن فى مهاجمة النحاس ومكرم هجومًا جارحًا إلى أقصى الحدود.
وللذكريات والمعركة بقية!