الخميس 7 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سبينوزا».. الفيلسوف راعى الأخلاق

«سبينوزا».. الفيلسوف راعى الأخلاق
«سبينوزا».. الفيلسوف راعى الأخلاق




كتبت - رانيا هلال


تمر بنا هذه الأيام ذكرى ميلاد الفيلسوف الهولندى باروخ سبينورزا الذى ولد فى عام 1632م فى أمستردام، هولندا، لعائلة برتغالية من أصل يهودى.
كانت تربية باروخ اورثودوكسية، ولكن طبيعته الناقدة والمتعطّشة للمعرفة وضعته فى صراع مع المجتمع اليهودي. درس العبرية والتلمود فى يشيفا (مدرسة يهودية) من 1639 حتى 1650م. فى آخر دراسته كتب تعليقا على التلمود. وفى صيف 1656 نُبذ سبينوزا من أهله ومن الجالية اليهودية فى أمستردام. بعد ذلك بوقت قصير حاول أحد المتعصبين للدين طعنه.
كان سبينوزا تلميذًا نجيبًا وموهوبًا، وتلقى تعليمًا دينيًا فى مدرسة الجالية اليهودية بأمستردام، وعلى الرغم من تعمقه فى دراسة التوراة والتلمود، إلا أنه لم يتم إعداده ليصبح كاهنًا يهوديًا كما اعتقد الكثير من كتّاب سيرته.
فى أواخر الخمسينيات من القرن السابع عشر تعرف سبينوزا على مفكر حر هو لود فيج ماير، وكون معه ومع مجموعة من الأصدقاء المقربين جماعة قراءة ودراسة انصب اهتمامها على دراسة فلسفة رينيه ديكارت. وعندما لاحظت الجماعة براعة وتعمق سبينوزا فى الفلسفة الديكارتية طلبت منه أن يكتب لها ملخصًا شاملًا لها، وهكذا أخرج سبينوزا أول مؤلفاته وهو كتاب «مبادئ الفلسفة الديكارتية». وعندما بدأ سبينوزا من خلال هذه الجماعة فى وضع فلسفته الخاصة بدأت الجماعة فى دراسة فلسفته ومناقشتها معه تاركة فلسفة ديكارت. وفى نفس هذه الفترة بدأ سبينوزا فى تأليف أول عمل فلسفى خاص به وهو رسالة فى تهذيب العقل وفيها تناول سبينوزا طبيعة المعرفة وأنواعها، والسبل المناسبة للوصول إلى الفهم الصحيح لكل ما يمثل خير الإنسان،وذلك عن طريق علاجه من أوهامه وأخطائه وتطهيره بمنهج سليم يستطيع التمييز به بين الأفكار الغامضة والواضحة والأهم من ذلك إثبات وحدة العقل والطبيعة، وأنه ليس هناك أى تناقض بين الروح والجسم والفكر والمادة، تلك الثنائيات التى سيطرت على فلسفة ديكارت.
عندما اكتشف سبينوزا أن النتائج النهائية فى رسالة تهذيب العقل هى إثبات وحدة العقل والطبيعة والقضاء على الثنائيات التقليدية فى تاريخ الفلسفة ترك العمل فى الرسالة واتجه اهتمامه إلى عمل أكثر ميتافيزيقية يركز على العلاقة بين الفكر والوجود والروح والجسد، ولذلك عكف على تأليف رسالة أخرى عنوانها «رسالة قصيرة حول الإله والإنسان وصلاحه فى الحياة» سنة 1661. لكنه سرعان ما توقف عن كتابتها بسبب اعتقاده أن أفكاره لن تنال القبول، وتركها كى ينشغل فى عمل آخر يتناول فيه نفس الموضوعات ولكن بمنهج جديد، اتبعه فى كتابه الرئيسى «الأخلاق» و وهو من أهم الكتب المؤثرة فى الفلسفة الغربية, والذى عارض فيه ثنائية العقل-الجسد للفليسوف رينيه ديكارت. واستغرق منه العمل فى هذا الكتاب سنوات طويلة حتى أكمله سنة 1675، ولم يستطع نشره إلا قبيل وفاته بأشهر سنة 1677 دون وضع اسمه على الكتاب خوفاً من السلطات الدينية. توفّى سبينوزا فى 21 فبراير ـ 1677 وهو بعمر 44 نتيجة أصابته بمرض رئوى.