الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كابوس القارة العجوز يتحقق

أثار إعلان شركة “غاز بروم” الروسية الأخير إغلاق خط “نورد ستريم 1” بشكل كامل عن أوروبا، خط الأنابيب الرئيسى لنقل الغاز إلى القارة، الكثير من الارتباكات، فالإعلان جاء قبل يوم من حلول أجل استئناف تدفقات الغاز الطبيعى عبر خط الأنابيب “نورد ستريم 1” الذى يوصل الغاز الروسى إلى ألمانيا، بعد خضوعع لأعمال الصيانة، الأمر الذى يعمق المصاعب التى تواجه أوروبا فى الحصول على احتياجاتها من الوقود. وكانت غازبروم تنفذ بالفعل أعمال صيانة فى الخط فى الفترة من 31 أغسطس إلى الثانى من سبتمبر ما أثار مخاوف بشأن الإمدادات لأوروبا قبل بداية فصل الشتاء إذا تم تمديد وقف الضخ.



وقلصت روسيا التدفقات عبر الخط إلى 40% فى يونيو و20% فى يوليو. وقطعت أيضا الإمدادات عن عدة دول أوروبية مثل بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت التدفقات عبر خطوط أنابيت أخرى منذ إطلاق ما تسميه “عملية عسكرية خاصة” فى أوكرانيا.فى العادة تزود روسيا أوروبا بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب. وبلغت الإمدادات فى العام الماضى نحو 155 مليار متر مكعب.

وتسعى الدول الأوروبية إلى إيجاد إمدادات بديلة، ويشمل ذلك بعض الغاز الروسى الذى أوقفت موسكو ضخه بعد رفض طلب روسيا دفع الثمن بالروبل.

وما زالت دول أخرى، من بينها ألمانيا، فى احتياج إلى الغاز الروسى وتحاول إعادة ملء مستودعاتها قبل حلول الشتاء.

وتشمل الطرق البديلة إلى أوروبا، والتى لا تمر عبر أوكرانيا، خط الأنابيب يامال-أوروبا الذى يمر عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا.

وتبلغ طاقة خط يامال-أوروبا 33 مليار متر مكعب، أى نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعى الروسية لأوروبا، ومنذ بداية العام الجارى تم عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا.

وفرضت موسكو عقوبات على مالك الجزء البولندى من الخط يامال-أوروبا، ومع ذلك، قال وزير المناخ البولندى إن بإمكان بلاده أن تستخدم الخط دون عكس تدفق الغاز فى خط يامال.

وفيما يتصل بنورد ستريم 1، ألقى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية فى التأخير فى عودة معدات خاصة بالخط أُرسلت إلى كندا للصيانة. بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية.

وتعمل النرويج، ثانى أكبر مورد للغاز فى أوروبا بعد روسيا، على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبى فى تحقيق هدفه المتمثل فى إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفورى الروسى بحلول عام 2027.

فيما أبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات فى فصول الشتاء الثلاثة المقبلة، ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسى ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.. ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجانى عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكى إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعى عبر تركيا. ومن جهتها، قالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى المسال إلى الاتحاد الأوروبى هذا العام. لكن مصانع الغاز الطبيعى المسال الأمريكية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدى انفجار وقع فى محطة تصدير الغاز الطبيعى المسال الرئيسية فى تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر.. لدى محطات الغاز الطبيعى المسال فى أوروبا قدرة محدودة أيضا على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين. ألمانيا من بين أولئك الذين يرغبون فى بناء محطات جديدة للغاز الطبيعى المسال وتخطط لبناء اثنتين فى غضون عامين فقط.

قالت بولندا، التى تعتمد على روسيا فى نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. 

وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج فى أكتوبر. كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي. تريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس، لكن فرنسا قالت إن محطات الغاز الطبيعى المسال الجديدة، التى يمكن أن تكون عائمة، ستكون خيارا أسرع وأرخص من عمل خط أنابيب جديد.

يمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة فى إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء:

الطاقة النووية.. الطاقة المتجددة.. الطاقة الكهرومائية.. الفحم.

وتسعى أوروبا للابتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ، لكن أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز.

جدير بالذكر أن إعلان روسيا وقف إمدادات الغاز عبر خط “نورد ستريم 1” إلى أجل غير مسمى، جاء بعد موافقة وزراء دول مجموعة السبع على خطة من شأنها أن تضع سعرًا أقصى لبرميل النفط الروسي، على أن يحقق السعر المقترح ربحا للجانب الروسي، بما يضمن عدم قطع الإمدادات النفطية.

 وجاءت موافقة مجموعة السبع على خطة تحديد أسعار النفط الروسى بعد تحذيرات من مسئولين فى روسيا من أن تطبيق سقف لأسعار النفط الروسى سيمنع الغاز عن أوروبا، كما أنه سيؤثر على سوق النفط العالمى.