الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كيف نحاصر ظاهـرة التــــحرش بالأطفال؟

لائحة انضباط وكاميرات مراقبة



خطوات حازمة من «التعليم» لتوفير بيئة آمنة للطلاب

إجراءات صارمة ومتعددة تتخذها وزارة التربية والتعليم للحفاظ على الانضباط داخل المدارس، وحماية الطلاب من جميع أشكال العنف والانتهاكات.

13 مليون طفل فى المرحلة الابتدائية يتلقون تعليمهم فى مدارس حكومية أو خاصة أو دولية، تسعى الوزارة لحمايتهم بكل السبل من أى محاولة عنف أو انتهاك قد تُمارس من جانب المعلمين أو الإداريين، أو حتى بين الطلاب وبعضهم البعض.

ففى المدارس الحكومية، اتخذت الوزارة إجراءات مكثفة خلال العامين الماضيين، لوقف كل أشكال العنف داخل المدرسة، بما فيه العنف الذى قد يوجه من أولياء الأمور إلى المعلمين.

 

وتطبق الوزارة هذه اللائحة بصفة مستمرة عن طريق الأخصائى الاجتماعى الموجود فى المدرسة.

أما بالنسبة للمدارس الخاصة، فتعتمد وزارة التربية والتعليم على كاميرات المراقبة كمعيار أساسى لحفظ الانضباط داخل المدرسة. 

وقد اتخذت قرارات مؤخرًا بزيادة عدد الكاميرات فى كل الأماكن التى قد يتواجد فيها الطلاب خلال اليوم المدرسى، وزيادة عدد المسئولين عن الكاميرات بحيث يتم مراقبة جميع الفصول والطرقات خلال اليوم المدرسى، منذ دخول الطلاب من باب المدرسة وحتى انتهاء اليوم الدراسى.

بيئة آمنة

وفى هذا السياق، يؤكد د.عاصم حجازى، أستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوى بجامعة القاهرة، أن أشكال العنف التى يمكن أن يتعرض لها الأطفال كثيرة ومتعددة الأشكال والمصادر، فبعضها قد يكون صادرًا من المعلمين، والبعض الآخر من العاملين فى المدرسة من غير المعلمين، وبعضها قد يكون من الطلاب ضد بعضهم البعض. 

وأيًا كان شكل العنف الذى يتعرض له الطفل أو مصدره، فإنه يحول المناخ المدرسى إلى مناخ غير آمن، وبالتالى يؤثر هذا المناخ تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على العملية التعليمية، يضاف إلى التأثيرات النفسية الخطيرة التى يتركها على شخصية الطفل. 

ويوضح «حجازى» أن فى كثير من الحالات التى تعرض فيها الأطفال لبعض أشكال الإساءة والعنف، تأخرت الأسرة فى اكتشاف المشكلة، وهذا يشير إلى أهمية وجود تواصل وحوار دائم مع الطفل ومراقبته باستمرار وملاحظة أى تغيرات سلوكية قد تطرأ عليها، لأنها قد تكون دلالة قوية على تعرضه لمشكلة، وذلك كانخفاض التحصيل مثلًا، أو الانطواء، أو العدوانية، أو العصبية والصراخ، أو إهماله فى اللبس وعدم اعتنائه بنفسه، أو شرود الذهن، أو الكآبة والحزن. 

ويتابع: عند ملاحظة الأسرة لأى تغير سلوكى غير مبرر، عليها أن تتواصل مباشرة مع المدرسة للوقوف على الأسباب، بالإضافة إلى احتواء الطالب وتشجيعه على الكلام.

يضيف أستاذ علم النفس: «توعية الطفل وإقامة حوار أسرى يتسم بالدفء والتحفيز والدعم هى الخطوة الأولى لحماية الطلاب. وتشمل التوعية تعريفه بأنواع التجاوزات المختلفة وكيفية التصرف إذا تعرض لها». مؤكدًا أن المدرسة عليها دور كبير فى حماية كل من بداخلها من معلمين وطلاب وجميع العاملين بها، ولا شىء أفضل من وجود قواعد حازمة للتعامل والسلوك، ووضع ما يلزم من الإجراءات لضمان الالتزام بها.

 وإلى جانب القواعد الحازمة، لا بد من العمل على خلق جو تعاونى ومناخ تسوده روح المودة والعلاقات الإنسانية البناءة داخل المدرسة. 

ويتابع: هنا ينبغى أن تلتفت المدرسة إلى أهمية وجود أنشطة مختلفة تستوعب جميع ميول واهتمامات الطلاب، بالإضافة إلى ضرورة وجود قنوات تواصل آمنة بين الطلاب وإدارة المدرسة، وتوفير أخصائيين نفسيين بأعداد كافية وتفعيل دورهم.

أما فيما يتعلق بلائحة الانضباط المدرسى، يوضح حجازى أنه ينبغى تطويرها بإضافة باب جديد لقانون التعليم يشمل العقوبات، ويتم تغليظها، بحيث يتضمن القانون عقوبات على الأسرة قد تصل إلى الحبس أو الغرامة حسب طبيعة المخالفة التى ارتكبها الابن، بالإضافة إلى عقوبات صارمة للطلاب تتضمن تحويلهم إلى التعليم المهنى حسب طبيعة المخالفة أيضًا، بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها حاليًا فى لائحة الانضباط المدرسى، لأنه من الواضح أن الأمر يحتاج إلى شىء أقوى من اللائحة، وهو القانون، مؤكدًا أن هناك ضرورة ملحة للتوسع فى استخدام الكاميرات وأنظمة المراقبة لضمان تحقيق أعلى درجات الانضباط المدرسى.

من جانبها تشير داليا الحمزاوى، الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء الأمور فى مصر، إلى أنه لا يمكن القول أننا أمام ظاهرة، بل العنف فى المدارس لا يزال حالات فردية زادت ملاحظتها بسبب زيادة حضور الطلاب للمدارس عكس السابق. وذلك يرجع إلى ربط الطلاب بأعمال السنة ودرجات التقييمات، ولكن لا بد من وقفة ودق ناقوس الخطر لمواجهة تلك الحالات حتى لا يتفاقم الوضع، مؤكدة أن مواجهة المشكلة ليست مسئولية جهة واحدة، بل هى مسئولية مشتركة بين البيت والمدرسة والإعلام أيضًا.

وتقول: «إن هناك دورًا للأسرة فى متابعة الأبناء وتقويم سلوكياتهم دون الانشغال بتوفير الاحتياجات المادية فقط. وفى المدرسة لا بد من تفعيل الأنشطة داخلها لتفريغ طاقات الطلاب بشكل إيجابى، والعمل أيضًا على زيادة الإشراف لمنع وقوع المشاكل بين الطلاب». 

وتوضح أن للمعلمين دورًا كبيرًا، فلا بد أن يكونوا ملمّين بمهارة إدارة الصف وكيفية التعامل مع الأنماط المختلفة من الطلاب، والاهتمام بتفعيل لائحة الانضباط المدرسى، والاهتمام بوجود كاميرات مراقبة تغطى المدرسة لمراقبة سلوكيات الطلاب والتدخل فى الوقت المناسب.

وتشدد الحمزاوى على أهمية تفعيل دور الأخصائى الاجتماعى بالمدرسة لرصد السلوكيات غير المنضبطة، ومحاولة تقويمها بمساعدة الأسرة. وأخيرًا، دور الإعلام لا بد أن يحد من مشاهد العنف فى الدراما التى يتأثر بها المراهقون خاصة، وكذلك تصوير البلطجى أنه نجم، مما يسهم فى تكوين قدوة سلبية للأبناء، مؤكدة أهمية إنتاج برامج وأفلام موجهة للأبناء بلغة مناسبة لهذا الجيل، يكون فيها الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الكريمة.

وتنوه بأن الكتاب الدورى الأخير تضمن حزمة من الإجراءات الحازمة التى تعزز من بيئة تعليمية آمنة. وهذه الخطوة انتظرها أولياء الأمور منذ وقت طويل. نتمنى أن تمتد هذه الإجراءات لتشمل أيضًا المدارس الحكومية، لأن السلوكيات المنحرفة لا تقتصر على نوع معين من المدارس، فالمدارس الحكومية تضم النسبة الأكبر من طلاب مصر، والطالب فى المدرسة الحكومية يستحق نفس معايير الأمان داخل المدرسة».