الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أعمال إنجى أفلاطون بين حلم «المتحف» الذى لم يتحقق ومطالبة الورثة باستردادها




كتبت- سوزى شكري

فى السنوات الأخيرة لم يكن غريبا أن نسمع عن قضايا يتم تداولها فى ساحات القضاء خاصة بالفن التشكيلي، منها قضايا إهمال أو ضياع لوحات فنية ذات قيمة تاريخية وتراثية، أو حتى قضايا تزوير لوحات فنية للمشاهيرالفنانين، ولكن هذه القضية التى نعرض لها فى هذا التحقيق ليست قضية سرقة أو تزوير، ولكنها قضية تقصير قد يكون بسبب التراخى أو الإهمال، وقد يكون نتيجة تدنى ميزانية المؤسسة الثقافية الرسمية، ولكنه على أى حال نحن أمام «تقصير» مستمر منذ أكثر من عشر سنوات، فى تنفيذ وصية الفنانه التشكيلية الراحلة إنجى أفلاطون (1924 - 1989)، التى أوصت قبل وفاتها بأن تذهب كل أعمالها الفنية من لوحات تصويرية ومقتنايتها الخاصة من أعمال لفنانين آخرين ومكتبتها وأدوات الرسم وألبومات صورها «هبة» للمصر، على أن يقام متحفا باسمها يضم كل ما تركت، وبالفعل تم تسجيل ذلك فى وثيقة رسمية عام 94، نصت على أن تلتزم وزارة الثقافة بتنفيذ وصيتها.

لكن ما تم تنفيذه بالفعل كان غير ذلك، فقد أقيم فى 2011 متحفا لاعمالها بقصر «الأمير طاز»، عرض به عددا محدودا من الأعمال، وباقى الاعمال حفظت فى مخازن مجمع 15 مايو، ولم يرض هذا المتحف ورثة الفنانة ولم يكن مطابقا لوصيتها، كما أن قصر الأمير طاز تابع لوزارة الآثار وليس لوزارة الثقافة، مما دفع الورثة لرفع قضية ضد وزارة الثقافة لفسخ التعاقد معها واسترادد الأعمال.

لمعرفة باقى تفاصيل القضية التقيت «روزاليوسف» مع المهندس حسن جلال الدين الوريث الوحيد لأعمال الفنانة إنجى أفلاطون، والدكتور الفنان أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية سابقا، الذى قام بإعداد متحف للفنانة بقصر «الأمير طاز»، ومع الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية الحالى، والسيدة شيرويت شافعى صاحبة قاعة «سفر خان» بالزمالك، التى افتتحت منذ أيام معرض استعيادى لأعمال الفنانة.

المهندس حسن جلال الدين الوريت الوحيد لاعمال الفنانه الراحلة إنجى أفلاطون أوضح لنا الآتى: أن عقد رسمى كتب بين الأسرة وبين قطاع الفنون التشكيلية عام 1994 عقد «هبة» بحسب وصية الفنانة أن كل أعمالها إهداء لمصر، وتشمل 248 لوحة بالألوان المائية، 432 لوحة بالالوان الزيتية، و220 اسكتش، ليكون الاجمالى 890 عملاً فنياً، بالاضافة الى عدد 36 لوحة فنية من مقتنيات الفنانة الخاصة واعمال لفنانين آخرين، وعدد 17 صندوقا بداخلها أدوات الرسم (كراسات رسم ومجموعة كتب نادرة بينهم كتب من إصدارتها «80 مليون امرأة معنا» التى كتب مقدمته الدكتور طه حسين عام 1948، و«نحن المرأة المصرية» وغيرها، على أن يتم إقامة متحف بكل الأعمال وتعرض لوحاتها للشعب المصرى التى عبرت عنه فى لوحاتها وتناولت قضايا الفقراء والفلاحين والكادحين ودافعت عن المهمشين.

 وقد علمت بصفتى الوريث الوحيد بعد حوالى 5 سنوات ان الاعمال موجودة فى مجمع 15 مايو التابع لوزارة الثقافة وسوف يخصص قاعات لعمل متحف «انجى افلاطون» ويوضع فيه اعمالها بحسب العقد وبحسب وصيتها، وهو ما لم يحدث، حيث تفضل الدكتور أشرف رضا فى عام 2011 حين كان رئيسا لقطاع الفنون التشكيلية بإعداد قاعة لعرض اعمال الفنانة «انجى»  فى قصر «الامير طاز» وعرض مع الاعمال أدواتها ومقتنياتها، هو بالفعل عرض متحفى راقى ومنظم وبذل فيه مجهود أشكره جدا عليه، ولكن لم يعرض من الاعمال سوى 60 عملاً فقط.

وبصفتنا الورثة لهذا التراث الفني، نخشى على باقى الاعمال التى تم تخرينها فى مخازن الوزارة مما يعرضها للتلف، ورفعت قضية لاسترداد الاعمال بتاريخ 20 إبريل 2011 وطالبت بفسخ العقد مع وزارة الثقافة، وحصلت على حكم واجب النفاذ بفسخ العقد، واستلمت الاعمال بوجود لجنة مشكلة من مجموعة من المسؤلين والفنانين، فيما عدا الاعمال المعروضة فى قصر «الامير طاز» مازالت موجودة بالقصر.

وأكمل: وأقمت معرضا لأعمالها وهو المقام حالياً فى قاعه سفرخان بالزمالك، وعرضنا فيه جزءا من الاعمال مختلفة الخامات ومختلفة تاريخ الانتاج وتمثل فترة مهمة من تاريخها، ولكنى قلق بشان الأعمال المعروضة فى قصرالاميز طاز لأسباب كثيرة منها اولاً: المكان لم يذهب اليه أحد إلا قليل القليل وكثيرا ما ذهبت أجده مغلقا ربما بسبب الظروف السياسية وربما لأن موقعه غير مألوف بالنسبة لزوار المتاحف والمعارض وطلاب كليات الفنون.

وثانيا: قصر «الامير طاز» تابع لوزراة الآثار وليس وزارة الثقافة، فماذا يحدث لو طالبت وزارة الآثار بالمكان لأنه يتبعها ويخصها، فما مصير الأعمال، ورغم أن الاعمال بقصر الامير طاز معروضة بشكل يليق بها، فإنه من الافضل أن تكون فى متحف الفن الحديث، فهذا هو المكان الطبيعى لاعمال الفن التشكيلى، بالاضافة إلى أن الاقبال على زيارة متحف الفن الحديث بالاوبرا أكثر من أى مكان آخر.

الفنان الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق، الذى قام بإعداد وافتتاح متحف إنجى أفلاطون بقصر «الامير طاز» وضح لنا تفاصيل الموضوع قائلا: أثناء تواجدى كرئيس قطاع الفنون التشكيلية عام 2011 كان من المقرر أن يتولى صندوق التنمية الثقافية إعداد متحف إنجى افلاطون، وقمت باختيار الاعمال التى سوف تعرض بالمتحف وشاركنى فى هذا الاعداد زملاء اكفاء من قطاع الفنون التشكيلية، الاعمال كانت موجوده فى مجمع 15 مايو للفنون، وبالتأكيد مجمع 15 مايو موقعه بعيد وغير مؤهل ليكون متحفا بالشكل المناسب فقد تم اختيار مكان آخر هو قاعات قصر «الامير طاز» ليكون متحفا للأعمال، وأعددنا المتحف بحسب المتاح من إمكانيات بالوزارة وافتتحناه تحت عنوان «المعرض الدائم للاعمال الفنانة إنجى أفلاطون» وكان ذلك أثناء تولى الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة.

المتحف يضم لوحاتها التصويرية ومقتنايتها وبعض من ادوات الرسم ومجموعة من ألبومات للصور الفوتوغرافية الخاصة بالفنانة، واختيار قصر «الامير طاز» كان باقتراح من الوزير السابق فاروق حسنى، بعد ثورة 25 يناير انفصلت وزارة الثقافة عن وزارة الآثار وهذا آثر سلباً على ميزانية وزارة الثقافة كما اصبح قصر الامير طاز تابع لوزارة الآثار، ثم علمت أن الورثة طالبوه سحب الاعمال من خلال قضية حصلوا على حكم واسترداد الاعمال، وهذا بالتاكيد من حق الورثة، وما يزعجنى ان مكان المتحف بعيد عن كليات الفنون ودارسى الفن، ولكننا فى كلية الفنون الجميلة نوجه الطلاب باستمرار لزيارة المتحف للاطلاع على أعمال الرائدة انجى افلاطون.

أما الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية الحالى فأوضح الآتى: الفنانة الرائدة القديرة «إنجى افلاطون» تركت لنا ميراثا فنيا وثقافيا وتاريخيا لا يقدر بثمن، وبالتاكيد جميعا فنانين ومسؤلين نأمل ان يكون لدينا الامكانيات والمكان الذى يكفى لكل أعمالها وعرض انتاجها الفنى ليشاهده الشعب بحسب وصيتها، انما اعداد متحف يستوعب هذا الكم من الاعمال يصعب علينا فى الوقت الحالى وخصوصاً اننا منذ ثلاثة أعوام فى حالة عدم استقرار سياسي، فبعض الفنانين الرواد الراحلين تركوا لنا اعمالهم وتركوا ايضا مراسمهم «هبة لمصر» مثل الفنان راتب صديق والفنان عفت ناجى والفنان محمود سعيد وغيرهم كثيرين، لكن وجود جزء من لوحات الفنانة انجى أفلاطون «بقصر الامير طاز» وهما تقربيا 60 عملاً فهذا يعد تنفيذا لجزء بسيط من وصيتها، واتمنى من الورثة ان يتركوا لنا هذه الاعمال لتظل فى المتحف يستفيد منها الاجيال الجديدة من الفنانين. أما السيدة «شيرويت شافعى» صاحبة قاعة «سفر خان» بالزمالك التى يعرض بها جزء من أعمال الفنانة فقد أوضحت لنا الآتى: يؤلمنى كعاشقة للفن التشكيلى أن يتم تخزين أعمال فنان، خصوصاً إذا كان هذا الفنان من الرواد الراحلين الذين ارتكزت عليهم الحركة الفنية التشكيلية المصرية، التخرين ربما يعرض الأعمال للتلف، وعدم رؤيتها تحد من الارتقاء بالتذوق الفنى لدى الجمهور، كنت أتمنى أن تقيم الدولة متحفا كبيرا يخصص لأعمال الفنانة الرائعة التى تستحق منا كل التقدير، فهى ليست مجرد فنانة عادية، حين تركت وصيتها ونصت فيها على أن تكون أعمالها «هبة لمصر» ليشاهدها الشعب المصرى بكل فئاته، وعلمت من الوريث الوحيد لها حسن صلاح الدين ان وزارة الثقافة لم تنفذ ما اتفقت عليه مع الاسرة بالعقد الرسمى مما جعل الاسرة تلجا للقضاء لاسترداد الاعمال.

وقد سعدت جدا بإعداد هذا المعرض المقام اليوم فى القاعة لاعمال «إنجى» وشعرت بهذا المعرض أننى أشارك فى تنفيذ وصيتها ان الاعمال يراها الشباب، لذلك هذا المعرض يعد اعادة نشر لفن انجى افلاطون، وتذكرنا كل لوحة بفترة تاريخية وزمنية، المعرض به مجموعه من الاعمال مختلفه فى تاريخ انتاجها وفى الخامة الوان مائية الباستيل والأحبار ومختلفة فى الموضوع، والمعرض مستمر إلى يوم 14 فبراير.