مع استمرار الاشتباكات وموجات النزوح نحو رفح
مخاوف دولية من تفشى الأوبئة والمجاعات فى غزة

شهدت الحرب فى غزة بين الجيش الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية المسلحة، أمس الأربعاء، يوماً جديداً من التصعيد والاقتتال، فيما يعيش سكان القطاع مأساة إنسانية كبيرة.
وانطلقت صفارات الإنذار فى إيلات بجنوب إسرائيل أمس، حسبما أفاد تليفزيون «آى 24 نيوز» الإسرائيلى.
وأطلقت صفارات الإنذار فى إيلات وسقوط صاروخ فى عسقلان، واعتراض صاروخى كروز فوق ميناء إيلات.
وانطلقت رشقة صاروخية جديدة تجاه غلاف غزة وصفارات إنذار فى نير عوز وماجين.
ويحاصر الجيش الإسرائيلى مدينة خان يونس الكبيرة فى جنوب قطاع غزة، إذ تجرى اشتباكات هى الأعنف على الأرض منذ بدء الحرب قبل شهرين بينه وبين حركة حماس.
ويشاهد آلاف المدنيين يفرون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محملة بأمتعتهم. وهم باتوا محاصرين فى منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
وقال قائد أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسى هاليفى، فى بيان: «قواتنا تحاصر خان يونس فى جنوب قطاع غزة. لقد سيطرنا على الأمن فى معاقل عدة لحماس فى شمال قطاع غزة ونجرى عمليات الآن ضد معاقلها فى الجنوب».
وأضاف «قواتنا تعثر على أسلحة فى كل الأبنية والمنازل تقريبا وعلى إرهابيين فى منازل كثيرة وتواجههم».
وقالت مصادر فى حركتى حماس والجهاد الفلسطينيتين لوكالة «فرانس برس» إن مقاتليهما يتواجهون فى اشتباكات عنيفة مع القوات الإسرائيلية لمنعها من الدخول إلى خان يونس والمناطق الواقعة شرق المدينة، فضلا عن مخيمات اللاجئين القريبة.
وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، أمس، بمقتل وإصابة العشرات فى قصف إسرائيلى على قطاع غزة.
وقالت الوكالة إن القوات الإسرائيلية واصلت قصفها المكثف على شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، أغلبهم من الأطفال والنساء.
وأفادت إعلام فلسطينى بأن إسرائيل قصفت مدرسة تؤوى نازحين فى جباليا بشمال غزة، ما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى.
وذكر المتحدث باسم وكالة الأونروا كاظم أبو خلف، أن اتصالات الوكالة مع خان يونس جنوب قطاع غزة انقطعت بسبب القصف الإسرائيلي.
وأضاف أبو خلف، الجيش الإسرائيلى أصدر أوامر تطالب المواطنين الذين نزحوا من الشمال وغزة إلى مناطق الجنوب والمحافظات الوسطى بأن ينزحوا مرة أخرى لرفح.
ونقلت الوكالة عن مصادر فى الدفاع المدنى أن عددا كبيرا من القتلى والجرحى سقطوا جراء القصف المتواصل على القطاع «ودفنوا تحت الأنقاض وسط صعوبات انتشالهم».
كما أشارت إلى اعتقال القوات الإسرائيلية 35 من العاملين فى المجال الطبي.
من جانبه، قال مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمس إن هناك خطرا كبيرا من ارتكاب جرائم وحشية فى غزة، وحث الجانبين، إسرائيل وحماس، على الامتناع عن ارتكاب مثل هذه الانتهاكات.
وطالب المفوض بالتحقيق فى الانتهاكات الحقوقية التى وقعت بالأراضى الفلسطينية منذ 7 أكتوبر ومساءلة مرتكبيها، موضحاً أن عدد زملائه الذين قتلوا فى غزة 130، وهو رقم صادم، مشيراً إلى أن المستشفيات محمية وفقا للقانون الدولى، ولكن الغارات استهدفت المستشفيات والمدارس بغزة، وهذا أمر مقلق.
فى سياق متصل، قالت الأمم المتحدة، أمس، إن نحو 85% من سكان قطاع غزة أصبحوا نازحين، بفعل هجمات إسرائيل المتواصلة للشهر الثالث.
وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أن ما يقرب من 1.9 مليون شخص فى غزة، (من أصل 2.3 مليون نسمة)، أصبحوا نازحين داخلياً.
وتم تسجيل ما يقرب من 1.2 مليون من هؤلاء النازحين فى 156 منشأة تابعة للأونروا فى جميع أنحاء قطاع غزة، منهم حوالى مليون سُجلوا فى 99 ملجأ للأونروا فى وسط وجنوب قطاع غزة.
ويقدر أن 191 ألف نازح يقيمون فى 124 مدرسة عامة ومستشفى، وكذلك فى أماكن أخرى مثل قاعات الزفاف والمكاتب والمراكز المجتمعية، وتستضيف العائلات الباقين أو يعيشون فى العراء بالقرب من الملاجئ.
وبحسب الأمم المتحدة، فإنه بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية داخل ملاجئ الأونروا فى الجنوب، حدثت زيادات كبيرة فى بعض الأمراض والحالات المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسى الحادة والتهابات الجلد والحالات المرتبطة بالنظافة، إلى جانب تقارير أولية عن تفشى الأمراض، بما فى ذلك التهاب الكبد الوبائي.
كما أثيرت مخاوف بشأن الفئات الضعيفة من الأشخاص الذين يعانون من الظروف الصعبة، وهذا يشمل الأشخاص ذوى الإعاقة، النساء الحوامل، أو اللواتى أنجبن حديثاً، أو المرضعات، والأشخاص الذين يتعافون من الإصابات أو العمليات الجراحية، والذين يعانون من ضعف فى جهاز المناعة.
وجرى رصد وصول عشرات الآلاف من النازحين إلى رفح جنوب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر، بعد إنذارات الجيش الإسرائيلى بالإخلاء من مدينة خان يونس.
وقالت منظمات إغاثية إن الملاجئ فى مدينة رفح تجاوزت طاقتها الاستيعابية بكثير، ما أجبر معظم النازحين الوافدين حديثاً على الاستقرار فى الشوارع وفى الأماكن الفارغة فى جميع أنحاء رفح.. وحذر برنامج الأغذية العالمى من أن «استئناف الأعمال العدائية فى غزة لن يؤدى إلا إلى تفاقم أزمة الجوع الكارثية التى تهدد بالفعل بإرهاق السكان المدنيين».
واعتقلت القوات الإسرائيلية، أمس، 42 مواطناً فلسطينياً من محافظات الضفة الغربية، بينهم امرأة وطفل.
ووفقاً لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا»، شملت الاعتقالات 20 مواطناً من جنين، و6 من الخليل، و4 من رام الله، و7 من نابلس وبيت لحم، و5 من قلقيلية وطوباس.
من جانبه، قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أمس، إن بلاده ترفض خططا لإقامة منطقة عازلة فى غزة بعد انتهاء القتال فى القطاع، مضيفاً أن مثل هذه الخطة «لا تحترم» الفلسطينيين.
وذكرت قناة «خبر تورك» ووسائل إعلام أخرى أن أردوغان قال، فى حديث مع صحفيين على طائرة عائدة من قطر، إن مستقبل غزة بعد الحرب يقرره الشعب الفلسطيني، وإن إسرائيل يجب أن تعيد الأراضى التى تحتلها.
وقال أيضاً إن الدعم الغربى لإسرائيل، وتحديداً من الولايات المتحدة، هو الذى تسبب فى الوضع الحالى بالمنطقة، وحذر إسرائيل من ملاحقة أعضاء حماس فى تركيا، قائلاً إن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً للغاية مقابل ذلك.