الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. ضحكة عينيه

واحة الإبداع.. ضحكة عينيه
واحة الإبداع.. ضحكة عينيه




اللوحات للفنان عز الدين نجيب

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:  

[email protected]


 


قصة قصيرة

ضحكة عينيه


كتبتها – آية رفعت

سرحت مجددًا فى ضحكة عينيه ولمعتها عندما كان يحدثني، منذ بداية عملى معه وأنا مفتونة بها بل ومن قبل أن نلتقي، علمت بانفصاله عن زوجته منذ فترة قبل قدومى للمكتب وذلك رغم وجود حب كبير بينهما ولكنها تركته فى وسط ظروف مادية ونفسية صعبة، كنت أسرح بداخل عينيه واسأل نفسى هل لايزال يكن لها حبًا؟ ولكنها تركته فى ظل احتياجه لها كما أنه ظل شهورًا عديدة يحاول التأقلم على حياته حتى عادت عيناه مجددًا لرونقهما بعدما كان قد أصابها الانكسار لوقت طويل.
أعود لرشدى فجأة فهل لاحظ أحد أننى أطلت النظر له، هل هو نفسه لاحظ عدم انتباهى لحديثه معى وتركيزى فى عينيه؟ لا أستطيع التوقف عن التفكير به فقد ظننت أنه إعجاب عابر بشخصيته الجذابة ولكنى وجدت أغلب المتواجدين حولنا بدأوا فى الحديث معى خاصة مع تقربه لى واعتباره وجودى معه شيئًا يفرحه وأحد مسببات السعادة بالحياة كما قال لي، كل من حولى يحدقون بى ويتهامسون عندما أدخل لغرفة المكتب وأجزم أن وجهى يحمرّ خجلًا عندما يحرجنى بكلمة ثناء على عملى أو أخلاقي.
يا له من شعور قوى يتسلل إلى النفس ويؤكده كل من حولك.. «معجب بك» هكذا فاجأتنى إحدى زميلاتى بالعمل وأضافت أنه لا يحرك عينه من على ويهتم بى أكثر من الباقين وأنه يتحول حزنه لفرح عندما يرانى أدخل إلى المكتب، وأننى السبب فى عودة ضحكة عينيه مجددًا، مضيفة أن هذا الأمر ظهر بوضوح بعدما وقفت بجانبه فى العمل وتحملت كثيرًا معه حتى عاد لانجازاته.. كلام يشعرنى بأن الأمر يختلف عما سبقه من قصص إعجاب وتعلق بأشخاص غير جادين، أو لا يبادلوننى المشاعر ذاتها.. ولكنه الآن واقع وحقيقة ويجب أن اهتم به على المستوى الشخصي.
اليوم سأتقرب منه وأنا كلى ثقة، فيجب أن أحافظ على نعمة الحب التى وهبها الله لى وأنا فى أمس الحاجة لها، كلمات ألقنها لنفسى وارتدى ملابس جديدة وجذابة أمام مرآتي، أضع عطرى المفضل وأنظر لنفسى برضا لأول مرة، فأنا جذابة وفاتنة، نعم أخيرًا أقولها لنفسى بثقة، ودعت جمالى وخرجت من باب المنزل وبكل خطوة قلبى يضيق عندما أتخيل ضحكة عينيه عند إقبالى عليه فهل سيعجب بملابسى وطريقة تصفيف شعري، كيف سيستقبلنى اليوم؟ يجب على إظهار اهتمامى به بدلا من الاكتفاء بالخجل. وعندما أفكر بالطرق التى أتقرب له ازداد خجلًا وتوترًا ويدى ترتعش.
وصلت إلى باب المكتب ووضع يدى المتجمدة عليه وطرقته ثم دخلت، قابلنى بضحكة ولمعة غير طبيعية مما أشعرنى بالخجل أكثر ولم استطع أن اطل النظر بهما بحجة أننى أتحدث له، نظر إلى وقال ما هذا الجمال؟ يا الله كيف سأقوم بالرد عليه، أومأت برأسى وابتسمت خجلًا وأنا أنظر لأسفل.
أتعلمين انى أتفاءل بك؟؟ قالها وهو يقف أمامى على مسافة قريبة.. وأكمل حديثه بعدما نظرت إليه مبتسمة: “نعم أتفاءل بك فمنذ مجيئك إلى العمل هنا انتهت تقريبًا كل مشاكلى النفسية والعاطفية والمادية، أنت ملاك أرسله الله لي، ربما لا نعلم كثيرًا عن بعضنا البعض ولكنى أتمنى وجودك بجانبى طول الوقت.. يا صديقتي!”
هل ما سمعته صحيح؟ قال صديقتي؟ التفت إليه فوجدته يستدير ويأتى لى بعلبة حلوى صغيرة ويقول:»هذه لك فأنا مع دخولك المكتب حلت أزمتى الاقتصادية واعدت الاتصال بطليقتى السابقة وكنا طوال هذا الوقت نتفق على العودة، وأمس فقط اتفقنا على العودة رسميا وسأحصل على إجازة مع بداية الأسبوع المقبل لنجدد شهر العسل، طوال تلك الفترة كنت متأكد من تفائلى بك فكنت أجلس بجانبك باستمرار وارتاح بالحديث معك”
أكمل حديثه الذى لم اسمعه فلقد وقف بى الزمن عند كلمات معينة وكأنى اسمعها خناجر تطعن القلب وتمزقه “صديقتي، عودتنا، أتفاءل بك”، ألم تشعر بي، كيف أعاتبك هل أصرخ بوجهك وأصفعك وأرحل؟ ام أجعلك تفيق، من منا وقفت بجانبك ومن منا تركتك مع اول أزمة؟، لا اهدئى قليلا فهى طليقته والأجدر به.. لا أنا من كُسر قلبى وسرت وراء عشم كبير.
الأعجب أن الحديث بين نفسى وعقلى علا صوته عليه فلا أدرك ماذا كان يقول وربما كان يصف لى سبل عودته لحبه القديم، ولكنى كنت محتفظة بهدوئى وابتسامتى وأهز رأسى وكأنى استمع له، وفوجئت بدموعى تملئ عينى وتسقط. ونظر إلى بتعاطف شديد واقترب منى قائلًا:” هل تأثرتى بقصتنا لهذه الدرجة؟ يا لك من إنسانة رقيقة المشاعر”
اعتذرت منه وذهبت إلى مكتبى لأجفف دموعى سريعا واذ بى أجد من كانوا يؤكدون لى على حبه أمس يعاتبوننى اليوم، فهو لم يقل لى شيئا كهذا، وأنا من سرت وراء الأوهام. وهو رجل وفى ويحب زوجته.. كل هذه الأقاويل جاءت لى فجأة بدون إبداء أية مشاعر أو رد فعل مني، بل وبعضهم نصحنى بترك المكتب لأنهم يخشون على حياته الزوجية مني.. وبرروا موقفهم قائلين:” نحاول الحفاظ على ضحكة عينيه. ألا ترغبين بذلك؟”.