الخميس 1 يناير 2026
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر لا تعرف  مذاهب أو طوائف

مصر لا تعرف مذاهب أو طوائف

لا أحد يختلف على النوايا الطيبة التى تقف وراء القرار 346 لسنة 2025 الذى أصدره وزير العمل محمد جبران بشأن أعياد المسيحيين، وهو يمثل خطوة جديدة على نهج المواطنة المتساوية الذى تنتهجه الدولة المصرية منذ نحو عشر سنوات، والذى ترتب عليه حل أو التخفيف من حدة العديد من المشكلات التى كانت تسبب غصة فى نفوس المسيحيين، وتشعرهم بالتمييز والتفرقة مثل بناء وترميم الكنائس، والتمثيل البرلمانى، وشغل الوظائف العليا، بالتأكيد هناك طفرات مهمة حدثت فى هذا السياق، ونتائج ملموسة لا يمكن لأحد إنكارها أو تجاوزها. 



ورغم النوايا الطيبة التى أحاطت بالقرار الوزارى المشار إليه والتى تتمثل فى إعادة التأكيد على حصول الأقباط على عطلة رسمية فى الأعياد المسيحية ولاسيما عيد القيامة، إلا أنه صادف عدم ارتياح واسع فى الأوساط المسيحية، بل والعامة لعدة أسباب:

-1 استخدام مصطلح الإخوة المسيحيين فى القرار، لا يتماشى مع مبادئ الدولة الحديثة، وكان ينبغى أن يكون المصطلح المستخدم هو المواطنون المسيحيون، ولاسيما أن المواطنة هى أساس العهد السياسى الحالى، دستوريا وسياسيا. 

-2 الدخول فى تفاصيل مذهبية لا ينبغى أن تشغل صانع القرار أو يتدخل فيها، مثل تقسيم الأعياد المسيحية وفق المذاهب المسيحية، الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، أى تقسيم المسيحيين إلى طوائف، وهو توجه مستحدث لم يلق قبولا من المصريين، مسيحيين ومسلمين، ويكفى النظر إلى التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعى للوقوف على ذلك. 

-3 تقسيم تفاصيل الأعياد حسب الطوائف لا يناسب الواقع، ولا يتفق مع ممارسة الصلاة فى كل كنيسة، فمثلا يعتبر القرار رأس السنة عيدا للبروتستانت والكاثوليك دون الأرثوذكس، ولا يعتبر خميس العهد وأحد الشعانين أعيادا تخص البروتستانت والكاثوليك وهى فى مجملها تقسيمات غير صحيحة، فالجميع له صلوات واحتفالات فى تلك المناسبات، وينتج عن التقسيم المذهبى خلافات وشعور بالتمييز بين الكنائس ذاتها. 

-4 لا توجد أى وسيلة لإثبات طائفة أو مذهب المواطن المسيحى، فلا يدون ذلك أو يثبت فى وثيقة رسمية أو فى أى من مسوغات التعيين فى الوظيفة. 

 -5 استناد وزير العمل فى قراره عام 2025 إلى قرار قديم صادر عام 1953 ينطوى على عدم اعتراف بالتغيرات الإيجابية وغير المسبوقة التى طرأت على المجتمع المصرى، فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تغير شكل المجتمع، وطبيعة العلاقات بين الدولة والمواطنين المسيحيين، والإطار القانونى فى ظل دستور 2014.

وأخيرا فإن القرار، رغم نواياه الطيبة، لم يستوعب أهمية تجاوز الخطابات الطائفية والمذهبية فى دولة موحدة راسخة مثل مصر، خاصة فى ظل حالة التفكك وتصاعد الطائفية على الصعيد الإقليمى التى تواجهها وتحذر منها الدولة المصرية فى دول عديدة مثل سوريا ولبنان والصومال والعراق واليمن والسودان.

من هنا كان سيكون بالتأكيد مصدر بهجة وطنية ليس فقط للمسيحيين، ولكن أيضا للمسلمين أن يصدر القرار بأن يحصل المواطنون المسيحيون، إجمالا دون استدعاء للمذهبية أو الطائفية على عطلة فى أعيادهم الدينية، حسبما جرت العادة والتقاليد وهى أعياد الغطاس، وأحد الشعانين، وخميس العهد، وعيد القيامة، وذلك على اعتبار أن عيد الميلاد هو عطلة رسمية للمصريين جميعا.