
د. ايناس الشيخ
الست مش للبيع والرجل مش بنك!
(كأنتيكة) فى مزاد علنى تعرض الفتاة للبيع لمن يدفع أكثر، لم تنظر شروط البيع لقيم أوأخلاق أوتربية، يكفى فقط أن تمتلأ (جيوبك) بما يضمن لك حق الفوز بها!...(كجارية) فى سوق لبيع الجوارى تهدى الفتاة لم يزنها مالًا وذهبًا!.
إنه حال الكثير من الأسر فى مجتمعنا...بعضهم ينظر للفتاة على أنها (رأس ماله) ثروة ، وبعضهم الآخر تدنى مستواه الفكرى فكال الرجل بمكيال المال لا الأخلاق، وهناك نوع آخر ينظر للزواج كهدف صعب المنال بمبدأ (إللى يجى بالساهل بيروح بالساهل), فتقدير العريس لعروسه يأتى من تعبه فى الحصول عليها.
من «خليها تصدي» لـ«خليها تعنس»، حرب إلكترونية أضرمت النيران فى مواقع التواصل الاجتماعى لتتخذ من منصتها منبرًا لإعلان الحرب والمقاطعة، فى حقيقة الأمر لم أكتب مقالى هذا لألقى فيه اللوم فقط على من ارتادوا حملة «خليها تعنس»، لأننى أتفهم كثيرًا الدافع النفسى الحقيقى وراء هذه الحملة من عدم مقدرة الشباب على الزواج، فمنهم من يبلغ من العمر فوق الثلاثين عامًا ولم يستطع توفير ما يعينه على الزواج بسبب غلاء المهور، مع كامل تحفظى على سوء اختيار كلمات «خليها تعنس»، مع كامل تحفظى على عدم نضج بعض الشباب الذين ظنوا أن الفتاة سلعة مثل السيارات للمقاطعة!.
ظنوا أن تكوين بيت وأسرة رفاهية مثل رفاهية ركوب السيارات، ظنوا أن عدم زواج الفتاة عيب فهل ستصدأ مثل صدأ السيارات؟!، ظنوا أن العلاقة الزوجية المقدسة مجال للتنابز والتراشق بالألفاظ، ظنوا أنه من سيرزق هذه الفتاة بالزواج ونسوا رزق ونصيب الله.
فى المقابل ومن المؤسف، أن تجد حملات مماثلة من الفتيات ردًا على هذه الحملة (إللى ممعهوش ميلزموش)!، هل تؤكدين هذا الصدأ الفكرى بأنكِ سلعة؟!، هل معيار الزواج من وجهة نظرك هوالمال فقط؟!.
الفتاة لم تكن عبدة لتهدى لمن يدفع أكثر كما كان فى عصور الجاهلية، الفتاة لم تكن أنتيكة فى مزاد علنى للبيع لمن يدفع أكثر، الفتاة لم تكن سلعة لها تاريخ انتهاء وصلاحية، الفتاة لم تقف على عتبة الزواج كنهاية تحدد صلاحيتها للحياة من عدمه، إنها الملكة المدللة فى بيت أبيها، لا يهديها إلا لمن يدفع رجولته مهرًا لها (فالرجولة هى المهر) ، لم يزدها الزواج إلا أمومة ولم ينقص من كيانها شيئًا.
دائمًا ما تجنى الشعوب حماقة موروثاتها الثقافية والشعبية الخاطئة، ولكن تأصل الثقافة يأتى من كونها قادرة على تقويم الخطأ، نحن بحاجة للنظر فى أمور كثيرة فى ثقافتنا فى الزواج تلك الثقافة التى أورثتنا صدًأ فكريًا خيم على عقولنا، أورثتنا خللًا فى ميزان الحكم على الأشخاص حتى فى أكثر العلاقات قدسية، أورثتنا جهلًا بينًا وضع المرأة فى خانات لا محل لها من الإعراب ولا سقف لها سوى الجهل، خانة (العانس) وخانة (المطلقة) وخانة (الأرملة) ونسوا أن قدوتنا رسولنا الكريم تزوج من الكبيرة فى السن والمطلقة والأرملة.
رسالة مقالى اليوم هى رسالة ديننا الحنيف...
فكما قال رسولنا الكريم ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ).