الإثنين 29 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شيخ الأزهر يطالب البرلمان بتغـليظ عقوبة التحرش بالطفل

ظاهرة التحرش الجنسى بالأطفال من أبشع الجرائم التى ضربت بعض المجتمعات الأوروبية والعربية والإسلامية فى هذا العصر، هذه الظاهرة وإن كانت دخيلة علينا ولم نكن نسمع بها فى السنوات السابقة، أصبحت ناقوس خطر لكى يقف المجتمع صفًا واحدًا لمواجهة هذه الظاهرة الخسيسة.



من هذا المنطلق نفتح فى جريدة «روزاليوسف» هذا الملف الشائك لكى نضع الحلول من خلال الخبراء ورجال الدين الإسلامى والمسيحى للحفاظ على طهارة وعفة أطفالنا التى حرمت جميع الأديان الاعتداء عليها بأى شكل من الأشكال.

رصدت روزاليوسف مؤخرا أحد الفتاوى الشائكة والتى قدمت إلى دار الإفتاء المصرية فى حكم التحرش الجنسى وحملت الفتوى رقم : 3988 بخصوص رأى دار الإفتاء فى التحرش الجنسى بصفة عامة والتحرش بالاطفال بصفة خاصة.

دار الإفتاء المصرية 

الإجابة جاءت واضحة وصريحة بأن «التحرش الجنسى حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون، ولا تصدر إلا عن ذوى النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التى تَتَوجَّه همَّتها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانى، ولقد عظَّم الشرع الشريف من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الشديد فى الدنيا والآخرة، كما أوجب على أولى الأمر أن يتصدوا لمظاهر هذه الانتهاكات المُشينة بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه التلطخَ بعاره. خاصة أن المحافظة على كرامة الإنسان ومنهم الأطفال من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية يدخل فى ذلك الطفل والمرأة وجميع الأشخاص على حد سواء».

لجنة الفتوى بمجمع البحوث 

أما لجنة الفتوى الرئيسسة بمجمع البحوث الإسلامية فقالت فى إحدى فتاواها بخصوص قضية التحرش «إن الإسلام حرص على المحافظة على كرامة الإنسان وعرضه، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العليا التى جاءت الشريعة لتحقيقها، وهى حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وهى مقاصد جاءت للمحافظة عليها جميع الشرائع السماوية، ومن عظمة الشريعة أنها ارتفعت بها من رتبة الحقوق إلى رتبة الواجبات، فلم تكتف بجعلها حقوقًا للإنسان، بل أوجبت عليه اتخاذ وسائل الحفاظ عليها». 

أضافت اللجنة أن «الشرع الحنيف عظّم حرمة انتهاك الأعراض، وقبّح ذلك، ونفّر منه، وفى ذلك يقول النبى– صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوداع فى آخر عهده بالدنيا: اعْلَمُوا إنَّ دِمَاءَكُمْ وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا ، كما أن الإسلام شرع كل ما من شأنه المحافظة على الأعراض، ونشر الطهارة والعفة فى المجتمع، وأن ظهور بعض الظواهر الدخيلة على المجتمع خاصة ما نسمع به مؤخرًا من التحرش الجنسى بالأطفال فى المدارس يعد من قبيل الأمور الخطيرة التى يجب أن يشرع فيها القانون بإقامة أغلظ العقوبات على هؤلاء الذين انتزعت من قلبهم الرحمة بالأطفال، ولم يراعوا حقوق هؤلاء الصغار الأبرياء.

الأزهر الشريف 

 الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب فور انتشار قضية إحدى المدارس الخاصة وظهور حالات للتحرش بالأطفال الأبرياء، وجه صرخة من الأزهر إلى الهيئات التشريعيَّة بضرورة النَّظر فى تغليظ عقوبة التحرش بالأطفال إلى أقصى عقوبة تسهم فى القضاء على هذه الجريمة.

أكد الإمام الأكبر أنه تابع بقلقٍ بالغٍ وبحُزن أليم ما تداولته الأنباء خلال الفترة الأخيرة من حوادث التحرش بأطفالنا الأبرياء، وانتهاك حرماتهم، والمساس بشرف عائلاتهم، على أيدى عصابات مجرمة تجرَّدت من كل معانى الرحمة والإنسانية، وضربت عرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية.

 وشدد الأزهر على أنَّ هذا التحرش الخسيس الدنىء بالأطفال الأبرياء إنما هو جريمة منحطة حرَّمتها جميع الأديان والشرائع، وتقزز منها الذوق الآدمى والشعور الإنسانى منذ القدم وحتى اليوم، ثم هو أيضًا جريمة مكتملة الأركان، ليس فقط فى حق الضحايا من الأطفال وأُسرهم، بل فى حق المجتمع بأكمله، بسبب ما تشيعه من رعب وخوف فى مشاعر الأُسر والعائلات، والأذى الجسدى والنفسى الذى يلحق كل أفراد الأسرة، فضلًا عن كونها جريمة شنعاء تناقض الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة التى فطر الله الناس عليها من حب الأطفال والحنوِّ بهم، وحمايتهم وصون كرامتِهم. 

تغليظ العقوبة على المتحرش 

ويستصرخ الأزهر الشريف الهيئات التَّشريعية، مطالبًا بالنَّظر فى تغليظ عقوبة التحرش بالأطفال إلى أقصى عقوبة تسهم فى القضاء على هذه الجريمة، وبما يردَع هؤلاء المجرمين الذين ليس لهم مثيل حتى فى عالم الأحراش والوحوش، والوقوف بالمرصاد لمافيا عصابات التحرش بالأطفال، الذين يتخذون من الاعتداء على أطفالنا وقتل براءتهم متعةً قذرة، وتجارةً نجسة فى عالم الظلام والفوضى. 

ويُذكِّر الأزهر بضرورة التَّكاتف من أجل تقديم الدعم النفسى للأطفال الأبرياء الذين تعرَّضوا للتحرش، والعمل على تأهيلهم نفسيًّا واجتماعيًّا، ومساعدتهم على تجاوز تلك الصدمة العميقة التى لا يد لهم فيها، واستعادة شعورهم بالأمان والطُّمأنينة، والاستعانة فى ذلك بالمختصين من علم النفس والاجتماع وعلماء الأديان؛ لاستعادة ثقتهم بأنفسهم وبالمجتمع من حولهم. كما يطالب الأزهر الآباءَ والأمهات بمزيد من التيقُّظ لسلوك أبنائهم واحتوائهم، والتحدث معهم بشكل دوري، ورفع وعيهم بضرورة الإبلاغ عن أيِّ سلوكيات غريبة والإفصاح عنها دون خوف أو خجل، وتدخل الدولة بتشريعات حاسمة للمراقبة الصارمة للبيئة الرقمية التى يتعامل معها الأطفال؛ لحمايتهم من خطر الاستغلال الإلكتروني، ومن هذه التجارة التى تُحرمها المسئولية الإنسانية والدينية والمجتمعية، وليعلم الجميع أنَّ حماية أطفالنا ودعمهم نفسيًّا مسئولية مشتركة بين كل مؤسسات الدولة؛ أسرةً ومدرسةً وإعلامًا وقانونًا.

روشتة وزارة الأوقاف 

من جهتها قالت وزارة الأوقاف عبر منصتها الرسمية فيما يتعلق بقضية التحرش الأخيرة أنه يجب انتقاء المدارس، والحضانات، وأماكن اللعب التى تتبع معايير السلامة والرقابة الجيدة، والتأكد من وجود رقابة مناسبة على الأشخاص الذين يتعاملون مع الأطفال (المعلمين، المدربين، العاملين)، وتعليم الطفل كيفية التعامل الآمن مع الإنترنت ورفض طلبات الغرباء، وتعليم الأطفال مهارات الدفاع عن النفس، وتدريبهم على كيفية التصرف بحزم ورفض أية محاولات تحرش، وتعليم الأطفال الخروج من مثل هذه المواقف بسرعة لحين تدهل المسئولين فى المدرسة، إلى جانب وجود تمارين عملية لتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على المواجهة، وأهمية وجود دورات تدريبية للأهل والمربين حول علامات التحرش وكيفية التعرف عليها، وتوعية الأهل بعدم إلقاء اللوم على الطفل أو السكوت عن الحوادث الى جانب التدخل السريع عند الاشتباه أو التعرض للتحرش، والاستماع للطفل بهدوء وعدم التشكيك فى كلامه، وتقديم الدعم النفسى والطبى المناسب بشكل فورى إلى جانب إبلاغ الجهات المختصة (الشرطة، حماية الطفل، المؤسسات الاجتماعية) لاتخاذ الإجراءات القانونية إلى جانب تشجيع سياسات المدارس والمؤسسات على تفعيل سُبل الوقاية من خلال إقامة دورات توعية لحماية الأطفال من خطر التحرش. 

وقالت وزارة الأوقاف إن حماية الأطفال من التحرش تتطلب نهجًا متعدد الأوجه تشارك فيه الأسرة، والمجتمع، والمؤسسات التعليمية والتأكيد على أهمية التوعية المبكرة للأطفال حول أجسادهم وحقوقهم، وتعزيز التواصل المفتوح داخل الأسرة لبناء الثقة. وتسليط الضوء على ضرورة مراقبة البيئة المحيطة بالطفل، سواء فى الأماكن الفعلية أو الافتراضية، وتعليم الأطفال مهارات الدفاع عن النفس والدعوة إلى توعية الأهل والمربين بكيفية التعرف على علامات التحرش والتعامل معها، مع التأكيد على أهمية التدخل السريع عند الاشتباه أو وقوع الحالات، وتشجيع السياسات الوقائية الفعالة فى المدارس والمؤسسات لضمان بيئة آمنة وداعمة لنمو الأطفال.