الخميس 1 يناير 2026
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قمار النت فى الأرياف

قمار النت فى الأرياف

يمتاز الريف المصرى على مر التاريخ بأنه منبع التدين والأخلاق الحميدة والشهامة والرجولة والتمسك بالعادات والتقاليد والبعد عن كل سلوك خارج عن المألوف، وظل حال الريف المصرى ممتدًا فى جذور التاريخ بأنه يختلف عن الريف فى أى دولة فى العالم بسلوكه القويم وعاداته وتقاليده الراسخة فى وجدان كل أبنائه حتى ظهرت شبكة الإنترنت العنكبوتية والتى وصلت إلى الأرياف وأصبح كل شاب أو فتاة فى الريف يدخل على مواقع النت والتواصل الاجتماعى دون رابط أو ضابط مما جعل سلوك عدد كبير من أبناء الريف يتغير والتغير بالطبع لم يكن للأفضل، بل كان للأسوأ وبشكل كبير فانتشرت جرائم وعادات وتقاليد لم تكن موجودة من قبل ولم يكن يعرفها أحد أو يتخيل أحد أن تتم فى الريف.



ففى الشهور الأخيرة لاحظت فى عدد من القرى المجاورة لقريتى فى الصعيد كثرة حالات الانتحار بين الشباب، خاصة صغير السن ولم يكن هناك أسباب حقيقية معروفة وانتشار حالات سرقة وقتل وعنف غير مبررة، بالإضافة إلى حالات الطلاق وتفكك الأسر بشكل أيضا غير مبرر، لكن الأخطر من ذلك ما تكشف فى الشهور الأخيرة عندما أقبل عدد من الشباب على الانتحار وتم إنقاذهم رغم أن مستواهم الاجتماعى أفضل من غيرهم، نظرا لسفر أولياء أمورهم للعمل فى دول الخليج، وبعد التحقق من السبب تبين أن عددا كبيرا من شباب القرى يحصل على أموال من أبيه أو أخيه الذى يعمل فى الخليج ويقوم بالدخول على منصات القمار العالمية ويقوم بالمغامرة بأموال أبيه أو أخيه الذى يستهلك صحته وعافيته للعمل من أجل توفير حياة كريمة لأبنائه وأهله وذويه إلا أن الابن أو الأخ قرر أن يضارب بهذه الأموال فكانت النتيجة أن عددا كبيرا منهم خسر أموالا طائلة وصلت مع بعض الشباب لأكثر من مليون ونصف جنيه ومنهم من خسر ما يقرب من مليون جنيه ومنهم من باع منزل والده الذى اشتراه له باسمه حتى يكون منزل الزوجية له بعد تخرجه فى الجامعة إلا أنه خسره بعد أن باعه وضارب به على منصات القمار، هذه الحالات انتشرت كثيرا فى القرى والنجوع دون ضابط أو رابط وأصبحت خطرا حقيقيا يوجه المجتمع بعد أن تحول عدد كبير من الأموال التى يرسلها أبناؤنا فى الخارج إلى ذويهم، فيقوم هؤلاء بخسارتها فى منصات القمار العالمية فتعود الأموال للخارج كما جاءت وهى خسارة فادحة.

هؤلاء الشباب يحتاجون إلى توعية حقيقية بعد أن تأثروا بها يشاهدون فى مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت أكثر تأثيرا فى الشباب من رجال الدين ومن رجال التعليم ورجال السياسة وهنا لابد أن ندق ناقوس الخطر من أجل تقويم الشباب منذ الصغر لابد أن تكون هناك مادة للسلوكيات الصحية يتم تدريسها لطلاب المدارس منذ الصغر وأن يتم عمل توجيهات حقيقية من قبل رجال الدين ورجال التعليم، وحتى مراكز الشباب فى القرى والنجوع عليها دور كبير جدا فى عمليات التوجيه لهؤلاء الشباب، ففى الماضى كانت مراكز الشباب تعقد ندوات مستمرة عن خطورة الإدمان وخطر الانتحار والبعد عن القمار وجميع السلوكيات الخاطئة، وكانت هذه الندوات مهمة للغاية خاصة عندما كان يحضرها شخصية مؤثرة سواء رياضية أو فنية أو علمية مشهورة.

نحن نحتاج إلى إعادة بناء سلوك أبنائنا من جديد والتنبيه عليهم بخطورة الانسياق إلى منصات ومواقع الإنترنت الخطرة التى تؤهل فى النهاية إلى فقد الغالى والنفيس.

حفظ الله مصر قيادةً وشعبًا وجيشًا.