الأحد 9 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المتحف الكبير.. بيت خبرة يوطن علم المصريات وفنون الترميم

مع الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير يتبادر للذهن سؤال مهم حول إذا ما كان هذا المتحف لعرض كنوز المصريين القدماء فقط؟، والإجابة تؤكد أنه بيت لكنوز القدماء وبيت خبرة لتوطين علم الترميم وعلم المصريات لكل المهتمين بعلوم مصر القديمة وآثارها.



فى البداية يقول الدكتور طارق سيد توفيق أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة ورئيس الرابطة الدولية لعلماء الآثار المصرية القديمة والمشرف العام الأسبق على مشروع المتحف، إنه بجانب كونه متحف القرن 21، سيكون دوره فى مرحلة ما بعد الافتتاح الرسمى بمثابة معهد لدراسة الآثار المصرية القديمة واليونانية الرومانية فى مصر، وكذلك مركزاً مرجعيا لترميم الآثار، خاصة أن المتحف لديه 15 ألف قطعة أو يزيد لم يتم عرضها من قبل، وتمثل مقوما مغريا جداً لعلماء الآثار من المصريين والأجانب، لدراسة هذه الآثار دراسة متأنية والبدء فى عمل المقارنات العلمية لما سبق وتوصل إليه علم الآثار المصرى القديم، لإضافة تفاصيل شيقة إلى الحضارة المصرية.

ويتابع: «هذا سيغير شكل مراجع علم الآثار فى العالم، إذ يضيف إليها زخما من القطع التى لا بد من إدخالها فى سياق الدراسات السابقة، بل سيغير ملامح بعض هذه الدراسات، ومن ناحية أخرى سيشجع ذلك على التعاون بين علماء الآثار المصريين والأجانب، لعمل مشاريع مشتركة سيستفيد منها المتحف أيضا فى أفكار جديدة ومبتكرة للمعارض المؤقتة، والتى سيتم عملها فى المتحف مستقبلاً».

وفيما يتعلق بترميم الآثار يقول: «قام رجال الترميم والصيانة فى المتحف المصرى الكبير على مدى 15 عاما منذ افتتاح مركز ترميم وصيانة الآثار عام 2010، تم خلال هذه الفترة ترميم وصيانة ما يقرب من 50 ألف قطعة، وأصبح العاملون بالترميم بالمركز لديهم خبرات غنية جدا فى مجال ترميم الآثار المتنوعة والمركبة، وبالتالى أصبح هذا المركز مركزا مرجعًا فيما يتعلق بترميم الآثار من مختلف المواد، وهناك فرصة متاحة لنقل هذه الخبرات على المستوى العالمي، باعتباره بيت خبرة عالمى تستفيد منه متاحف العالم فى عمليات الترميم وتدريب رجال الترميم لديهم».

ويستطرد أستاذ الآثار المصرية القديمة: «المتحف المصرى الكبير له شق تعليمى وأكاديمى كبير سيظهر بقوة فى المرحلة القادمة، وقد كان هناك بداية للتعاون الدولى فى مجال الترميم مع خبراء من اليابان، وذلك أثناء فترة الإعداد وبناء المتحف، وأسهم تبادل الخبرات فى النقل الآمن على وجه الخصوص لآثار الملك توت عنخ أمون، وذلك باستخدام الورق اليابانى المضاد للبكتيريا وشديد الليونة، وقد استخدم هذا الورق فى عمليات الترميم الاسترجاعية غير المتلفة للآثار، فتبادل الخبرت مهم جدا، كما أن مركز ترميم وصيانة الآثار بالمتحف لديه معامل لكل مواد الآثار، ويستطيع تقديم خبراته وفرص التدريب للمرمين من الخارج فى هذا الصرح العظيم.

واختتم حديثه بقوله: «من هنا المركز يساعد على التقدم فى تقنيات الترميم، وقد زودت مصر هذا المركز بكل الأجهزة الحديثة فى مجال الترميم والصيانة، وبه معامل لكل المواد العضوية أو غيرها أو مواد مركبة، فهذا المركز يمكن أن تقام به دورات تدريبية منظمة لخبراء الترميم من مختلف أنحاء العالم، وآخرها ورشة تدريبية تم تقديمها لمتدربين وخبراء من الخليج، وبالتالى هذا المتحف مجمع ثقافى حضارى سيضاف إليه جانب أكاديمى تدريب مهم سيستفيد منه العالم، كما يستفيد منه علماء الترميم والآثار والصيانة وعلم المتاحف فى مصر، ويمكن عمل دورات فى المتحف لهواة الآثار المصرية من جميع أنحاء العالم، وتم فيها تدريس اللغة المصرية القديمة وآثار وفن مصر القديمة، وتطبيق ذلك على القطع الموجودة فى المتحف، ليصبح المتحف مدرسة لهواة المصريات أسوة بالمدرسة فى متحف اللوفر بباريس».

من جانبه يوضح د.عيسى زيدان مدير عام الترميم ونقل الآثار فى المتحف المصرى الكبير، أن الصرح الثقافى العظيم منذ بداية إنشاء مركز الترميم، كان هدفهم أن يكون مركزاً عالمياً قادراً على خلق جيل جديد من العاملين المصريين، وكذلك الإخوة من الأشقاء العرب والأجانب، وبالفعل عقدت عدة دورات منها مع أشقاء من سلطنة عمان ودورة مع متدربين من السعودية، حيث تم تدريبهم على أعمال الترميم وحفظ القطع الأثرية والعرض والتسجيل والتوثيق.

ويشير إلى أن المركز مستمر فى رسالته، واستقبال القطع الأثرية من اكتشافات المجلس الأعلى للآثار وترميمها لتكون جاهزة للعرض بشكل يليق بعظمة الحضارة المصرية القديمة، حيث إن مركز الترميم يضم 126 مرمما وأثريا وفنياً تحملوا المسئولية منذ بداية العمل فى نقل الآثار وترميمها وعرضها، والأثريون مميزون تجدهم فى كل مكان بالمتحف، فى المخازن الأثرية والعرض المتحفى وقواعد البيانات والتسجيل والتوثيق، حيث تكاتف الجميع لإنجاز المتحف، بما فيهم أيضاً العمال والإداريون والأمن والفنيون والمهندسون، والذين شكلوا جميعاً منظومة عمل متكاملة، وقد أدت بنا إلى افتتاح المتحف فى مشهد رائع طالعناه جميعا.

أما الدكتور الطيب عباس مدير متحف الحضارة حالياً، ومساعد وزير السياحة والآثار لشئون المتحف المصرى الكبير، يقول: «لمتحف المصرى الكبير ليس مكانا لعرض الآثار فقط، وإنما تجسيد ما كنا نهدف إليه بأن يكون أكبر مركز علمى لدراسة علم الآثار والمصريات، وقد بدأنا هذا فعليا منذ افتتاح مركز الترميم فى عام 2010، ونتج عن ترميم القطع وصيانتها أننا نشرنا أكثر من 120 بحثا دوليا، والفترة المقبلة سنتناول مختلف النتائج التى توصلنا إليها بعد تعاملنا مع القطع الأثرية بالدراسة والتحليل والترميم».