من الإصلاح إلى التمكين
مصر ترسم مستقبلها الاقتصادى بخطة وطنية شاملة
ناهد إمام
فى أعقاب إعلان الحكومة المصرية عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، تسلط “روزاليوسف” الضوء على هذا المشروع الوطنى الطموح من خلال حوار مجتمعى شامل يجمع نخبة من الخبراء والمتخصصين فى مختلف المجالات، فى إطار مساعى الدولة إلى تعزيز الشفافية وتكامل الرؤى الوطنية، وتفعيل المشاركة المجتمعية فى صياغة مستقبل اقتصادى مستدام لمصر.
تُعد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التى جاءت تحت شعار «السياسات الداعمة للنمو والتشغيل»، بمثابة خارطة طريق متكاملة للعمل الاستثمارى والتجارى خلال المرحلة المقبلة، وإطار شامل يهدف إلى تحقيق التكامل والتناسق بين برنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2030، فى ظل المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية المتسارعة، بما يضمن استمرار مسار الإصلاح الاقتصادى المصرى.
وتركز السردية بصورة أكبر على القطاع الاستثمارى والقطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على النفاذ إلى الأسواق التصديرية، معتمدة على ما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تشكل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار. كما تهدف إلى إعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد بما يسهم فى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى وتحفيز مشاركة القطاع الخاص بفعالية فى دفع عجلة النمو.
مصر كمقصد استثمارى إقليمى ودولى
أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، الذى شارك فى إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، أن استراتيجية الاستثمار الأجنبى المباشر (2025–2030) تأتى ضمن جهود الدولة الرامية إلى إرساء حوكمة اقتصادية شاملة، تحقق التكامل بين السياسات القطاعية والإطار المؤسسى والتشريعى المنظم للاستثمار.
وأوضح الوزير أن هذه الاستراتيجية تمثل خريطة طريق وطنية تهدف إلى تمكين مصر من الاستفادة الفعالة من الفرص الاستثمارية الناشئة فى ظل التحولات العالمية السريعة.
وأشار الخطيب إلى أن الاستراتيجية تركز على تعزيز مكانة مصر كمقصد استثمارى إقليمى ودولى من خلال توسيع قاعدة المستثمرين وتنويع مصادر الاستثمار، وجذب استثمارات عالية الجودة موجهة إلى القطاعات ذات الأولوية والقيمة المضافة العالية، بما يسهم فى تحقيق نمو اقتصادى مستدام وتوفير فرص عمل لائقة، فضلًا عن تعزيز التنوع الاقتصادى والتحول نحو اقتصاد المعرفة.
كما تشمل الاستراتيجية دعم الاستثمارات الخضراء والتصديرية، وتعزيز تكامل مصر فى سلاسل القيمة العالمية، مع تعظيم الأثر المحلى للاستثمار عبر التوسع وإعادة ضخ رؤوس الأموال فى الأنشطة القائمة.
وأضاف الوزير أن إعداد هذه الاستراتيجية تم بالتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى ومجموعة البنك الدولى، وبمشاركة فعالة من الوزارات المعنية والقطاع الخاص، بما يضمن توافقها مع أولويات الاقتصاد الوطنى وتحقيق مستهدفاته الكمية والنوعية.
أولويات الاستثمار
تتضمن الاستراتيجية تحديد أولويات جذب الاستثمارات فى 13 قطاعًا اقتصاديًا، منها 8 قطاعات جاهزة للترويج الفورى، و5 قطاعات طموحة تتطلب استكمال مجموعة من الإصلاحات والسياسات التمكينية قبل إطلاقها.
ومن المقرر أن تشهد المرحلة المقبلة وضع خطة تنفيذية تفصيلية وآليات متابعة دقيقة لضمان تحويل أهداف الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، بما يعزز من قدرة مصر على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحقيق التنمية المستدامة.
وفى هذا الإطار، تعمل الوزارة على تبنى سياسات واضحة وشفافة ومحفزة للاستثمار، تستهدف تخفيف الأعباء المالية غير الضريبية والإجرائية عن المستثمرين، مع منح القطاع الخاص الدور المحورى والرئيسى فى قيادة الاقتصاد الوطنى.
منصة موحدة للتراخيص
وفى خطوة نوعية لتسهيل الإجراءات الاستثمارية، تم إطلاق منصة شاملة لتراخيص الاستثمار تربط بين 41 جهة حكومية مصدرة للتراخيص، وتضم 39 دليل ترخيص و389 خدمة إلكترونية، مع تفعيل السداد الإلكترونى لـ250 خدمة.
وتهدف المنصة إلى تمكين المستثمر من إنهاء جميع إجراءاته من خلال نقطة موحدة دون الحاجة للتعامل المباشر مع كل جهة على حدة، وهو ما يمثل نقلة نوعية فى مناخ الاستثمار من حيث الكفاءة والشفافية وسرعة الأداء.
سياسات تجارية منفتحة على العالم
كما اعتمدت الوزارة سياسات تجارية منفتحة على العالم تساهم فى زيادة الصادرات والحد من العجز فى الميزان التجارى، من خلال تشجيع الاستثمارات الوطنية فى مجالات الإنتاج والتصدير، وتقديم الخدمات الداعمة للمصدرين، والعمل على زيادة حصة الشركات الاستثمارية المحلية فى حجم الصادرات العالمية.
تقرير جاهزية الأعمال
وفى إطار استعدادات مصر للانضمام إلى تقرير جاهزية الأعمال (Business Ready)، قامت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية بتحليل منهجية التقرير وترجمة الاستبيانات إلى 1945 سؤالًا، تم توزيعها على مجموعات عمل متخصصة من الجهات المعنية بموضوعات التقرير العشرة.
وأوضح الوزير أنه تم عقد ثلاثة اجتماعات للجنة الوطنية والأمانة الفنية، إضافة إلى ثلاث جولات من الاجتماعات الفنية لمجموعات العمل المتخصصة بمشاركة الجهات الحكومية وخبراء القطاع الخاص.
وتم الانتهاء من إعداد نموذج مرجعى للإجابات الخاصة بالاستبيانات وتجميع المستندات الداعمة وصياغة المسودة الأولية لمصفوفة الإصلاحات المقترحة، التى تمت مناقشتها ومراجعتها مع الجهات المعنية.
وأشار إلى أنه سيتم فتح حوار تشاركى مع مجتمع الأعمال لمناقشة الإصلاحات المقترحة فى كل محور من محاور التقرير العشرة، على أن تُرفع بعد ذلك إلى مجلس الوزراء لإقرارها وبدء تنفيذها.
وثيقة سياسة التجارة
تستهدف الدولة من خلال وثيقة سياسة التجارة اعتماد سياسة تجارية منفتحة ومرنة تدعم التنافسية وتعظم الصادرات ذات القيمة المضافة، مع العمل على خفض عجز الميزان التجارى عبر الربط الوثيق بين الاستثمار والتجارة.
وتهدف الوثيقة إلى تعزيز دور مصر كمحور إقليمى ودولى للتجارة، وحماية المنتج المحلى بأدوات المعالجات التجارية وفقًا للمعايير الدولية، وفتح أسواق جديدة من خلال اتفاقيات تجارية متوازنة، بما يعزز قدرة الاقتصاد المصرى التنافسية على المستوى العالمى.
صادرات مستهدفة بحلول 2030
وجاء مقترح وثيقة السياسة التجارية لمصر متكاملًا مع رؤية الدولة المصرية، ليسهم فى دعم مستهدفات رؤية مصر 2030، ويُعد أداة فاعلة لتفعيل الإصلاح الاقتصادى وتحقيق الربط بين الاستثمار والتجارة فى إطار واحد.
وتستهدف الوثيقة الوصول بحجم الصادرات المصرية إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتعظيم الاستفادة من الفرص العالمية، إلى جانب مواكبة تطورات الاقتصاد الدولى وتعزيز موقع مصر فى سلاسل القيمة العالمية، وترسيخ دورها كمركز إقليمى للتجارة.. كما تسهم الوثيقة فى تحقيق التنسيق المؤسسى وتعظيم العائد من الاتفاقيات التجارية وربطها بالاستثمار من خلال إطار مؤسسى يضمن الحوكمة والتكامل.
وفى هذا السياق، قال المهندس على زين، عضو مجلس إدارة الصناع المصريين والمجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تتضمن خطة الدولة للتحول نحو القطاعات الأعلى إنتاجية بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص، من أجل زيادة الصادرات والاستفادة من التطورات العالمية لفتح أسواق جديدة، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى عبر سياسات مالية ونقدية متوازنة وحوكمة الاستثمارات العامة.
وأشار إلى أن «السردية الوطنية» تتضمن أكثر من 100 إصلاح هيكلى تم تنفيذها أو يجرى العمل على تنفيذها بهدف تعزيز بيئة الأعمال وتحقيق الحياد التنافسى، بما يشجع نمو استثمارات القطاع الخاص ويعزز قدرة الاقتصاد المصرى على المنافسة والتصدير.






